Our App on Google Play Twitter Home أبحث

تفسير الإصحاح الرابع من سفر التكوين للقس انطونيوس فكرى

بعد أن سقط آدم وحواء حمل نسلهما ميكروب الخطية. وظهر هذا بقوة في الجريمة الأولي التي شهدت قتل قايين لأخيه هابيل. ورأينا نتائج الخطية حسد وبغضة وقتل.إلخ.

آية 1:" وعرف ادم حواء امراته فحبلت وولدت قايين وقالت اقتنيت رجلا من عند الرب "

وعرف أدم امرأته:


هذا هو التعبير المهذب الإنجيلي للمعاشرة الزوجية. وكان آدم من المفروض أن يعاشر زوجته قبل السقوط لإنجاب بنين لكن دون شهوة.

اقتنيت رجلًا من عند الرب: يمكن ترجمتها (اقتنيت رجلًا هو الرب) أو (بمعونة الرب) وهذا معناه أن حواء تصورت أن ابنها هو المخلص أو هي تنسب لله الخلق فهو الموجد الخالق. وهكذا علينا أن ننسب كل نجاح لله.

آية 2:

" 2 ثم عادت فولدت اخاه هابيل وكان هابيل راعيا للغنم وكان قايين عاملا في الأرض "

هابيل:

معني اسمه غير ثابت أو زائل كالبخار وهذا الاسم قد تكون حواء أطلقته علي ابنها بعد أن قتله قايين أخوه فقالت أنه زال كما يزال البخار. أو تكون أسمته هذا الاسم لأنها تيقنت أن كل إنسان مصيره الزوال حسب قضاء الرب. ونلاحظ أن الأسماء غالبًا كانت تطلق علي الإنسان ليس وهو صغيرًا فالعدد كان قليل لا يحتاج لأسماء للتمييز (وهذا سوف نلاحظه في أسماء أولاد قايين). أو لأن حواء تصورت أن قايين هو المخلص الذي أرسله الله وكل ما سواه هو هباء "في 8:3" وكان هابيل راعيًا للغنم وهكذا كان داود، وكان المسيح هو الراعي الصالح. ونلاحظ هنا ورود اسم هابيل قبل قايين.

وكان هابيل.. وكان قايين..: هنا يظهر مفهوم البكورية الروحية والجسدية فقايين هو البكر جسديًا لكنه لشره فقد البكورية فتقدم عليه هابيل (مثل رأوبين وعيسو وغيرهما، فرأوبين فقد البكورية وصارت ليوسف الطاهر، الذى حصل على نصيب البكر المضاعف فى الميراث . وهكذا كان مع عيسو ويعقوب).

وهكذا كان المسيح هو بكر بين إخوة كثيرين. بكر البشرية جسديًا. وكان قايين رمزًا لآدم الأول، بكر البشرية جسديًا، وقد فقد بكوريته ليظهر هابيل الحقيقي السيد المسيح، آدم الثاني والبكر الحقيقي للبشرية. وقايين يرمز لجماعة اليهود الذين حملوا بكورية معرفة الله لكنهم جحدوا الإيمان بالمخلص وتلطخ مجمعهم بسفك دم البرئ، ليأتي هابيل ممثلًا لكنيسة العهد الجديد تضم أعضاء من الأمم، فتحتل البكورية الروحية وتحسب كنيسة أبكار عب 23:12 خلال التصاقها أو اتحادها بالرب البكر. ونلاحظ أن عمل هابيل الرعاية وهذه تشير لمن يدير ويقود طاقات جسده (الغنم) أما عمل قايين الزراعة في الأرض ربما تشير لمن وجه عنايته للزمنيات. لنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت أش 13:22 + 1كو 32:15.

الآيات 3-5:

" 3 وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من اثمار الأرض قربانا للرب 4 وقدم هابيل أيضًا من ابكار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلى هابيل وقربانه 5 ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جدًا وسقط وجهه "

لماذا قبل الله قربان هابيل دون قايين؟

1. ربما أشارت عبارة وحدث بعد أيام: إلي تراخي قايين في تقدمته أو ممارستها بلا حب. وبالرجوع لسفر اللاويين نفهم أن قربانًا للرب: عطية دقيق.

2. ربما أن قايين حين قدم لم يقدم أفخر ما عنده بل من أثمار الأرض وليس مثل هابيل الذي قدم من أبكار غنمه ومن سمانها. فهو قدم أفضل ما لديه.

