القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

“مخلص العالم”.. أغلى لوحة فنية - صور

ما من فنان عظيم إلا وله قصة مع طفولته والحياة تتعاون في شحن مخيلته بقوة نفسية خاصة .. هذه القوة لها القدرة على الإبداع كما تتداخل ظروف الحياة في تكوين شخصية الفنان منها معاملة المحيطين به والأماكن التي سكن فيها والبيئات المختلفة التي عايشها.

“مخلص العالم”.. أغلى لوحة فنية  - صور

الحديث هذه الأيام عن الفنان العالمي ليوناردو دافنشي (1452 1519) أحد أشهر فناني عصر النهضة ولوحته مخلص العالم التي جذبت أنظار كل محبي الفن التشكيلي، وتقديراً لقيمتها الفنية والتاريخية بيعت بمبلغ 450 مليون و300 ألف دولار في مزاد بقاعة كريستيز

بنيويورك الأربعاء الماضي، وهو رقم قياسي جديد لأسعار الأعمال الفنية لتصبح أغلى لوحة في العالم، حيث تخطى هذا المبلغ لوحة نساء الجزائر للفنان بابلو بيكاسو (1881 1973) أحد أشهر فناني القرن العشرين، والتي بيعت بمبلغ 179.4 مليون دولار في مايو 2015.

تنافس في المزاد أربعة أشخاص بدأت بعشرات الآلاف حتى 250 مليون ثم 260، حتى وصلت 450 مليون و 30 ألف دولار، لتسجل أغلى لوحة فنية وتاريخية، وقد شاهدها 27 ألف شخص في هونج كونج ، نيويورك ، لندن،وسان فرانسيسكو.

تعد مخلص العالم أحد أروع أعمال دافنشي التي جذبت الأنظار ليس فقط لأنها أغلى لوحة في العالم فقط، بل لكونها أبلغ ما وصل إليه إبداع دافنشي في فن البورتريه ، رسم فيها السيد المسيح له المجد رافعاً يده اليمنى مشيراً للسماء وفي يده اليسرى كرة زجاجية تمثل الكرة الأرضية يعلوها صليب أنجزها في أواخر أعماله الفنية.

توافرت فيها كل العوامل التي تجذب أنظار الفن الرفيع لأنها تنتمي إلى إحدى أهم مراحله الفنية الدينية بعد لوحة القديسة العذراء مريم والطفل يسوع المسيح والقديسة حنة رسمها ليوناردو بألوان الزيت، وهي معروضة في متحف

اللوفر بباريس حالياً مع لوحة موناليزا في جناح خاص، كما توجد بين رسومه العبقرية لوحات حائط شديدة الروعة مثل العشاء الأخير ،عذراء الصخور، وغيرها من اللوحات التي تنبض بكل أحلام الإنسان في هذا العالم من حب وسلام بلا متعب.

تصور اللوحة النابضة بالحياة مخلص العالم وهي آخر عمل لدافنشي عن إيمانه الهادئ العجيب بالمسيح، وظهر ذلك من خلال الألوان ونظرة الرب يسوع مشيرا للسماء لأنه بذل نفسه على الصليب من أجل خلاص

البشرية، فقد إعتمد على بصيرته ذات الرؤى العجيبة، وهي التي أضفت على لوحاته غلالة من السحر حيث إلتقت الرؤية بالرؤيا والحقيقة بالخيال، ونقف مبهورين أمام صورة السيد المسيح حيث نظرات

الوداعة الطاهرة والقدسية تشع من عيون الرب يسوع وهو يشير إلى الأبدية في السماوات، إنها تسري في وجداننا وتقوي إيماننا بأن السيد المسيح صلب ودفن ثم قام من الأموات لكي يقيمنا معه للحياة الأبدية.

اللوحة من أهم أعمال دافنشي الدينية لأنها جمعت بين خصائص مراحله الفنية من ناحية الخطوط والمساحات اللونية ،ممثلة في الشكل والحركة بين العناصر الفكرية في فلسفة الفنان ونظرته إلى الحياة الأبدية، سبب

يدعونا إلى التجاوب والتفاعل مع الفنان وخاصة اللون ذو إمتدادات عظيمة وإيحاءات يصعب حصرها، فاللون قوي في بناء الصورة والحركة داخل اللوحة ذاتها، فنجد كل العناصر في اللوحة الحسية والوجدانية والفكرية

بحيث منحت اللوحة القيمة الجمالية والفنية والتاريخية المتميزة، فكانت إبداعاته الفنية والعلمية تعبيراً صادقًا من الفنان لعصره بكل أحزانه وأفراحه، ومذكراته التي كتب فيها ورسم ما بداخله من مشاعر ومعرفة.

والفنان ليوناردو دافنشي أراد أن يعيد للكون في لوحاته رونقه المفقود من خلال عبقريته المتعددة الجوانب، وكيف إنفرد بين فناني العالم وفن عصر النهضة بأنه من دعائم الفن

والواقع معًا، أطلق عليه المؤرخون والنقاد لقب جنتلمان عصر النهضة لأنه أحب الفن والعلم طوال حياته، عاش راهبًا في معبد المعرفة والإبداع وأحب الحرية ورحابة الأفق بنى

قصورًا من تصميمه وأجاد تنظيم المهرجانات وتصميم المسارح وديكوراتها، وأتقن تخطيط وحفرالترع، وأعد تصميمًا لطائرة يحلق بها فوق فينيسيا، ابتكر آلة موسيقية وعزف عليها الألحان.

لم يترك أي ميدان للعلم أو الفن في عصره إلا وكان مبدعًا فيه مع شعلة موهبته الفنية، فكان عملاقًا في كل مجال أضاف إليه الجديد، فأصبح الفنان الأسطورة دافنشي معتزًا بفنه، عارفًا قدر تلك الرائعة التي أبدعها في أواخر أيامه، من قال أن العباقرة تنتهي سيرهم بعد وفاتهم.

وطنى
22 نوفمبر 2017 |