Our App on Google Play Twitter Home أبحث

تفسير الاصحاح الرابع والثلاثون من سفر التثنية للقمص تادري يعقوب ملطى

موسى على جبل نبو

هذا هو الفصل الختامي، فبعد أن قدَّم موسى النبي الثلاثة أحاديث الوداعية ثم النشيد الختامي والبركة لكل الأسباط صعد إلى جبل نبو "فسجة" Pisagh ليتطلع على أرض الموعد التي وعد بها الله آباءه، ثم أسلم الروح حسب قول الرب، وقام الرب نفسه بدفنه في قبر غير معروف [5-6]. حزن الشعب عليه جدًا، فقد تنيح ذاك الذي كان يتحدث مع الله كما يكلم الرجل صاحبه، "وجهًا لوجه" [10].

1. موسى على جبل نبو [1-6].
2. نضارة موسى [7].
3. أيام بكاء مناحة موسى [8].
4. يشوع خلف موسى [9].
5. الخاتمة [10-2].

line

1. موسى على جبل نبو:


"وصعد موسى من عربات موآب إلى جبل نبو إلى رأس الفسجة الذي قبالة أريحا،
فأراه الرب جميع الأرض من جلعاد إلى دان.
وجميع نفتالي وأرض افرايم ومنسى وجميع أرض يهوذا إلى البحر الغربي والجنوب والدائرة
بقعة أريحا مدينة النخل إلى صوغر.
وقال له الرب: هذه هي الأرض التي أقسمت لإبراهيم واسحق ويعقوب قائلاً لنسلك أعطيها.
قد أريتك إياها بعينيك ولكنك إلى هناك لا تعبر.
فمات هناك موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول الرب" [1-5].

عين الله لموسى الموضع الذي فيه يموت (تث 32: 49-50). ترك الشعب في سهول موآب وصعد كأمر الرب إلى جبل نبو إلى قمة الجبل في منطقة تدعى رأس الفسجة. يبدو أن "فسجة" هو اسم كان يطلق على قمم بعض الجبال. إذ اعتاد موسى أن يلتقي مع الله على الجبل لاستلام الشريعة، لذا حتى موته تَم على جبل "نبو"، أي على مرتفع عالٍ، ليرى بالإيمان ما وعد الله به آباءه وما يتحقق مع شعبه فيفرح وتتهلل نفسه كأنه قد نال الوعد بنفسه.

الفسجة معناها "المكسورة"، أي كسر يظهر في قمة جبل، وقد يكون الاسم لقمة جبل أوشا.

كان موسى من وجوه كثيرة خادمًا نموذجيًا للرب، وكان شعاره "كما قال الرب".

لم يرتبك موسى حين صدر له الأمر بذلك، بل حسب الموت عطية إلهية، إذ أكمل رسالته وانطلق إلى الله مرسله. عرف النبي المكان الذي فيه تُطلب نفسه، ومع هذا لم يتحاشاه بل صعد إليه بكامل حرية إرادته، وربما كان متهللاً لأنه أكمل رسالته بسلام، وحسب الموت صعودًا. صعد إلى أعلى منطقة هناك وحده دون معاونة أحد. وكان شيخًا في المائة والعشرين من عمره. ولم يكن أحد قط في صحبته.

لم يره أحد وهو يموت، إما لأن الله لم يرد أن يكشف عن موضع جثمانه، خشية أن يبالغ اليهود في تكريمه. أو لعله أراد أن يؤكد أن أولاد الله لا يحتاجون إلى عون بشري في لحظات خروجهم من العالم، إذ أن الله نفسه يكون لهم عونًا.

تطلع موسى النبي من الجبل إلى أسفل ليرى كنعان، أرض الموعد، فتتهلل نفسه من أجل تحقيق الوعود الإلهية، ورفع بصره إلى فوق ليرى كنعان السماوية.

حقًا لم تكل عينا موسى وهو في المائة والعشرين من عمره، لكن رؤيته لكل أرض كنعان من الجبل لا يمكن أن تكون بقدرة طبيعية، إنما وهبه الله هذه الإمكانية لكي تفرح نفسه مع ما سيتمتع به شعبه في القريب العاجل.

يلقب هنا موسى العظيم في الأنبياء وأول قائد للشعب بعبد الرب أو خادمه [4]. هذا اللقب يشير إلى صاحب مركز خاص يتمتع به الشخص كمن يعمل في بلاط ملك الملوك، وله مكانة خاصة لدى الله. تمتع بهذا اللقب أيضًا إبراهيم أب الآباء (تك 26: 24)، ويشوع بن نون (يش 24: 29)، وداود أول ملك بار لشعبه (2 صم 7: 50)، كما حمل الأنبياء شهود الحق ذات اللقب (2 مل 9: 7).

