Our App on Google Play Twitter Home أبحث

تفسير الاصحاح الرابع عشر من سفر الخروج للقس انطونيوس فكرى

عبور الشعب للبحر الاحمر

الله يسمح للشعب ولأولاده بتجارب قد تبدو قاسية ليروا ذراعه فيؤمنوا. إذاً لنسلم له حياتنا ولنسير حينما وإلى حيثما يأمر الله، حتى وإن قادنا في طريق تبدو خاطئة فالبحر أمامنا وفرعون وجيشه ورائنا والهلاك واضح أمامنا لكن في اللحظة المناسبة ينفتح البحر وفي اللحظة المناسبة يغلق فيهلك فرعون وجيشه.

line

الآيات (2-4): "كلم بني إسرائيل أن يرجعوا وينزلوا أمام فم الحيروث بين مجدل والبحر أمام بعل صفون مقابله تنزلون عند البحر. فيقول فرعون عن بني إسرائيل هم مرتبكون في الأرض قد استغلق عليهم القفر. واشدد قلب فرعون حتى يسعى وراءهم فأتمجد بفرعون وبجميع جيشه ويعرف المصريون أني أنا الرب ففعلوا هكذا."

الله يضعهم في تجربة قاسية حتى يعلموا أن الطريق ليس سهلاً، بل هو طريق جهاد مستمر. والبحر يشير لتجارب العالم أمامنا وفرعون ورائنا يشير لعدو الخير بجنوده ورائنا، حقاً ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة (مت14:7). هو طريق سهر وجهاد وإيمان. لكن لماذا الخوف والله هو الذي يقودنا. والله سمح بهذه الضيقة ليتمجد أمام شعبه لقد شدد الرب قلب فرعون بأن تركه لشهوات قلبه وقساوة قلبه. الله تركه لحريته. وربما لو رأى الشعب أنهم محاطين بالبحر أمامهم وفرعون ورائهم والجبال تحيطهم ولا مفر بل هم هالكين بالتأكيد لظنوا أن الله قد أخطأ وقادهم في طريق خاطئة ولكن الله لا يخطئ فكل شئ بترتيب حتى يتمجد الله أمام شعبه بهلاك مقاوميه.

line

آية (5): "فلما اخبر ملك مصر أن الشعب قد هرب تغير قلب فرعون وعبيده على الشعب فقالوا ماذا فعلنا حتى أطلقنا إسرائيل من خدمتنا."

قد هرب= قيل أنهم هربوا مع أن فرعون هو الذي أطلقهم وربما يكون السبب أن فرعون تصوَّر أنهم سيعودون بعد الثلاثة أيام ولم يتصور هروبهم نهائياً.

line

آية (7): "واخذ ست مئة مركبة منتخبة وسائر مركبات مصر وجنودا مركبية على جميعها."

600مركبة= المعنى الرمزي للرقم هو أن فرعون خرج بكل طاقته البشرية (6×100) لكنهم ليس لهم السمة السماوية مثل شعب الله (600×1000) لذلك فشلوا وهلكوا. وكانت المركبة الحربية يجرها حصانان أو أربعة ولها أربعة جنود، قائد للمركبة ومدافع عن القائد ومحارب أو اثنين داخل المركبة.

line

آية (9): "فسعى المصريون وراءهم وأدركوهم جميع خيل مركبات فرعون وفرسانه وجيشه وهم نازلون عند البحر عند فم الحيروث أمام بعل صفون."

كان جيش فرعون مشاة وفرسان بخيلهم ومركبات. وغالباً فالفرسان والمركبات هم الذين دخلوا البحر وراء الشعب ويفهم هذا من تسبحة موسى "الفرس وراكبه طرحهما في البحر 1:15" وظل فرعون مع المشاة خارج البحر.

line

آية (11): "وقالوا لموسى هل لأنه ليست قبور في مصر أخذتنا لنموت في البرية ماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر."

مع أول ضيقة ظهر نقص إيمان الشعب وروح التذمر فيه وهذا ما كان الله سيعالجه في البرية. لقد اشتاقوا إلى حياة العبودية في مصر ثانية عوضاً عن حياة الجهاد.

line

آية (14): "الرب يقاتل عنكم وانتم تصمتون."

الرب يقاتل عنكم= الله لم يدفعهم للحرب مع فرعون كما فعل معهم في حربهم مع عماليق وغيرهم فيما بعد، لأنهم لم يختبروا بعد المن السماوي ولا الشراب الروحي. هم خرجوا من مصر بلا خبرة في الجهاد. فالله لا يسمح لنا بحرب إلا في حدود إمكانياتنا.

line

آية (15): "فقال الرب لموسى ما لك تصرخ إلى قل لبني إسرائيل أن يرحلوا."

