Our App on Google Play Twitter Home أبحث

تفسير الاصحاح الثالث عشر من سفر التكوين للقس انطونيوس فكرى

آية 1:"فصعد ابرام من مصر هو وامراته وكل ما كان له ولوط معه إلى الجنوب "

إلي الجنوب: أي جنوب أرض فلسطين. وصعود إبراهيم من أرض مصر يشير لقيام كل خاطئ من سقطته وعدم استسلامه (مي 8:7). ودائما نعود محملين بالبركات.

الآيات 2-5:" 2 وكان ابرام غنيا جدًا في المواشي والفضة والذهب 3 وسار في رحلاته من الجنوب إلى بيت ايل إلى المكان الذي كانت خيمته فيه في البداءة بين بيت ايل وعاي 4 إلى مكان المذبح الذي عمله هناك أولًا ودعا هناك ابرام باسم الرب 5 ولوط السائر مع ابرام كان له أيضًا غنم وبقر وخيام "

إلي بيت إيل:

الله أعاده إلي المكان الذي كان فيه في البداية والله لا يستريح إلا بهذا.

وعودته لبيت إيل :-
1. تعيد له الذكريات الأولي الحلوة مع الله وهذا مفيد جدًا.
2. ربما عودته لبيت إيل كانت لتقديم الشكر لله علي عودته هو وسارة سالمين.
3. هو عاد إلي مذبحه القديم.

غنيًا جدًا: هو خرج من التجربة منتفعًا وغنيًا جدًا وهكذا أولاد الله لا يتوقفوا في نموهم المستمر والدخول إلي الغني الروحي حتى لو تعرضوا لضعفات أو سقطات. وكون إبراهيم كان غنيًا جدًا هذا يعطي رجاء للأغنياء. فالأغنياء لا تكون السماء مغلقة أمامهم إذا لم يتكلوا علي أموالهم وإذا لم تكن أموالهم قد سببت لهم كبرياء. أو أن حب أموالهم دخل إلي قلوبهم وأربك فكرهم. الفارق بين إبرام ولوط هنا أن أبرام كان له

ذهبًا وفضة:

والذهب يشير للسماويات أو الحياة السماوية والفضة تشير إلي كلمة الله. فكأن إبرام كان يحيا حياة سماوية متمتعًا بكلمة الله أو الوصية كسر غني داخلي. فغناه الحقيقي كان داخله وليس خارجه. أما لوط فيمثل الإنسان المتدين الذي له معرفة نظرية بالله ويصاحب من هم في الكنيسة ولكن قلبه مع العالم(غنم وبقر وخيام). وما يكشف كلاهما (قلب إبراهيم وقلب لوط) هو التجارب (النار هي التي تمتحن القش أو الذهب). وهذا ما سنراه بعد ذلك.

الآيات 6-13:

" 6 ولم تحتملهما الأرض أن يسكنا معا إذ كانت املاكهما كثيرة فلم يقدرا أن يسكنا معا 7 فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي ابرام ورعاة مواشي لوط وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الأرض 8 فقال ابرام للوط لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لاننا نحن اخوان 9 أليست كل الأرض امامك اعتزل عني أن ذهبت شمالا فانا يمينا وأن يمينا فانا شمالا 10 فرفع لوط عينيه وراى كل دائرة الاردن أن جميعها سقي قبلما اخرب الرب سدوم وعمورة كجنة الرب كارض مصر حينما تجيء إلى صوغر 11 فاختار لوط لنفسه كل دائرة الاردن وارتحل لوط شرقا فاعتزل الواحد عن الاخر 12 ابرام سكن في ارض كنعان ولوط سكن في مدن الدائرة ونقل خيامه إلى سدوم 13 وكان اهل سدوم أشرارا وخطاة لدى الرب جدا "

كانت التجربة التي كشفت قلبيهما هي المشاجرة بين الرعاة فماذا اختار الاثنين:-

لوط اختار ما يرفع ذاته ويلذذه ولم يهتم بأن يكون جيرانه من الأشرار: فكان أهل سدوم أشرارًا وخطاة لدي الرب جدًا. أما إبراهيم الذي تجرد من كل شيء فقد ترك لوط يختار لنفسه معتمدًا علي الله الذي يختار له، فكان نصيبه سلام قلبي داخلي بل هو امتلك في نسله كل الأرض (مت 40:5). لوط سار مع إبراهيم في رحلة الخروج من أور لكن بقلب مغلق حمل في داخله محبة العالم لكن في خارجه كان يبدو رفيقًا لرجل الإيمان.