لم يقف الأمر عند أشخاص معينين بل يشتهي الرب أن يكون لكل عضو في كنيسته دوره الشخصي الحيّ، لذا دعي إسرائيل بهذا اللقب (إش 41: 8). إنه يود أن يحرك حتى الغرباء ليُحققوا إرادته المقدسة ورسالته، فدعي ملكًا غريبًا بهذا اللقب (إر 25: 9).

أما وقد صار كلمة الله المتجسد نفسه "عبد الرب" له أربع تسابيح تدعى "تسابيح عبد الرب" (إش 42: 41)، فإنه يود كل نفس أن ترتبط به لتنال كرامته وتتمتع بتسابيحه الخلاصية. وقد سبق لي الحديث في شيء من التوسع عن "عبد يهوه" أو "عبد الرب" في تفسير سفر إشعياء[318].

حتى مجيء كلمة الله المتجسد لم يقم نبي أعظم من موسى، أما وقد جاء الابن ذاته، فلم تعد هناك مقارنة بين الابن صاحب البيت وبين العبد خادم البيت (عب 3: 1-6).

"ودفنه في الجواء في أرض موآب مقابل بيت فغور،
ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم" [6].

دفنه الرب نفسه، ربما بواسطة ملائكته الذين قاموا بحفل رقاده ودفنه. اهتم الله بجثمان موسى، فإن موت الأبرار عزيز لديه. لم يدفنه مع آبائه، إنما في أرض موآب في موضع لا يعرفه إنسان. هكذا وإن كان الله يهتم حتى بجثماننا، إلا أنه ينبغي ألا ننشغل بالموضع الذي ندفن فيه.

كتب ريباريوس Riparius كاهن Aquitane للقديس جيروم بخصوص مقاومة فيجلانتيوس Vigilantuis الذي كان يحارب تكريم رفات القديسين والسهر في أعيادهم، متطلعًا إلى هذه الرفات كأشياء دنسة. وأجاب عليه القديس جيروم مقدمًا أمثلة كثيرة من العهدين عن تكريم أجساد الراقدين في الرب. جاء في رسالته: [إني أسأل فيجيلانتيوس: هل رفات بطرس وبولس دنسة؟ هل كان جسد موسى دنسًا، هذا الذي قيل عنه – حسب النص العبري الصحيح – أن الرب نفسه قد دفنه؟[319]].

قارن القديس جيروم[320] بين موت موسى وموت يشوع، موضحًا أنه في موت موسى النبي حدثت مناحة، أما في موت يشوع فلم يحدث ذلك (يش 24: 30). فإن كان موسى يرمز لليهود الذين تحت الناموس، فإن يشوع يرمز للمسيحيين تحت قيادة يسوع. خلال الناموس يحل البكاء كما بالليل، وبيسوع يحل السرور كما بالنهار (مز 30: 5).

قيل: "تولول موآب على نبو" (إش 15: 2). الجبل الذي صعد عليه موسى النبي لينظر من بعيد أرض الموعد فتتهلل نفسه، كان يمثل مركز دفاع للموآبيين. الموضع الذي تهلل فيه موسى ولول الموآبيون. ما يفرح قلب المؤمن يحطم نفس الجاحد عديم الإيمان.

ماذا يقول التاريخ عن هذا؟ إن موسى عبد يهوه مات إذ يهوه أصدر أمره، ولم يجد أحد قط قبره، عيناه لم تكلا، ووجهه لم يتجعد. من هذا نتعلم أنه عندما يكمل إنسان أعمالاً عظيمة كهذه يُحسب مستحقًا لاسم سامٍ كهذا، فيُدعى "عبد يهوه"، وذلك كالقول بأنه أفضل من كل الآخرين. فإنه لا يمكن لأحدٍ أن يخدم الله ما لم يصر أسمى من كل أحدٍ في العالم. هذا بالنسبة له هو نهاية الحياة الفاضلة، الغاية التي تتم بواسطة كلمة الله.

يتحدث التاريخ عن "موت"، موت محيي، لا يتبعه قبر، ولا يملأ مقبرة، أو يسبب كللاً للعينين أو شيخوخة للشخص.