3. كانت تقدمة قايين من ثمار الأرض وهذه غير قادرة علي المصالحة بين الله والإنسان أما تقدمة هابيل فكانت ذبيحة دموية تحمل رمزًا للسيد المسيح الذبيحة الحقيقية الذي صالحنا مع الآب. وهنا نسأل كيف عرف هابيل التقدمة التي ترضي الآب؟ بالتقليد والتسليم فآدم عرف فكرة الذبيحة التي سترته وعَلَّم أولاده.

4. قايين قدم من ثمار الأرض والأرض ملعونة. وعمومًا فالأرض تشير للجسد (راجع مثل الزارع) وثمار الجسد أو أعمال الجسد. زني عهارة. غل 19:5-21. وهنا ثمار جسد قايين أي نتيجة عرقه وتعبه في أرض ملعونة. وتشير لأعمال البر الذاتي مثل ورق التين. بينما هابيل قدم ذبيحة ليعلن أنه خاطئ ولا سبيل للصلح مع الله سوي بوساطة ذبيحة (شخص ثالث). وهذا هو إيمان هابيل. بالإيمان قدم هابيل ذبيحة لله أفضل من قايين عب 4:11. الإيمان بالمسيح الذبيحة الحقيقية. وكل أعمال الجسد بدون المسيح لا قيمة لها وتصبح غير مقبولة.

5. أعمال قايين كانت شريرة وأعمال هابيل بارة. عب 4:11 أيو 12:3 فالمسيح قال هابيل الصديق.
6. وكيف عرف قايين أن تقدمة هابيل قد قبلت؟

غالبًا بنزول نار من السماء كما حدث في لا 24:10 + 1مل 38:18-40.

وسقط وجهه: أي نكس وجهه وعبسه من الخجل والغيظ. فالخطية تفقد الإنسان سلامه وتحطمه ليعيش في غيظ. وضيق. ويسقط وجهه للتراب عوضا عن أن يرتفع للسماء.

آية 6:" فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك "

الله لم يترك قايين مغتاظا منهارًا بل تقدم إليه بالحب يحدثه ويحاوره قائلًا.

لماذا إغتظت= أي لا سبب لغيظك سوي شر فعلك. ثم يبدأ يضع له أول قانون للتوبة "ارجعوا إليَّ أرجع إليكم" في الآية القادمة.

آية 7:" ان احسنت افلا رفع وأن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة واليك اشتياقها وانت تسود عليها "

إن احسنت أفلا رفع: إن أحسنت أفلا أرفع وجهك من جديد فلماذا تستسلم للغيط.

إن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها= إذا لم ترجع عن طريقك الخاطئة (أي الحسد والغيظ. والحقد) فهناك خطية أعظم وهي القتل وهي رابضة عند الباب (ورابضة تستخدم مع الوحوش فكانت الخطية هي وحش وهذه تشبه خصكم إبليس. كأسد) ونتيجة ضعف الإنسان صار هناك شهوة واشتياق للخطية لكن هناك سيادة عليها. فالإنسان هو صاحب السيادة والإرادة فإن قبلها تسود هي عليه. إن تسللت الخطية للإنسان تستعبده وينحني أمامها بروح العبودية وينحدر من سيء إلي أسوأ. كأنه ينحدر علي تل ودائما الخطية الأسوأ تنتظر عند الباب. وهنا كان الحسد عند الباب وحينما دخل لداخل قلب قايين ظهر الغضب والحقد عند الباب، وحينما دخل الغضب والحقد ظهر القتل عند الباب. ولذلك فالله يحذر حتى لا يستسلم فيظهر الأسوأ.

ونلاحظ أن كلمة خطية وكلمة ذبيحة خطية هي كلمة واحدة. ونلاحظ أيضأ أن الضمير "ها" في هذه الآية يمكن ترجمته "ـه" وبذلك تصبح الآية "عند الباب ذبيحة خطية رابضة وإليك اشتياقه وأنت تسود عليه" هذه رحمة الله والمنقذ لكل خاطئ فلا داعي لليأس حتى لو سقط في الخطية فهناك ذبيحة خطية يمكن الاستفادة منها. وقوله عند الباب يذكرنا بقول السيد المسيح "أنا واقف علي الباب أقرع." ويذكرنا بأن الخاطئ كان يأتي بذبيحة لخطيته عند باب خيمة الاجتماع (لا 4:4). فالمسيح واقف عند باب قلبي يقرع ويدعو للتوبة وما عليَ سوي أن أقبل هذه الدعوة وأذهب للكنيسة (خيمة الاجتماع) معترفًا بالخطية فتنقل خطيتي إلي المسيح الذبيحة الحقيقية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وإذا كان قايين قد قبل أن يقدم توبة كانت قد عادت له بكوريته الروحية ورجعت له السيادة علي أخيه الأصغر ولاشتاق إليه هابيل كأخ أكبر قادر علي أن يمنحه البركة. والله صاغ العبارات بهذا الأسلوب ليمنع حسد قايين ضد هابيل. والله يعلن هنا أن قبوله لذبيحة هابيل لا يعني أن يحرم قايين من بكوريته. (وهذا المبدأ طبقه الإنجيل حين دعا المسيحيين للخضوع لرؤسائهم).