ما لك تصرخ إلىّ= مع أن الكتاب لم يذكر أن موسى قد صرخ بل كان يبعث في الشعب روح الرجاء في الخلاص، لكن كان هناك صراخ في قلبه وسمع الله صراخه لأنه كان أعلى من صرخات الشعب غير المؤمنة والمملوءة رعباً، لكن صراخ موسى كان صراخ المؤمن الذي يطلب من الله أن يتدخل وينقذ شعبه. (وهكذا :سمع الله صراخ إسماعيل الصامت ولم يسمع صراخ الأم (تك17:21)) وهكذا الله يسمع صرخات القديسين الصامتة. والله لم يقل لموسى أن يكف عن الصراخ بل أن يستمر في صلاته ويحرك الشعب= قل لبني إسرائيل أن يرحلوا وبنفس المفهوم نسمع أن هابيل كان دمه يصرخ من الأرض بعد أن مات.

line

آية (17): "وها أنا اشدد قلوب المصريين حتى يدخلوا وراءهم فأتمجد بفرعون وكل جيشه بمركباته وفرسانه."

مهما تشدد أعداء الكنيسة ضدها سيتمجد الله أخيراً. لقد سلك الشعب بالإيمان إذ رأوا البحر أمامهم فإنفتح لهم طريق ونجوا أما الأعداء فرأوا الطريق بالعيان فساروا فيه فغرقوا وهلكوا. وكان عبور البحر رمزاً للمعمودية التي فيها ندفن مع المسيح المتألم ونقوم للتمتع بقيامته. ويهيج إبليس وجنوده وتباد أعمالهم الشريرة ولنلاحظ:

1. قسى فرعون قلبه لكي يهلك الشعب فهلك جيشه. وقسى إبليس أيضاً قلبه فأراد أن يقتل المسيح ويبيد أسمه من كورة الأحياء، وإذ به يهزم ويهلك جيشه. لاحظ أن الكتاب لم يذكر أن فرعون قد غرق بل هو فقد جيشه. وإبليس لم يهلك تماماً بعد الصليب بل فقد قوته فيوم هلاكه في البحيرة المتقدة بالنار لم يأت بعد.

2. رأى فرعون البحر منشقاً فإندفع وراء الشعب ولم يخاف ويرتعب، ورأى إبليس الطبيعة الثائرة في لحظات صلب المسيح ولم يبال بل إندفع ليكمل الصلب.

3. ضرب موسى البحر بعصاه ليهلك جيش فرعون وضرب السيد المسيح إبليس بصليبه ليهلكه.

4. بعد العبور إجتاز الشعب البرية، ونحن أيضاً إذ تمتعنا بعمل الصليب في المعمودية نجتاز برية هذا العالم مع قائدنا المسيح حتى نبلغ أورشليم السماوية. وكما أرسل الله موسى ليخلص الشعب من العبودية هكذا أرسل الآب ابنه ليخلصنا من عبودية إبليس.

line

آية (19): "فانتقل ملاك الله السائر أمام عسكر إسرائيل وسار وراءهم وانتقل عمود السحاب من أمامهم ووقف وراءهم."

عمود السحاب يرمز للروح القدس الذي يقود المسيرة. لأن خيمة الاجتماع كانت ترمز للمسيح وسط شعبه. ولأن السحابة ترمز للروح القدس الذي يعطي ماءً للإثمار والنار ترمز للروح القدس فهو حل على التلاميذ بهيئة ألسنة نار. وهذا يتضح من هذه الآية فهناك ملاك الله. وهناك عمود السحاب= فإنتقل ملاك الله. وإنتقل عمود السحاب فكل إقنوم له عمله في المسيرة. ولاحظ أن الشعب تعمد في السحاب (1كو2:10) وهذا عمل الروح القدس. وملاك الله هو الأقنوم الثاني، ونرى عمله في آية (24)

الاصحاح الرابع عشر من سفر الخروج

آية (20): "فدخل بين عسكر المصريين وعسكر إسرائيل وصار السحاب والظلام وأضاء الليل فلم يقترب هذا إلى ذاك كل الليل."

أولاد الله يسيرون في النور وأولاد العالم يتعثرون في الظلمة.

line

الآيات (21،22): "ومد موسى يده على البحر فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل وجعل البحر يابسة وانشق الماء. فدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم."

ما أعجب اسمك يا رب فالهواء والريح والبحر، الكل يطيعك.

آية (24): "وكان في هزيع الصبح أن الرب اشرف على عسكر المصريين في عمود النار والسحاب وأزعج عسكر المصريين."

