Our App on Google Play Twitter Home أبحث

تفسير الاصحاح الثالث عشر من سفر صموئيل الأول للقس انطونيوس فكرى

شاول يقدم محرقة

الآيات (1،2) :-

كان شاول ابن سنة في ملكه و ملك سنتين على اسرائيل. و اختار شاول لنفسه ثلاثة الاف من اسرائيل فكان الفان مع شاول في مخماس و في جبل بيت ايل و الف كان مع يوناثان في جبعة بنيامين و اما بقية الشعب فارسلهم كل واحد الى خيمته.

كن شاول إبن سنة حين ملك، وملك سنتين على إسرائيل: هكذا جاء النص العبرى. والإحتمال الكبير إن هذه الآية تنتمى للإصحاح السابق بمعنى أن شاول أنهى حربه مع بنى عمون وتُوّج ملكاً للمرة الثالنية (14:11) بعد سنة من مسحه بقنينة الدهن لأوّل مرة (1:10) ثم كلام صموئيل فى الإصحاح السابق وشاول لهُ سنتين فى الحكم. وإختار شاول لنفسه 3000 من إسرائيل فكان 2000 مع شاول و1000 مع يوناثان: هذه الآية بينها وبين الآية(1) السابقة ليس أقل من 20 سنة إنتشر فيها الفساد وضعف جيش شاول وإنصرف كل واحد إلى خيمته. وفيها كَبُر يوناثان فشاول كان شاباً وقت إختياره ملكاً (2:9) والآن نجد إبنه يوناثان يقود 1000 جندى ونجد هناك فارقاً كبيراً بين شاول المنتصر وجيشه القوى أمام ناحاش وإسرائيل المنكسرة تماماً التى لا تجد سلاح لجنودها (22:13) وهذا راجع بالتأكيد لإنتشار الخطية وفساد الشعب وكبرياء شاول.

الآيات (3-7) :-

و ضرب يوناثان نصب الفلسطينيين الذي في جبع فسمع الفلسطينيون و ضرب شاول بالبوق في جميع الارض قائلا ليسمع العبرانيون. فسمع جميع اسرائيل قولا قد ضرب شاول نصب الفلسطينيين و ايضا قد انتن اسرائيل لدى الفلسطينيين فاجتمع الشعب وراء شاول الى الجلجال. و تجمع الفلسطينيون لمحاربة اسرائيل ثلاثون الف مركبة و ستة الاف فارس و شعب كالرمل الذي على شاطئ البحر في الكثرة و صعدوا و نزلوا في مخماس شرقي بيت اون. و لما راى رجال اسرائيل انهم في ضنك لان الشعب تضايق اختبا الشعب في المغاير و الغياض و الصخور و الصروح و الابار.و بعض العبرانيين عبروا الاردن الى ارض جاد و جلعاد و كان شاول بعد في الجلجال و كل الشعب ارتعد وراءه.

نصب الفلسطينيين: سمعنا عن هذا فى (5:10) فلماذا توجد هذه الحامية حتى الآن ولماذا ترك شاول هذا الجيب أو هذه البؤرة الصديدية فى جسد إسرائيل (هذه تمثل خطية محبوبة لدى الإنسان يتركها ولا يحاربها فتكون سبب مشاكل فى المستقبل) وشاول لإهتمامه بإغراءات مركزه نسى الحرب هذه العشرين سنة ولم يهتم بتطهير جبعة. وكان إبنه يوناثان الشاب أكثر حرارة منه فضرب هو هذه البؤرة أو هذه الحامية العسكرية وفى آية(4) ضرب شاول: الفعل ليوناثان وقد نسبه الناس لأبيه الملك أنتن إسرائيل: أى بعمله هذا جعل الأعداء يكرهوننا جداً. والفلسطينيون حسبوا هذا مهانة لهم فصعدوا بأعداد ضخمة إلى مخماس. ولاحظ أن شاول كان فى مخماس والآن تركها هو وجنوده لينضموا إلى يوناثان والآن صار الفلسطينيين فى مخماس وشاول ويوناثان ورجالهم فى الجلجال. وطبعاً صعود شاول إلى الجلجال سهّل مهمة الفلسطينيين فى إحتلال مخماس. وربما قصد الفلسطينيين أن يضربوا شاول أولاً فى مخماس ثم يستديروا ليضربوا يوناثان فى الجلجال لكن شاول ترك مخماس وذهب للجلجال ربما ليساند يوناثان أو ليهرب من الفلسطينيين حينما رأى ضخامة أعدادهم. ولاحظ الحال الرديئة لجيش شاول وهربهم حتى أن عدد رجاله إنخفض من 2000 إلى 600 آية(15) والخوف والرعدة سببهم ضعف إيمانهم أو فقدان إيمانهم وذلك راجع للفساد الذى إنتشر.