آية 8:"وكلم قايين هابيل اخاه وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله "

وكلم قايين هابيل أخاه:

بعض النسخ تزيد "لنخرج إلي الحقل" إذًا هو كلمه بمحبة زائفة ليخرج معه للحقل كما اعتادوا كل يوم، كما صنع يهوذا مع المسيح، ولكن هذه المرة كان قد أضمر شرًا ليقتله. وهذه الزيادة قد تكون إضافة للشرح من أحد النساخ ونلاحظ أن خطية آدم مهما كانت بسيطة فهي قد فتحت الباب لخطايا بشعة (كراهية وقتل) هنا نجد تطبيق عملي للصراع بين الحية والإنسان، بين الروح والجسد. ونفهم أيضا ماذا تعنى الخطية الجدية ، فقد ورثنا تمرداً داخليا على وصايا الله ، أو قل أننا صرنا نبحث وننفذ ما نريده غير عابئين بما يريده الله ففقدنا الهدف وبالتالي المكافأة وهى مجد الله = " الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله " (رو3 : 23)، ونجد أن هابيل صار أول شهداء هذا الصراع وقايين أول مضطهد لشعب الله بقيادة الحية.

الإصحاح الرابع من سفر التكوين
قايين يقتل هابيل

الآيات 9، 10:

" 9 فقال الرب لقايين أين هابيل اخوك فقال لا اعلم احارس أنا لاخي 10 فقال ماذا فعلت صوت دم اخيك صارخ إلى من الأرض "

ظن قايين أنه قتل أخوه واستراح، ولكن كان سؤال الله له يكشف الجراحات ويفضحها لأجل العلاج. وكما سأل الله آدم حين أخطأ "أين أنت" ، كان سؤال الله لقايين: أين هابيل أخيك. ونجد الله هنا يدفعه للاعتراف والتوبة. وللأسف كان رد قايين لا أعلم، أحارس أنا لأخي رد كله تبجح علي الله وكذب فالخطايا تتصاعد من حسد إلي غضب إلي قتل إلي كذب علي الله إلي بجاحة واستهتار في الرد علي الله. ونجد الله هنا يؤكد لقايين أنه إله هابيل الذي لا ينساه

صوت دم هابيل صارخ إليَ من الأرض: لقد أخفي قايين جسد أخيه، لكنه لم يقدر أن يكتم صوت النفس الصارخة إلي الله، إذ يشير الدم إلي النفس، بكونه علامة الحياة ومن المعزي أن أول من مات ذهب للسماء لأنه كان قديس وبار والله يحتفظ لنفسه بالأبكار وكان موت هابيل هو افتتاح للعالم الآخر لمن يموت. ونري هنا أن كل شهيد للحق تبقي صرخاته تدوي فوق حدود المكان والزمان (رؤ 10:6) وهذه الصرخات تطلب الانتقام. ولكن هابيل كان رمزًا للمسيح فدم المسيح الذي سفكه إخوته اليهود (رمزهم قايين) صار أيضًا يصرخ ولكن طالبًا الشفاعة والغفران والكفارة لذلك هو أفضل (عب 24:12).

line

الآيات 11، 12:

" 11 فالان ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم اخيك من يدك 12 متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها تائها وهاربا تكون في الأرض "

ملعون أنت من الأرض.

تفسيرها فيما بعدها متى عملت الأرض لا تعطيك قوتها فالإنسان في حالته المتدنية كخاطئ لا يفهم سوي الماديات. وهنا الله يشرح له غضبه بهذا الأسلوب أي أنه سيخسر ماديًا. ورمزيًا فالأرض تشير للجسد المأخوذ منها الذي صار بالخطية قفر لا يقدم ثمرًا روحيًا. بل تبعته النفس ففقدت سلامها الداخلي: تائهًا وهاربًا تكون فالنفس التي خضعت للجسد الترابي الأرضي الذي صار قفرًا تعيش فيه بلا راحة ولا سلام إنما في حالة تيه وفزع. وقوله تائهًا ربما تشير أنه في سعيه أن يجد أرضًا مثمرة لن يجد ويظل يبحث ولا يجد. وهاربًا قد تكون من ضميرك وخوفك.