هزيع الصبح= ويسمى محرس الصبح. وهذه الكلمة جاءت من تغيير الحراس 4 مرات في الليل. فكان الليل يبدأ من الساعة 6 مساء حتى الساعة 6 صباحاً لمدة 12 ساعة تقسم إلى أجزاء كل منها 3 ساعات. وهناك نوبة حراسة لكل ثلاث ساعات. والنوبة تسمى هزيع أو محرس (نوبة حراسة) وآخر هزيع فيهم يسمى هزيع الصباح أو محرس الصبح. أشرف الرب[2]= أي ألقى برعبه على المصريين وربما بدأ ضرباته بصواعق من نار أو بروق ورعود أرعبتهم. وكان رعبهم سبب تخبطهم فالضباب كان محيط بهم (مز17:77-20)

line

آية (25): "وخلع بكر مركباتهم حتى ساقوها بثقلة فقال المصريون نهرب من إسرائيل لأن الرب يقاتل المصريين عنهم."

خلع بكر مركباتهم= ربما رجع هذا لتخبطهم من الرعب الذي وقع عليهم فتخبطت مركباتهم أو أن هذا من عمل الصواعق أو أي تدبير إلهي.

line

آية (27): "فمد موسى يده على البحر فرجع البحر عند إقبال الصبح إلى حاله الدائمة والمصريون هاربون إلى لقائه فدفع الرب المصريين في وسط البحر."

هاربون إلى لقائه= تعبير رائع يدل على فزعهم فهم اتجهوا ناحية البحر وراء الشعب وكان في هذا الوقت أن البحر تحرك لوضعه الأصلي. هم كانوا يتحركون في اتجاه تقدم ماء البحر فغرقوا. وهم كانوا هاربون من الضربات والرعب السابق. فهم هربوا من رعب ليلقوا حتفهم، أي هربوا من رعب إلى لقاء مصيرهم المحتوم في البحر.

line

آية (29): "وأما بنو إسرائيل فمشوا على اليابسة في وسط البحر والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم."

ما أجمل أن يكون الله هم سور لنا ليحمينا (زك5:2).

line آية (31): "ورأى إسرائيل الفعل العظيم الذي صنعه الرب بالمصريين فخاف الشعب الرب وآمنوا بالرب وبعبده موسى."

وآمنوا به= هنا تحقق هدف الله من توهانهم في البرية (البرية هي مدرسة الإيمان) نقطة العبور : جنوب السويس 16كم

عرض البحر عندها : 12-13كم

نقطة الخروج : عيون موسى

line


طريقة عبور الشعب فى البحر


وجعل البحر يابسة وإنشق الماء (آية 21)


هناك من يتصور أن الله شق البحر وسار الشعب على قاع البحر ، ولكن فى الحقيقة لم يقل الكتاب هذا ، وربما جاء الفهم الخاطئ من الترجمات الأخرى ، فتقول الترجمة الإنجليزية مثلا أن الشعب سار على الأرض الجافة ، ولكن الأصل العبرى لم يرد فيه كلمة أرض أصلاً . لكن ترجمتنا العربية جاءت الترجمة فيها دقيقة وجعل البحر يابسة وجاءت كلمة يابسة تماما كما جاءت فى الأصل العبرى . فالكلمة العبرية يابشة yabasha (وكما هو معروف فحرف السين فى العربية ينطق شين فى العبرية) .

ولا يوجد نص فى الكتاب المقدس يقول أن الله شق البحر حتى قاع البحر ، وأيضا لم نسمع أن الله جفف قاع البحر ليسير عليه الشعب . ولكننا نسمع الآيات التالية :-

1) "حول البحر إلى يبس" (مز66 : 6) .

2) "تجمدت اللجج فى قلب البحر" (تسبحة موسى خر15 : 8) .

وتترجم كلمة يابشة العبرية = جاف أو مادة صلبة جامدة (solid) . وتقال فى العبرية كلمة يابشة على الفواكه المجففة التى إنتزع منها الرطوبة وتختفى منها السوائل .

الاصحاح الرابع عشر من سفر الخروج

ويفهم من هذا أن الله جَمَّدَ الماء بحسب الشكل عاليه ، وسار الشعب على طريق كأنه ممهد ولهم سور يحميهم من الرياح .

فلم يكن من المتصور أن يسير الشعب على الأرض حتى وإن كانت جافة . فقاع البحر يشبه تلال صاعدة وهابطة وبه صخور ونباتات .. إلخ .

فكيف يسير ما يقرب من 3 مليون شخص بأطفالهم وحيواناتهم وما يحملونه فى أياديهم وعلى أكتافهم على أرض طبيعتها هكذا غير مستوية .