Our App on Google Play Twitter Home أبحث

تفسير الاصحاح الثامن من سفر التكوين للقس انطونيوس فكرى

آية 1:" ثم ذكر الله نوحا وكل الوحوش وكل البهائم التي معه في الفلك واجاز الله ريحا على الأرض فهدات المياه "

ثم ذكر الله :

أي فاض الله بمراحمه علي نوح. لذلك تصلي الكنيسة أذكر يا رب كذا.

أجاز ريحا علي الأرض:

كما أجاز ريحًا لشق البحر خر 21:14 أيام موسي. ولأن كلمة ريح وكلمة روح في العبرية كلمة واحدة، فكأن الله وسط مياه المعمودية يهب بروحه القدوس لتقديس أجسادنا (أرضنا) فنتهيأ كأعضاء لجسد المسيح ونصير هيكلًا لروحه القدوس.

آية 3:" ورجعت المياه عن الأرض رجوعا متواليا وبعد مئة وخمسين يومًا نقصت المياه "

ورجعت المياه :

هذه قد تؤكد نظرية أن الأرض هبطت فطمت عليها مياه البحر ثم عادت الأرض وصعدت كطبيعتها فرجعت المياه.

آية 4:" واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال اراراط "

إستقر الفلك علي جبال أراراط = لاحظ أن بداية الحياة الجديدة كانت علي جبل أي حياة سماوية مرتفعة وهذا ما تعطيه المعمودية. وكلمة أراراط تعني مكان مرتفع. وهذا الجبل يوجد في أرمينيا.

آية 5:" وكانت المياه تنقص نقصا متواليا إلى الشهر العاشر وفي العاشر في اول الشهر ظهرت رؤوس الجبال "

تكرر رقم 10 في هذه الآية مرتين مقترنًا بظهور رؤوس الجبال. ورقم 10 يشير للوصايا التي لو نفذناها لظهرت في حياتنا رؤوس جبال الفضائل بل يظهر فينا المسيح نفسه.

الآيات 6-12:

" 6 وحدث من بعد اربعين يومًا أن نوحا فتح طاقة الفلك التي كان قد عملها 7 وارسل الغراب فخرج مترددا حتى نشفت المياه عن الأرض 8 ثم ارسل الحمامة من عنده ليرى هل قلت المياه عن وجه الأرض 9 فلم تجد الحمامة مقرا لرجلها فرجعت إليه إلى الفلك لأن مياها كانت على وجه كل الأرض فمد يده واخذها وادخلها عنده إلى الفلك 10 فلبث أيضًا سبعة أيام آخر وعاد فارسل الحمامة من الفلك 11 فاتت إليه الحمامة عند المساء وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها فعلم نوح أن المياه قد قلت عن الأرض 12 فلبث أيضًا سبعة ايام آخر وارسل الحمامة فلم تعد ترجع إليه ايضا "

الاصحاح الثامن من سفر التكوين

الفلك يشير إلي الكنيسة ويوجد فيها القديسين (الحمامة) والخطاة (الغراب) والغراب يشير إلي الخطية فهو ينطلق إلي حيث الجيف النتنة ثم يعود مرة أخري إلي الفلك يقف خارجه: فخرج مترددًا: أي ذاهبًا وراجعًا. هو لا يدخل إلي الفلك. ولا يمد نوح يده ليدخله كما فعل مع الحمامة. أما الحمامة التي تعلن السلام (غصن الزيتون) فقد عادت وأدخلها نوح. والحمامة لا تأكل الجيف النتنة بل تأكل النباتات لذلك عادت فلا مكان لها وسط الجيف بل تعود لتعلن السلام. وفي المعمودية يُطرد الشيطان (رمزه الغراب) ويحل الروح القدس يعلن السلام ولاحظ أن الحمامة عادت بغصن زيتون. والزيتون نحصل منه علي الزيت وهذا يشير لزيت الميرون الذي به يحل الروح القدس. والحمامة عادت بثمر فالروح له ثمار (غل 22:5). وقد تشير الحمامة للنفس المؤمنة التي تطلب المسيح فيسميها النشيد "حمامتي" (نش 14:2) وهذه النفس لا تجد لها مستقرًا وسط الجيف كالغراب ولكنها تعود لنوح الذي يرمز للمسيح، فهي لا تسترح سوي في يديه. وكما نعرف فالحمام دائمًا يعود لبيته ، لذلك ظهر الروح القدس علي هيئة حمامة يوم حل علي المسيح في معموديته ، فهذا هو عمل الروح فينا , نحن جسد المسيح ، أن يعيدنا دائمًا للمسيح لنثبت فيه. ولاحظ أنها حين ترجع يمد يده ليدخلها. والحمامة خرجت من الفلك ثلاث مرات:-