ماذا إذن نتعلم مما قيل؟ أن يكون لنا هدف واحد في الحياة، أن ندعى خدام الله بالحياة التي نعيشها. عندما تهزم كل الأعداء (المصريين، عماليق، الأدوميين، والمديانيين)، وتعبر المياه، وتستنير بالسحابة، وتتمتع بالعذوبة بالخشبة، تشرب من الصخرة، وتذوق الطعام الذي من فوق، وتصعد الجبل خلال الطهارة والقداسة، وعندما تبلغ ذلك، وعندما تنال تعاليم خاصة بالسرّ الإلهي بصوت الأبواق، وتقترب إلى الله بإيمانكم في الظلمة التي لا تُخترق، وهناك تتعلم أسرار خيمة الاجتماع وكرامة الكهنوت.

 وعندما تكون المثال تنحت في قلبك التعاليم الإلهية التي تسلمتها من الله، وعندما تحطم التمثال الذهبي (أي عندما تنزع من حياتك شهوة الطمع)؛ وعندما ترتفع إلى العلويات حتى أنك تظهر أنك تصد سحر بلعام (تفهم السحر الخدّاع الماكر للحياة، الذي به ينسحب الناس ببعض فلسفات شيشرون فيتحولون كما إلى حيوانات غير عاقلة ويتخلون عن طبيعتهم اللائقة بهم)؛ وعندما تبلغ كل هذه الأمور، وتزهر عصا الكهنوت فيك، فلا تسحب أية رطوبة من الأرض، بل يكون لها قوتها الفريدة للإثمار.

(أي اللوز الذي في البداية يكون طعمه مُرًّا وخشنًا لكنه يحوي في الداخل ما هو حلو وصالح للأكل، عندما تحطم كل ما يضاد ما يليق بك كما ابتلعت الأرض داثان، واحترق قورح بالنار، عندئذ تقترب من الهدف. أقصد الهدف الذي من أجله تصنع كل الأمور[321].
القديس غريغوريوس أسقف نيصص

line

2. نضارة موسى:

وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات،
ولم تكل عينه، ولا ذهبت نضارته" [7].

في المزمور 90 يقول موسى النبي: "أيام سنيننا هي سبعون سنة، وإن كانت مع القوة فثمانون سنة وأفخرها تعب وبلية" (مز 90: 10). كيف يقول هذا وقد عاش هو 120 سنة، إلا لأنه حسب أن أيامه انتهت عند الثمانين مع القوة، وإما الأربعين عامًا فهي هبة من الله له، حيث كان في حكم الموت ووهبه الله الحياة لكي يخدم لحساب ملكوته؟!

عاش موسى 120 سنة ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته، إشارة إلى تمتع المؤمن باستنارة دائمة وشبوبية دون أن تُصاب نفسه الداخلية بالعمى أو عجز الشيخوخة (مز 103: 5). المسيحي الحقيقي لا يعرف إنسانه الداخلي الشيخوخة، بل يجدد الروح القدس مثل النسر شبابه.

لم تكل عينه مثل اسحق (تك 27: 1) ويعقوب (تك 48: 10). ولا ظهرت عليه علامات الشيخوخة، بل كان جسمه ناضرًا كشابٍ مملوء قوة وحيوية. إن الوجه الذي صار لامعًا بانعكاس بهاء الله عليه (خر 34: 30) لن تصيبه شيخوخة الضعف.

+ لا تكل العين ولا يشيخ الإنسان. فإنه كيف يمكن للعين التي هي في النور على الدوام أن تكل بواسطة الظلمة التي انفصلت عنها على الدوام؟ الإنسان الذي بكل وسيلة يبلغ إلى عدم الفساد في كل حياته لن يصيبه فساد في ذاته. لأنه بالحق من يصير أيقونة الله، والذي لا ينحرف بأية طريقة عن السمة الإلهية يحمل في نفسه العلامات المميزة لها ويظهر في كل شيء أنه على شاكلة الأصل، يحمل نفسه بما هو غير فاسدٍ ولا متغيرٍ، ولا يشترك في أي شر نهائيًا[322].
القديس غريغوريوس أسقف نيصص

line

3. أيام بكاء مناحة موسى:


"فبكى بنو إسرائيل موسى في عربات موآب ثلاثين يومًا،
فكملت أيام بكاء مناحة موسى" [8].

ويقول ترجوم يوناثان أن الرب أناط بميخائيل رئيس الملائكة حفظ قبر موسى.