وقايين أول إنسان يلعن ولعنته كانت من الأرض. فالإنسان كان له سلطانًا علي الأرض والآن بعد لعنته لم يعد له هذا السلطان ولأنه لوث الأرض صارت تضن عليه بثمرها. واللعنة جاءت من الأرض التي سال عليها دم هابيل. وإذًا كان دم هابيل يرمز لدم المسيح. إذا من يستفيد من دم المسيح يكون له سبب بركة وخلاص وحياة "رائحة حياة لحياة" ومن يصر علي خطيته يكون له دم المسيح سبب لعنة وموت "رائحة موت لموت" لذلك قال بولس الرسول "فكم عقابًا أشر تظنون أنه يحسب مستحقًا من داس ابن الله.. عب 29:10 ولأن قايين صار ملعونًا صار أولاده يسمون أولاد الناس (تك 2:6) بينما أولاد شيث لهم اسم "أولاد الله".

الآيات 13، 15:

" 13 فقال قايين للرب ذنبي اعظم من أن يحتمل 14 أنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض ومن وجهك اختفي واكون تائها وهاربا في الأرض فيكون كل من وجدني يقتلني 15 فقال له الرب لذلك كل من قتل قايين فسبعة اضعاف ينتقم منه وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده "

هناك عدة احتمالات لرد قايين علي الله

1. ربما نجد هنا بداية توبة وشعور بالخطأ وإقرار بالذنب ولذلك حماه الله من الموت ليعطيه فرصة توبة ثانية، وهذا من طول أناة الله.
2. هي حالة يأس بلا داع من رحمة الله. فالله يتحاور معه ليجذبه للتوبة.
3. هي حالة شعور بالندم ليس كراهية في الخطية وإنما خوفًا من العقاب الأرضي.
4. وسواء هذا أو ذاك فالله الرحوم نجده يبدأ مع قايين بالحب لعله يتوب.
ذنبي أعظم من أن يحتمل= أعظم من أن يغفر (حالة يأس بلا داع).

من وجهك اختفي: يختفي من خجله أو لجهله ظن أنه يمكنه الاختفاء من الله كما فعل آدم أبيه.

كل من وجدني يقتلني: ربما ولد آدم أولاد آخرين لم يذكرهم الكتاب وظن قايين أن أيا منهم يقتله انتقامًا لهابيل. أو هو خاف من أي حيوان أن يقتله فهو خسر سلطانه علي الخليقة أو هو خائف من لا شيء مجرد وهم (هذه الحالة مرض نفسي قد يكون الشيزوفرينيا) وهذا ما يطلق عليه كتابيًا "لا سلام قال الرب للأشرار" فهو لأنه خرج من حماية الله عاش في رعب، فمن ينشق علي الله تقف الخليقة كلها ضده.

كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه= ربما أن قايين قتل دون أن يسمع من الله أن القتل ممنوع لكن الآن فالله يسن تشريعًا بمنع القتل ومن يقتل حتى للانتقام سينتقم منه الله انتقامًا كاملًا: سبعة أضعاف. فالنفس ملك لله وله الانتقام. ولاحظ أن القانون المدني لم يكن قد تم وضعه. فليس من حق أحد أن يقتل دون أن يسمح الله بذلك.

جعل الرب لقايين علامة= لكي لا يقتله كل من يجده. هذه علامة حب من الله ليقتاده للتوبة. وهذه العلامة قد تكون علامة في قايين حتى لا يقتله أحد، هي علامة يراها كل أحد فلا يقتله ليحيا تحت اللعنة وغضب الله، ويصير هو نفسه علامة علي غضب الله علي الخطية. وقد تكون علامة (مثل قوس قزح) حين يراها قايين يثق في حماية الله له من أي شر ونحن نحتمي في علامة الصليب كخطاة لنجد فيه سلامًا وأمانًا ومصالحة مع الله وحياة.