المرة الأولي: لم تجد لرجلها مقرًا. وهذه تشير للنفس الملتهبة بالروح القدس لا يمكنها أن تعيش وسط الجيف. وتنجذب في غربتها نحو الفلك فتجد يد مسيحها ممتدة لتحملها لحضنه = (الروح يعيدنا للمسيح والمسيح يقبلنا)

المرة الثانية: عادت لتعلن السلام وظهور الحياة الجديدة. ولذلك فغصن الزيتون يشير إلي السلام الذي حدث بين الله والناس. وذلك لأن شجرة الزيتون دائمة الخضرة تمثل الإنسان المملوء سلامًا دائمًا بالرغم من عواصف العالم. والزيت يطفو علي سطح الماء الذي يمثل تيارات تجارب هذا العالم فالمؤمن يطفو فوق ضيقات وإغراءات العالم.

المرة الثالثة: خرجت ولم تعد إشارة لانطلاق الموكب كله إلي الأرض الجديدة. هذه الحالة تشير لانطلاق النفس إلي الأبدية بعد حياة كلها سلام وثمار.

أية 13:" وكان في السنة الواحدة والست مئة في الشهر الاول في اول الشهر أن المياه نشفت عن الأرض فكشف نوح الغطاء عن الفلك ونظر فاذا وجه الأرض قد نشف "

هنا نري نوح يبدأ حياته الجديدة في قرنه السابع بعد أن أنهي ستة قرون (600 سنة) والكنيسة مدة تغربها عن الراحة الحقيقية 6 أيام عمل يعقبها اليوم السابع حين ينزع الرب كل غطاء لنلتقي معه وجهًا لوجه: فكشف نوح الغطاء (راجع 1كو 12:13).

آية 20:" وبنى نوح مذبحا للرب واخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة واصعد محرقات على المذبح "

كما بدأت حياة آدم علي الأرض بذبيحة هكذا تبدأ الحياة الجديدة لنوح بذبيحة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وكان أول ما صنعه نوح بعد خروجه إلي الأرض التي غسلها الطوفان هو أنه أقام مذبحًا. وكأن الكنيسة لا تقدر أن تقدم ذبيحة السيد المسيح (الإفخارستيا) إلا بعد التمتع بالمعمودية. لهذا السبب أيضًا نجد الكتاب المقدس للمرة الأولي يعلن عن إقامة مذبح للرب.

الاصحاح الثامن من سفر التكوين

آية 21:" فتنسم الرب رائحة الرضا وقال الرب في قلبه لا اعود العن الأرض أيضًا من اجل الإنسان لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته ولا اعود أيضًا اميت كل حي كما فعلت "

تنسم الرب رائحة الرضا: فالله كان يري في هذه الذبائح رمزًا لابنه المحرقة الحقيقية التي بها بدأت حياتنا الجديدة مع الله. إذًا ما عمله نوح كان رمزًا لعمل المسيح الذبيحي لكنيسته وصار مذبح نوح رمزًا للصليب الذي صار سببًا لنزع اللعنة عن الأرض. ولذلك نسمع هنا أن الله.

لا يعود يلعن الأرض بطوفان ثانية: لا أعود أيضًا أميت كل حي كما فعلت لكن هذا لا يمنع أن الله يضرب ضربات محدودة لأجل التأديب ولكن الله لن يعود لضربة عامة تشمل الأرض كلها. قال الرب في قلبه: تعبير مجازي يعني نية الله وعزمه أن يفعل شيء.

آية 22:"مدة كل أيام الأرض زرع وحصاد وبرد وحر وصيف وشتاء ونهار وليل لا تزال "

أي مادامت الأرض قائمة فجميع نواميس الطبيعة وظواهرها تظل قائمة بعملها لخدمة الإنسان والله سيبقي علي العالم رغم انحرافاته مت 45:5 ويؤدب محاولًا جذب كل نفس للاستفادة من دمه الذي سال. لكن من يرفض سيهلك.