الآيات (8-12) :-

فمكث سبعة ايام حسب ميعاد صموئيل و لم يات صموئيل الى الجلجال و الشعب تفرق عنه. فقال شاول قدموا الي المحرقة و ذبائح السلامة فاصعد المحرقة. و كان لما انتهى من اصعاد المحرقة اذا صموئيل مقبل فخرج شاول للقائه ليباركه. فقال صموئيل ماذا فعلت فقال شاول لاني رايت ان الشعب قد تفرق عني و انت لم تات في ايام الميعاد و الفلسطينيون متجمعون في مخماس. فقلت الان ينزل الفلسطينيون الي الى الجلجال و لم اتضرع الى وجه الرب فتجلدت و اصعدت المحرقة.

يمكن تلخيص خطايا شاول من هذه الآيات فيما يلى

1- عزم أن يقابل الفلسطينيين دون أن يستشير صموئيل أو يأخذ بركة منُه وقارن مع (7:11).

2- إغتصب الكهنوت وقدّم الذبيحة ولا كهنوت له. وهو لم يبعث برسول ليسأل عن صموئيل بل إنتهز الفرصة وقدّم الذبيحة. ولنلاحظ أن الله لا يطلب الذبيحة بل الطاعة (مز51: 16،17).

3- بل إنطلق هو ليُسلّم على صموئيل ويبارك هو صموئيل.

4- وبخ صموئيل على تأخيره وحمله نتيجة أى خطأ ليظهر أنهُ هو غيور على شعب الله وصموئيل هو المخطئ.

5- هو لم يقم بواجبه كملك ويهيئ جيشه بأسلحة مناسبة (آية22) ثم يغتصب عمل الكهنوت.

6- حين أنبه صموئيل لم يبد أى ندم أو إستعداد للتوبة بل كلمات عذره كانت عجيبة أنا كنت محتاج أن أتضرع إلى الرب: إذاً تقديم الذبيحة هى بالنسبة لهُ مجرد شكليات فبالنسبة لهُ كان يمكنه أن يصلى فقط. لكنه ظن المحرقة أشبه بحجاب يؤدى للنصر. بل قال البعض أن مذبح عظيم كالجلجال كان لابد من وجود كاهن لهُ لكن شاول لم يستدعِ هذا الكاهن مفضلاً أن يقوم هو بعمل الكهنوت. وقد غفر الله لداود خطايا أصعب من هذا لكن لشاول لم يغفر لسببين 1- واضح أن وراء كل هذه خطية كبرياء فظيعة. 2- داود كان دائماً مستعد للتوبة والبكاء بتواضع شديد. فتجلدت: أى داس على ما بقى لهُ من ضمير يؤنبه على الخطأ. وفى آية(8) حسب ميعاد صموئيل وهذه مما تزيد خطاياه فصموئيل كان قد وَعَدَهُ أن يأتى ليصلى عَنْهُ ويقدم الذبيحة عَنْهُ.

الآيات (13،14) :-

فقال صموئيل لشاول قد انحمقت لم تحفظ وصية الرب الهك التي امرك بها لانه الان كان الرب قد ثبت مملكتك على اسرائيل الى الابد. و اما الان فمملكتك لا تقوم قد انتخب الرب لنفسه رجلا حسب قلبه و امره الرب ان يتراس على شعبه لانك لم تحفظ ما امرك به الرب.

