بين ايديكم المقال الخامس والاخير ، من سلسلة مقالات متواضعة ، اكتبها كمحاولة صادقة لمجرد فهم وتفسير وتحليل الهجمة الممنهجة ، الغير مبررة ، المضللة ، والغير منطقية ، ضد قداسة البابا تاوضروس الثانى.
هجمة وان كانت تبدو ضد البابا الا انها تهدف فى المقام الاول الى شق الصف وانقسام الكنيسة القبطية ، يقودها شخصيات معروفة واخرى مستترة ، بغرض تحقيق مآرب شخصية بحته ، حيث يجندون كتائب الكترونية ، لايدرون ولا يدركون ماذا يفعلون.
كتائب تعمل على تضليل الرأى العام ، يلعبون بالنار التى تحرق الاخضر واليابس.
وليدرك الجميع ، سواء الشخصيات المعروفة أوالمستترة منهم ، ان ابواب الجحيم لن تقوى على كنيسة الله المبنية على الصخر ، وكل من يحاول النيل منها يكون هو الجانى على نفسه ، فان هو سقط على الصخر سيتهشم ، وإن سقط الصخر عليه سيسحقه.
البابا تاوضروس الثانى ، عندما زار البرلمان الاوروبى فى واحدة من زياراته الرعوية ، وكما هو متبع ، سألوا قداسته عن وضع الاقباط المسيحيين فى مصر فأجاب : " تحدث مشكلات كما تحدث فى كل الدنيا ، لكننا نحاول حل تلك المشكلات فى اطار الاسرة الواحدة.
فنحن بلد كبير 100 مليون مواطن ، ومن المتوقع حدوث مشكلات كأى دولة فى العالم.
المهم كيف نعالج تلك المشكلات ، ونحن نتقدم خطوات للمستقبل " اجابة صادقة واعية حكيمة.
قداسة البابا تاوضروس الثانى ، مثل سائر البابوات السابقون يُعلى دائما من شأن مصر.
يرفض بشدة الاستقواء بالخارج.
نذكر له عندما تصدى بقوة لمشروع الكونجرس الامريكى عندما اقترح أعضاء الكونجرس ترميم الكنائس التى دمرها وأحرقها المتطرفون فى اغسطس 2013.
وقال البابا مؤكدا : " الكنيسة لا تطلب حماية من أحد ، لأن الاستقواء يكون بالله وحده.
وليس بالخارج.
" وبالفعل قامت الدولة المصرية باعادة بناء وترميم كافة الكنائس والمبانى المتضررة على أحسن ما يكون.
نفس النهج من الوطنية الخالصة ، لسلفه قداسة المتنيح البابا شنوده الثالث.
وهنا يحضرنى أحد المواقف الوطنية لقداسة البابا شنودة : نقلا عن جريدة " اليوم السابع " فى 13 يناير 2011 والعدد 1139 فى 6 يناير 2011 فى حضور قناتى أغابى (وسى تى فى ) حيث أشار الانبا أرميا
السكرتير الشخصى للبابا شنوده الثالث فى ذلك الوقت ، ان قداسة البابا شنوده الثالث لا يسمح لأى طرف اجنبى بالتدخل فى شئون مصر، واستغلال الاقباط كوسيلة للتدخل فى شئون مصر الداخلية ،
حدث ذلك خلال زيارة السفيرة الامريكية مارجريت سكوبى الى المقر البابوى ، لتقديم واجب العزاء فى ضحايا الهجوم الارهابى على كنيسة القديسين بالاسكندرية ، الذى سقط فيه عشرات الضحايا.
وقال قداسة البابا شنوده للسفيرة الامريكية : " ان الحادث الارهابى لم يستهدف المسيحيين فقط ، وانما أستهدف النسيج الاجتماعى المصرى من المسلمين والمسيحيين ، مؤكدا ان الاقباط لا يعانون من اضطهاد.
وان هذه الحادثة الارهابية أثبتت ان مصر شعب واحد مسلمين ومسيحيين.