 ودعوة إبرام للوط أن يعتزلا كانت من أجل السلام بينهما فيبدو أن لوط لم ينهر رجاله بل ناصرهم وأيدهم وعند الاختيار كان المفروض أن لوط يترك لإبرام الأكبر والأقوى إيمانًا أن يختار لكن إذ بأدب وتواضع وإنكار ذات طلب منه إبرام أن يختار. لم يرد أن يخسر الفرصة فاختار أحسن الأرض. فهذه التجربة كشفت عن قلب إبرام المتغرب عن العالم وقلب لوط المادي. ولقد احترقت كل سدوم وعمورة وذهبت امرأة لوط وفسدت إبنتيه. هذا هو مصير محبة العالم ولكن لا يمكن لنا أن ننكر أنه كانت هناك جوانب طيبة في لوط (2بط 6:2-8) ولقد أثبتت الأثار فعلًا خصوبة أرض سدوم أيام إبراهيم وعجيب أن يكون سكانها بهذا الشر فحين يتنعم الإنسان جدًا ينجذب للشر جدًا، لذلك تكثر كنيستنا من أصوامها.

وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الأرض = بنفس المفهوم السابق. والسؤال هل كان يليق هذا الخلاف بين الأخوة أمام هؤلاء. والسؤال موجه لكل منا. هل يصح أن نتخاصم مع أخوتنا ويشمت فينا الشياطين. لأننا نحن أخوان: إبرام عينه كانت علي الله أما لوط فانغلق علي أنانيته. حينما تجيء إلي صوغر: جاءت في بعض الترجمات صوعن وهي في مصر علي ضفاف النيل فإن كانت هكذا يكون المعني أن الأرض جيدة كأرض مصر. وإذا كانت صوغر فهي بلدة تبعد عن سدوم عدة كيلومترات ذهب لوط لها قبل الحريق ويكون المعني أنه امتلك في الأرض ما بين سدوم وصوغر.

الآيات 17-14:

" 14 وقال الرب لابرام بعد اعتزال لوط عنه ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا 15 لأن جميع الأرض التي أنت ترى لك اعطيها ولنسلك إلى الابد 16 واجعل نسلك كتراب الأرض حتى إذا استطاع أحد أن يعد تراب الأرض فنسلك أيضًا يعد 17 قم امش في الأرض طولها وعرضها لاني لك اعطيها "

نجد هنا بركة الله لإبرام الذي تنازل عن حقه في الاختيار فأعطاه الله الأرض كلها هو ترك قسم فأخذ الكل. ومن اختار لنفسه وسط الأشرار خسر كل شيء. التجارب تزيد المؤمنين قوة وبركة وتكشف أعمال المرائين وتفضحها. وقد يكون النظر للاتجاهات الأربعة إشارة للصليب الذي به سيملك المسيح الخارج من نسل إبرام علي كل الشعوب وقوله قم إمش: يشير لقيامة المسيح، ولشعبه الذي يعمل ولا يتراخ بل يمشي دائمًا في اتجاه السماء.

أجعل نسلك كتراب الأرض: قال له الله هذا في النهار أما وهو يكلمه في المساء فيقول كنجوم السماء (5:15). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). عموما فإبراهيم أب للمؤمنين كلهم يهودًا وأمم. واليهود يشار لهم بنجوم السماء (هم كانوا قبل أن يأتي المسيح شمس البر) ، وأب للمؤمنين بالمسيح من الأمم ، ويشار لهم هنا برمل البحار ، الذي يمكن رؤيته في نور الشمس.

آية 18:" فنقل ابرام خيامه واتى واقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون بنى هناك مذبحا للرب"

بلوطات ممرا: ممرا كان رجلا أموريا كان إبرام ضيفًا عنده ثم اتحد معه بعد ذلك.

بني مذبحًا للرب:

كأنه يقول للرب أنت نصيبي وإن تركني أقربائي "معك لا أريد شيئًا علي الأرض" فهو في الله يمتلك كل شيء. وعند بلوطات ممرا تقابل مع الله وإستضافه مع الملاكين. وعاش في شركة مع الله. حياته كانت رحيل مستمر نحو شركة أعمق مع الله. وأما لوط فكان رحيله إلي سدوم حيث الهلاك وخسارة كل شئ.