كما سقط إبليس بسبب كبريائه سقطت مملكة شاول وأعطيت لداود رجلاً حسب قلبه. وقولِهِ قد ثبت مملكتك إلى الأبد: الله كان يعلم أنه سيخطئ وينزع مملكته عنهُ ويعطيها لداود وقد سبق يعقوب وتنبأ أن الملك ليهوذا. ولكن هذه تشبه أن آدم كان الله خلقه ليحيا إلى الأبد لكن بخطيته مات فأرسل الله المسيح الرجل الذى حسب قلبه، إبن داود ليملك إلى الأبد. فالله سمح بإقامة شاول ليكتمل الرمز ونفهم خطة الله. بل شاول أيضاً كان يمثل إسرائيل التى ستفقد الملك يسوع المسيح روحياً وليس جسدياً.

الآيات (16-18) :-

و كان شاول و يوناثان ابنه و الشعب الموجود معهما مقيمين في جبع بنيامين

والفلسطينيون نزلوا في مخماس. فخرج المخربون من محلة الفلسطينيين في ثلاث فرق الفرقة الواحدة توجهت في طريق عفرة الى ارض شوعال.والفرقة الاخرى توجهت في طريق بيت حورون و الفرقة الاخرى توجهت في طريق التخم المشرف على وادي صبوعيم نحو البرية.


إنحصر شاول ويوناثان فى جبع بنيامين وحاصرهم الفلسطينيون إذ دخلوا إلى ممرات عجلون وبيت حورون بل إمتدوا حتى مخماس وصار يفصلهم عن شاول وادٍ ضيق عميق وبهذا عزلوا شاول تماماً. وفى (17) خرج المخربون: أى الناهبون وغايتهم إذلال إسرائيل ولعلهم قصدوا تهييج شاول ليخرج من أماكنه المحصنة وفى طريقهم أخذوا غنائم وخربوا الأرض. ولكن الله الرحيم لم يعطهم حكمة فلو نزلوا فى البداية إلى الجلجال لضربوا شاول والـ 600 رجل الذين معهُ ويوناثان وبهذا يستولون على إسرائيل. ولكن الله يعمى أعداء الكنيسة عن طريق الضرر لشعبه. الله يؤدب فقط لكن لا يميت ويقطع كل علاقة مع شعبه لذلك سمح الله للمخربون أن ينهبوا فالشعب كله فى حالة خطية.

الآيات (19-22) :-

و لم يوجد صانع في كل ارض اسرائيل لان الفلسطينيين قالوا لئلا يعمل العبرانيون سيفا او رمحا. بل كان ينزل كل اسرائيل الى الفلسطينيين لكي يحدد كل واحد سكته و منجله و فاسه و معوله. عندما كلت حدود السكك و المناجل و المثلثات الاسنان و الفؤوس و لترويس المناسيس. و كان في يوم الحرب انه لم يوجد سيف و لا رمح بيد جميع الشعب الذي مع شاول و مع يوناثان على انه وجد مع شاول و يوناثان ابنه.

لقد أذل الفلسطينيون إسرائيل إذ لم يسمحوا بوجود صانع بينهم حتى لا يعملوا سيفاً ولا رمحاً. هى صورة مؤلمة لعمل الخطية فى حياة الإنسان حينما يفقد إبليس الخاطئ أسلحته ويحطم كل طاقاته وإمكانياته ويحدره إلى الذل والمهانة. بنهاية هذا الإصحاح نجد إسرائيل فى حالة منحطة تماماً وفى منتهى الضعف. بدايات شاول كانت غير نهاياته. وهذه الحالة المزرية إستمرت حتى جاء داود وأصلح الحال.

آية(23) :-

و خرج حفظة الفلسطينيين الى معبر مخماس.

حفظه الفلسطينيين: غالباً هى حامية فلسطينية كانت وظيفتها مراقبة جيش شاول.