إن كان الله قد دفن موسى، وقد أقيمت له جنازة فريدة ملائكية، لكن الله لم يمنع الشعب من التعبير عن مشاعرهم، فبكوا ثلاثين يومًا على هذا القائد العجيب.

line

4. يشوع خليفة موسى:


"ويشوع بن نون كان قد امتلأ روح حكمة،
إذ وضع موسى عليه يديه فسمع له بنو إسرائيل،
وعملوا كما أوصى الرب موسى" [9].

كما امتلأ موسى بروح الحكمة امتلأ تلميذه يشوع بذات الروح، بوضع موسى يديه عليه، أي بسيامته. لماذا لم يضع يدًا واحدة، إلا لأنه فعل مثل يعقوب عندما بارك حفيديه إفرايم ومنسى، فوضع يديه على شكل صليب. اليد اليمنى على إفرايم الذي من جهة اليسار واليد اليسرى على منسى الذي من جهة اليمين. هكذا نتسلم روح القيادة خلال صليب رب المجد يسوع.

line

5. الخاتمة:


"ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجهًا لوجه.
في جميع الآيات والعجائب التي أرسله الرب ليعملها في أرض مصر بفرعون وبجميع
عبيده وكل أرضه.
وفي كل اليد الشديدة وكل المخاوف العظيمة التي صنعها موسى أمام أعين جميع إسرائيل"

[10-12].

خُتم السفر بالكشف عن عظمة موسى بكونه كان ملاصقًا للرب، يراه وجهًا لوجه، وكما قيل إن الله كان يكلمه كما يكلم الرجل صاحبه (خر 32: 32). لم يتحدث معه خلال رؤى وأحلام، بل حديثًا مباشرًا صريحًا وعلنيًا. كأن سر قوته هو الالتقاء مع الله والحوار معه.

صنع الله على يديه خلاصًا من عبودية فرعون، وأعلن خلاله المجد الإلهي خاصة عندما سلمه الشريعة على جبل سيناء.

توحي هذه الأعداد الختامية بأن كاتبها كان شخصًا متأخرًا عن زمن يشوع. ولعل العازار أو أحد الشيوخ أضافها بعد موت يشوع (يش 24: 31).

كنبي قاد موسى الشعب (هو 12: 13) وسلمهم الاعلان المعطى له (29: 29)،

وأشار إلى المسيح (18: 15). وجهًا لوجه [10]. في كل اليد الشديدة [12]. لم يكن عمل الله عن طريق موسى بالكلام فقط بل بالأعمال التي ما كان يمكن أن تنسى، فالآيات والعجائب التي صنعها في مصر كانت الإعداد الإلهي للعمل الفدائي الأعظم الذي تم في الجلجثة.

الجبال في الكتاب المقدس:


للجبال في الكتاب المقدس مكانة خاصة، فهي المواضع المحببة لله ليلتقي فيها مع شعبه، أو يقدم فيها عطايا وإعلانات خاصة. وعليها نال رجال الله نصرات ضد الشر، أو منها حمل المؤمنون الأخشاب التي يستخدمونها لبناء هيكل الرب. ولعل اختياره للجبال كأماكن لنوال بركات إلهية سماوية، إنما لكي يدعو المؤمن كي يرتفع بقلبه وفكره وكل أحاسيسه عن كل ما هو أرضي لكي يلتقي بالله السماوي.

كان المرتل يرفع عينيه إلى الجبال المقدسة مترقبًا العون الإلهي.

إن كان موسى النبي قد استلم الشريعة الإلهية على الجبل، ورأى كنعان من قمة الجبل، وهناك سلم روحه في يديّ الله الذي اهتم بروحه كما بجثمانه إنما ليؤكد حاجتنا إلى الصعود على "جبل بيت الرب". قيل: "يكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتًا في رأس الجبال، ويرتفع فوق التلال، وتجري إليه كل الأمم (إش 2: 2).

ما هذا هو الجبل إلا شخص السيد المسيح الصخرة الحقيقية التي تفيض مياه الروح على شعبه (1 كو 10: 4)، الجبل الذي رآه دانيال النبي الذي يملأ الأرض (دا 2: 34، 45). يقول القديس أغسطينوس: [الجبل كما تعلمنا الشهادة النبوية هي الرب نفسه[323]]. ويدعونا العلامة أوريجانوس أن نصعد إلى الجبال العالية، قائلاً: [يكفي أنك لا تبقى على الأرض، ولا تسكن الوديان، ولا تبطئ في الأماكن المطمورة[324]].