آية 16:"فخرج قايين من لدن الرب وسكن في ارض نود شرقي عدن "

خرج قايين من لدن الرب:

لم يستفيد من كل إعلانات حب الله بل انفصل عنه ولم يعد يتحادث معه وانفصل عن آدم ومذبحه ولم يعد يصلي معهم ولم تعد له مخافة الرب ولا حفظ وصاياه وشرائعه وطقوس عبادته. هنا قايين القاتل اتحد بنسل الحية رمز إبليس الذي كان قتالًا للناس منذ البدء يو 44:8. وخروج قايين من لدن الرب هو خروج النفس من حضن ربها مصدر سلامها.

وسكن في أرض نود: نود تعني التيه أو الاضطراب. وهذا نتيجة الانفصال عن الله وهذا ما حدث مع اليهود (رمزهم قايين) إذ صلبوا المسيح ربهم تاهوا أو تشتتوا هنا وهناك.

آية 17:

" 17 وعرف قايين امراته فحبلت وولدت حنوك وكان يبني مدينة فدعا اسم المدينة كاسم ابنه حنوك "

امرأة قايين هي أخته والله سمح بهذا أولًا ليقيم نسلًا. وحنوك هو الثالث من آدم من ناحية قايين وله نفس اسم أخنوخ تقريبًا السابع من آدم من جهة شيث. وزاد أولاده وأحفاده جدًا فبني مدينة باسم ابنه وهذا طبيعي أن يبني مدينة لكن روحيًا.

1. سجل أن قايين بني مدينة، أما هابيل فكعابر لم يبن شيئًا "فليس لنا هنا مدينة باقية"

2. هو بني هذه المدينة ليحتمي من التيه الذي جلبه لنفسه ويحتمي من قرارات الله وتأديباته فهو مازال خائفًا أن يقتله أحد.

line

الآيات 18-24:

" 18و ولد لحنوك عيراد وعيراد ولد محويائيل ومحويائيل ولد متوشائيل ومتوشائيل ولد لامك19 واتخذ لامك لنفسه امراتين اسم الواحدة عادة واسم الأخرى صلة20 فولدت عادة يابال الذي كان ابا لساكني الخيام ورعاة المواشي21 واسم أخيه يوبال الذي كان ابا لكل ضارب بالعود والمزمار22 وصلة أيضًا ولدت توبال قايين الضارب كل الة من نحاس وحديد واخت توبال قايين نعمة 23 وقال لامك لامراتيه عادة وصلة اسمعا قولي يا مراتي لامك واصغيا لكلامي فاني قتلت رجلا لجرحي وفتى لشدخي24 أنه ينتقم لقايين سبعة اضعاف واما للامك فسبعة وسبعين "

عيراد:قد تعني مدينة أو جحش
حنوك:تعني تعليم
محويائيل:مضروب من الله
متوشائيل:بطل الله
لامك:قوي
عادة:جمال أو زينة في العبرية تشير لشهوة العين. وتعني ظلام في الأشورية.
صلة:ظل في العبرية وظلال الليل في الأشورية.
نعمة:جمال
يابال:جوال يجول البادية
يوبال:موقع علي آلات الطرب
توبال:نحاس
توبال قايين:

صانع نحاس (قايين هنا بمعني صانع وليس بمعني قنية).

توجد بعض ملاحظات علي هذه الآيات

1. نجد هنا في هذه الأسماء والحرف "الجمال والقوة وصناعة الحديد والنحاس وكل هذا لا يوجد فيه خطية لكن لم نسمع أن أحدًا من هذه العائلة كانت له علاقة بالله ولذلك فالجمال بدون أن تكون هناك علاقة مع الله يصبح شهوة ولذة وعبادة للعالم. والقوة بدون الله يصبح فيها افتخار واعتداد بالذات وكبرياء. العالم بدون الله يصبح فساد ونهايته العدم واللاشئ.

2. بعض الأسماء نلاحظ فيها اسم الله ولكنه التدين الظاهري (مثل اليهود) فلم نسمع مثلًا أن هذه العائلة كانت لها مذابح أو عبادة أو خرج منها قديسين.

3. الأسماء مرتبطة بصناعات الأشخاص لذلك يغلب الظن أن الأسماء أطلقت بعد أن يكبر الشخص ويحترف صناعة ما.

4. لامك يعني قوي (هو شاعر بقوته والناس يعرفون عنه أنه قوي) كان له زوجتين عادة بمعني جمال أو زينة وهذه تشير لشهوة العين. فهو يظن أنه في قوته قادر أن يكون له كل ما تشتهيه عينيه. والثانية صلة بمعني ظل فهو حين انشغل بالجمال في العالم وبقوته انشغل عن الحقيقة (السماويات) بظلها (أي الأرضيات). ولذلك نجد في معني الأسماء بالأشورية تكميلًا للمعني أنه عاش في الظلام وظلال الليل.