وقال قداسة البابا شنودة مقولة قوية للغاية : " اذا كانت أمريكا ستحمى الكنائس فى مصر ، فليمت الاقباط وتحيا مصر ".
لقد توقفت أمام هذه العبارة الخالدة كثيرا !! كما توقفت كثيرا أيضا ، أمام عبارة البابا تاوضروس الثانى التاريخية التى قال فيها : وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن ".
العبارة الخالدة لمثلث الرحمات البابا شنودة الثالث ، تتطابق تماما وتحمل نفس المعنى ونفس المفهوم الوطنى العظيم ، مع العبارة الخالدة التى قالها قداسة البابا تاوضروس الثانى والتى أشاد بها العالم : " وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن ".
العبارة التى انقذت البلاد من الانزلاق الى حرب طائفية مدمرة.
هكذا يتكلم آباء الكنيسة القبطية الكبار العظماء ، يتكلمون بالحكمة والتريث والعقلانية.
هكذا يعرف ويقدر ويثمن آباء الكنيسة القبطية ، قيمه الوطن والمواطنة ، ومدى حبهم واخلاصهم لمصر ، هكذا يُعلِم آباء الكنيسة القبطية العريقة مفهوم ومعنى المواطنة وحب الوطن لكل العالم.
هاجموا قداسة البابا تاوضروس واتهموه بالخروج عن الايمان الارثوذكسى ، حينما سمح لوفد كاثوليكى قادم من الفاتيكان ، باقامة قداس داخل دير السريان بوادى النطرون فى يونيو 2018.
هجوم سافر لا يمكن ايجاد أى مبرر له ، سوى انه هجوم رخيص يؤكد مدى التفكير المتدنى ، وان الهدف هومجرد تلفيق اى اتهام ، حتى لو كان زورا ، وبهتانا وكذبا ، وتدليسا ، بغرض التأثير على عقول البسطاء ، وتشويه صورة البابا بأى شكل ، والعمل على اتساع الهوة بين الطوائف المسيحية.
ان اقامة قداس كاثوليكى فى دير ارثوذوكسى ليس بدعة ولا هرطقة ولا تفريط فى العقيدة ولا خروج عن الايمان.
ان الأمر تقليدى وعادى جدا.
فكثيرا ما أقامت وتقيم وستقيم ، الكنيسة القبطية الارثوذكسية قداسات فى كنائس كاثوليك او كنائس انجيلية فى دول المهجر واوروبا ، باستخدام اللوح المقدس المدشن بالميرون ، اذا دعت الضرورة لذلك .
انتقدوا قداسة البابا عندما قام بزيارة الفاتيكان فى زيارة رعوية مسكونية التقى فيها مع قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان ، وذلك فى مارس 2013.
وقد قام قداسة البابا فرنسيس برد الزيارة ، فى ابريل 2017 ، فكانت زيارة تاريخية ، نالت أهتمام العالم.
وقد استقبلت مصر البابا فرنسيس استقبالا رسميا حافلا كرئيس دينى وأيضا كرئيس دولة.
حيث استقبلة الرئيس عبد الفتاح السيسي وكبار رجال الدولة فى قصر الاتحادية.
وقد اتسمت الزيارة بالصفات الحوارية والرعوية والمسكونية.
فلاشك ان تبادل الزيارات بين الكنيسة القبطية الارثوذكسية والفاتيكان ، يأتى تعبيرا عن قوة وتماسك ووحدة الايمان.
" ليكون الجميع واحدا ، كما انك أنت أيها الآب فى وأنا فيك ، ليكون هم أيضا واحدا فينا " ( يو 17 : 20 ).
ان الوحدة ليست مجرد فضيلة ، او تفاعل انساتى راق ، بل هى أساس لاهوتى بدونها لا يكون الانسان مسيحيا.