أهم الجبال المذكورة في الكتاب المقدس هي:


1. جبل أراراط: في تركيا حاليًا، عليه استقر فُلك نوح (تك 8: 4)؛ حيث تستقر الكنيسة التي خلُصت من طوفان العالم في الأعالي، في السماء عينها، إذ ليس لها موضع في الأماكن السفلية.

2. جبل سيناء: أو حوريب، شمال شرقي مصر، حيث استلم موسى النبي الشريعة (خر 19: 2-25). فإننا ننسحب مع موسى على الجبل لننعم باستلام وصيته في أعماق النفس التي يكتبها لا على ألواح حجرية، بل على القلب ذاته بروحه القدوس الناري.

3. جبل عيبال: مقابل جبل جرزيم، وقد أمر موسى النبي أن يُبنى مذبح للرب على هذا الجبل عند دخولهم أرض الموعد. إذ لا يقدر أن يقدم المؤمن حياته ذبيحة حب لله وهو مرتبك بالسفليات.

4. جبل جرزيم: عليه تحدث السيد المسيح مع المرأة السامرية عند البئر (يو 4: 20)، التي تركت جرتها وانطلقت إلى المدينة تدعو كل سكانها ليأتوا ويروا ويسمعوا، فيختبروا ما اختبرته: عذوبة عمل المخلص محب البشرية.

5. جبل نبو: أو الفسجة Pisgab، من عليه تطلع موسى على أرض الموعد، التي رآها بعينيه دون أن يدخلها. إذ كان موسى رمزًا للناموس، فإنه عاجز عن أن يدخل بالمؤمن إلى السماء، كنعان الأبدية، إنما يكشف له عنه من بعيد لكي يرتبط بيسوع (يشوع بن نون) القادر وحده أن يحمله إليها. قيل أن الله دفن موسى على هذا الجبل بيديه، فكان لابد أن يموت الجسد أو الحرف الذي للناموس كي نتمتع بالحياة المقامة في المسيح يسوع خلال الروح.

6. جبل الكرمل: عليه انتصر إيليا النبي على أنبياء البعْل (1 مل 18: 9-42). فمن لا يصعد على جبل الرب لن يقدر أن يحطم إبليس وجنوده وخدامه وكل حيله وكل سلطانه.

7. جبل جلبع: عليه قُتل الملك شاول وأبناؤه في معركة ضد الفلسطينيين (1 أي 10: 1، 8). على الجبال المقدسة يسقط رئيس هذا العالم وينحدر ميتًا.

8. جبل هرون: يمثل الحد الشمالي عند دخول الشعب كنعان (يش 11: 3، 17).

9. جبل الزيتون: عليه قدَّم السيد المسيح حديثه عن مجيئه الأخير (مت 24: 3)، فإنه إذ يزهد الإنسان الأرضيات يصعد كما على جبل الزيتون ليجلس عند قدمي المخلص يستعذب وعده بالمجيء.

10. جبل لبنان: مصدر أخشاب الأرز التي استخدمها سليمان الحكيم في بناء الهيكل الذي في أورشليم (1 مل 5: 14، 18). هكذا تصعد النفس إلى جبال الرب، خشبة الصليب مع عريسها المصلوب؛ فإنه إن لم تُصلب معه لن تستطيع أن تُقيم هيكله المقدس في أورشليم الداخلية، في أعماق القلب.

line

من وحي تثنية 34

هبني عطية الموت!

+ متى تتحقق رسالتي بنجاح،
فأصعد مع موسى النبي واستلم هبة الموت.
ليتني لا أموت وأنا عند سفح الجبل.
بل أصعد إلى قمة الجبل المقدس.
ارتفع فوق كل فكر أرضي وشهوة زمنية.
هناك يلتهب قلبي شوقًا نحو رؤياك.
لست أطلب مكانًا يدفن فيه جثماني،
ولا أطلب إنسانًا يهتم بتكفيني ودفني.
وإن عشت وإن مت فأنا لك.
أنت ترعاني حتى لقائي معك.

+ لتمتد يداك فتعملان خلالي.
وأتلامس مع قيادات الجيل الجديد متهللاً.
أنت هو القائد الحق عبر كل الأجيال.

line
المراجع:
[318] المؤلف: إشعياء، 1988، ص19-21.
[319] St. Jerome: Letter 109:1.
[320] St. Jerome: Letter 60:6.
[321] Life of Moses, 314-317.
[322] Life of Moses, 318.
[323] Sermons on N.T. Lessons 39:2.
[324] In Num. Hom. 3.