5. عيراد تعني (مدينة أو جحش) فمن يظن أنه يبني مدينة يحتمي بها من غضب الله يكون له فكر حيواني مظلم والنتيجة أنه يلد محويائيل أي مضروب من الله.

6. لامك باتخاذه امرأتين شابه الهراطقة الذين قسموا الكنيسة (لم تكن له حواء واحدة).

7. توبال قايين صانع النحاس صنع سيوفًا وأعطاها لوالده لامك فافتخر لامك بقوته وبأنه بهذه الأسلحة صار منيعًا لا يستطيع أحد أن يقتله. بل هو ينتقم لمن يلحق به أي إهانة، هو ينتقم للضرر البسيط الذي يلحقه بما هو عظيم.

line

أغنية أو نشيد لامك 24،23

هذه أول قطعة شعرية في الأدب العبري تسمي "أغنية السيف للامك" ونشتم فيها رائحة الإفتخار والإعتداد بالذات والثقة في قوة الإنسان وعنفه. ومعناها أنه أي لامك قتل رجلاً حين جرحه:

قَتَلْتُ رَجُلاً لِجُرْحِي، وَفَتىً لِشَدْخِي : أي قتل فتي لمجرد أنه لطمه أو جرح كرامته فكلمة شَدْخِي تعني كسر الشئ أي أذي لحق بكرامته هي غالباً تشير لإفتخار لامك بقوته وتعاظمه أمامهم. وأنه يفعل هذا في دفاعه عن نفسه لهذا يحسب بريئاً إن قتل إنسان. وإن كان الله ينتقم لقايين سبعة أضعاف ينتقم للامك سبعة وسبعين ورقم 77 هو رقم كامل يشير للإنتقام الشديد. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). أو أنه إذا كان هناك من أراد أن يؤذيه ينتقم منه لامك إنتقاما شديدا. هذه الأغنية تمثل ما وصل إليه الإنسان من صلف وغرور وإعتداد بالذات. هذا الغرور هو إستغلال لطول أناة الله.

وهناك تفسير آخر لهذه الأغنية. أن لامك شاخ جدًا وضعف بصره وكان حفيده يقوده. وبينما هو يصطاد ضرب سهمه خطأ بعد أن أشار له حفيده علي صيد فإذا بهذا الصيد لا يكون سوي قايين الذي قتله لامك دون قصد. وإذ صرخ الحفيد معلنًا قتل قايين ضرب لامك الفتي فقتله (قتل رجلًا (قايين) وفتي (الحفيد). وحين ذاك أدرك أنه لابد وسينتقم منه. لكن إعلانًا أنه برئ من دم قايين فقد قتله دون قصد يقول أن الله سينتقم لقاتله (أي من يقتل لامك) 77 مرة.

لكن الأكثر واقعية هو أنه نشيد الكبرياء والغطرسة.

هذه الآيات نري فيها مجموعة خطايا عائلة قايين:

1. زواج متعدد.
2. تفاخر بالقوة.
3. أسلحة وقوة عالمية وجبروت.
4. انقياد للجمال والشهوة ولذات هذا العالم.
5. البعد الكامل عن الله والانفصال عنه.

الآيات 25، 26:

" 25 وعرف ادم امراته أيضًا فولدت ابنا ودعت اسمه شيثا قائلة لأن الله قد وضع لي نسلا آخر عوضا عن هابيل لأن قايين كان قد قتله 26 ولشيث أيضًا ولد ابن فدعا اسمه انوش حينئذ ابتدئ أن يدعى باسم الرب "

الله لم يترك حواء منكسرة الخاطر لخسارتها قايين وهابيل. بل وهبها شيث = عوض فهو عوض هابيل ويعني أيضًا معين فالله عينه رأسًا لجيل مقدس. وإقامة شيث عوض هابيل تحمل معني امتداد حياة هابيل أي قيامة المسيح الذي قيل عنه يري نسلًا تطول أيامه (أش 10:53) وهذا رأيناه في زيادة أيام حزقيا الملك. وأنجب شيث ابنه أنوش ويعني إنسانًا ضعيفًا هشًا ولكن الله يستخدم الآنية الضعيفة لمدحه وتسبيحه: حينئذ ابتدأ أن يدعي باسم الرب. لذلك دعي أولاد شيث أولاد الله. في مقابل أولاد الناس (أولاد قايين).