لم يسلم البابا تاوضروس من النقد أيضا ، حينما التقى فى أول لقاء تاريخى والاول من نوعه مع العاهل السعودى جلالة الملك سلمان عبد العزيز خلال زيارته للقاهرة.
اللقاء الذى مهد الطريق بكل مودة ومحبة ، ليسافر نيافة الانبا مرقص مطران شبرا الخيمة ، الى المملكة العربية السعودية ، ليقيم اول قداس للكنيسة القبطية الارثوذكسية فى تاريخ المملكة العربية السعودية.
هاجموا قداسة البابا تاوضروس ، واتهموه زوراً وبهتاناً بالتهاون فى الايمان ، لمجرد مشاركته فى اجتماع بطاركة الكنائس الارثوذكسية ( السريان والهند والارمينية ) فى 2018 والى هذه اللحظة لا أعرف ما هو الخطأ فى لقاء بطريرك
الاقباط الارثوذكس مع بطاركة السريان والهند والارمن الارثوذكس ؟؟؟ ألم اقل من قبل ، اناس يتربصون للسقطة واللقطة ؟؟ ويتصدرون فى الفارغة والمليانة !! الهدف تحريك مشاعر الناس البسطاء ، ليصدقوا هذه الاكاذيب وتلك الضلالات.
مجرد سهام مسمومة فى جسد الكنيسة .. حملة مسعورة من خلايا الكترونية لا ترعى ضميرا ولا تستحى خلقا ، مدفوعة من رؤس كبيرة لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة ، يؤازرهم شخصيات مخفية خلف الستار.
ولا يخفى عن القاصى والدانى ان لهؤلاء أهداف خفية ، يسعون لتحقيقها من خلال اشعال حدة الخلافات بين تيارين فكريين داخل الكنيسة ، تيار مستنير غير متشدد يسعى للتنوير وعدم الانغلاق ، وتيار تقليدى منغلق يميل الى الرأى الاحادى المتشدد.
لاشك ان من أخطر الحروب الشرسة التى تهدد امن وسلامة الاوطان ، هدم الرموز الدينية.
خاصة لو كانت رموز وطنية مخلصة للوطن ، ولها دور وطنى فى الحفاظ على وحدة ابناء الوطن الواحد.
فى حديث لقداسة البابا لقناة ( اكسترا نيوز ) بتاريخ 26 يوليو 2020.
قال عن الذين يهاجمونه عبر وسائل التواصل الاجتماعى : " أعلم الكثيرون منهم فى مصر ، الا ان من بينهم شخصا أو اثنين من رجال الاكليروس ، وهى حالة نادرة.
" وأضاف البابا قائلا : " لا أرى تبريرا للهجوم ، ان يخرج شخص ويقتطع كلمة تقال و ( يلوى ) معناها.
فواضح أن وراءها خبثاً وأُناسا منتفعين.
ولدينا بيانات لبعض الناس بأدلة وأماكن ، ولكننا لم نلجأ الى القضاء.
" وعن عدم اتخاذ البابا إجراءات قانونية ضدهم.
رد قائلا : " انتظر ممن يقوم بالهجوم بأن يتوب ويرجع لنفسه ، لأن عواقب الامور خطيرة.
وأحد عيوب السوشيال ميديا انها أعطت للانسان إحساسا بانه يملك الدنيا " هكذا يرد ويتعامل قداسة البابا تاوضروس الثانى ، طيب القلب ، الوديع ، المحب ، المتسامح ، العطوف ، المستنير ، مع كل من يهاجمونه ، بكل العنف وبكل القسوة ، بلا رحمة وبلا
احترام وبلا حياء .الاحباء الذين خارج الصف الذين يتطاولون ويهاجمون قداسة البابا تاوضروس ، عليهم ان يرجعوا للتاريخ ، ويرجعوا لأنفسهم ، ففى التاريخ عبرة ، ودروس مستفادة ، لندرك من التاريخ أيضا ، ما الذى كان يمكن ان يحدث مع هؤلاء الاحباء .