Our App on Google Play Twitter Home أبحث

تفسير الاصحاح الحادى عشر من سفر ملوك الأول للقس انطونيوس فكرى

نساء سليمان


نفس قصة الإنسان المؤلمة تتكرر. فالله يعطى بسخاء والإنسان يسقط فى محبة العالم بكل ما فيه من شهوة وكما حدث مع آدم حدث مع سليمان. فلقد رأينا سليمان سابقا فى مجده لكننا رايناه وقد إنجذب لمحبة هذا المجد وعيناه إشتهت أكثر فأكثر فظل ينجرف من شهوة إلى شهوة أخرى.

 لذلك نجد هنا شمسه وقد بدأت تغيب بسبب قلبه الذى مال وزاغ وراء الخطية. وكما هو متوقع فبعد أن كان فى سلام وراحة من كل الجهات قام أعداء كثيرون فى وجهه. وربما هم قاموا فى وجهه قبلا لكنهم لم يشكلوا أى خطورة إلا فى أيام سقوطه الأخيرة.

الآيات 1-8:- واحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موابيات وعمونيات وادوميات وصيدونيات وحثيات من الامم الذين قال عنهم الرب لبني اسرائيل لا تدخلون اليهم وهم لا يدخلون اليكم لانهم يميلون قلوبكم وراء الهتهم فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة. وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فامالت نساؤه قلبه.

وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساءه املن قلبه وراء الهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود ابيه. فذهب سليمان وراء عشتروث الاهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماما كداود ابيه.

 حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموابيين على الجبل الذي تجاه اورشليم ولمولك رجس بني عمون. وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لالهتهن.


بدأ سليمان يشتهى المال ثم إشتهى النساء وهو سقط بسبب النساء ولم يتعظ من درس شمشون ودليلة وكما خالف أمر الله فى زيادة الخيول والذهب خالف أمره فى زيادة النساء وربما كان عدد زوجاته أكثر من سراريه لأنه إهتم بالزيجات السياسية وتكثير داود لنسائه أعطى مثلا سيئا لإبنه بل وتمادى فى هذا الخطأ.

 وحبه لكل هذا العدد سبب زيادة نفقاته وبالتالى زيادة الضرائب بل ربما أهمل شئون مملكته وأسوأ الكل أن قلبه مال وراء آلهة غريبة هى آلهة نسائه هو لم يترك محبة الله أو ينكره تماما بل فترت محبته الأولى وترك محبته الأولى لذلك لم يكن كاملا أمام الله هو قال كما يقول كثيرين الأديان كلها لله والطوائف كلها لله فلماذا التعصب ولاحظ أنه بنى هيكل لكموش على الجبل الذى تجاه أورشليم = إن هذا يعتبر تحدى لله!! وأى قلب منقسم هذا القلب الذى يرفع إلها آخر فى قلبه أمام الله.

 وكما يقول أرمياء أنه ذهب يبحث لنفسه عن أبار مشققة لا تضبط ماء أر 13:2. هوذهب ليبحث لنفسه عن ماء ليرتوى فإذا به الماء الذى يشرب منه لابد أن يعطش يو 13:4 لذلك يقول أرمياء متعجبا كيف إكدر الذهب مرا 1:4. شهوات العالم هى الماء الذى من يشربه يعطش فالعالم مشبه بالبحر وماؤه مالح ومن يشربه يزداد عطشا بل بعد فترة بسيطة يتغير لون وجهه ويسود. ولنلاحظ ونفهم ونتساءل:-

1. هل أنا أحكم من سليمان؟ قطعا لا فالأحذر حتى لا أسقط "من هو قائم ليحذر حتى لا يسقط".
2. هل أنا أقوى من سليمان؟ قطعا لا فلأهرب من الخطية "فكل قتلاها أقوياء".

ونعمة الله تحفظ الذى يجاهد حذرا ساهرا وتحفظ من يهرب من أماكن الشر.

وهناك مشكلة أكبر أن سليمان بسماحه إقامة هذه المذابح الوثنية علم الشعب العبادة الوثنية فصار سبب عثرة لكثيرين وبقيت هذه المذابح حتى أيام يوشيا ولأن الجميع سقطوا فلقد إستحق الجميع العقاب. ولاحظ فى آية (4) أنه يقال فى زمان شيخوخته وهو مازال إبن خمسين سنة بينما موسى لم تفارقه نضارة وجهه وعمره 120 سنة والسبب فى هذه الشيخوخة الخطية.

 فالشاب يبدو هرما قبل الأوان وينحط جسديا وعقليا ولاحظ فشهوة الزنا قادت داود للقتل وقادت سليمان للوثنية.

الآيات 9-13:- فغضب الرب على سليمان لان قلبه مال عن الرب اله اسرائيل الذي تراءى له مرتين. واوصاه في هذا الامر ان لا يتبع الهة اخرى فلم يحفظ ما اوصى به الرب. فقال الرب لسليمان من اجل ان ذلك عندك ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي اوصيتك بها فاني امزق المملكة عنك تمزيقا واعطيها لعبدك.

 الا اني لا افعل ذلك في ايامك من اجل داود ابيك بل من يد ابنك امزقها. على اني لا امزق منك المملكة كلها بل اعطي سبطا واحدا لابنك لاجل داود عبدي ولاجل اورشليم التي اخترتها.


قال الرب لسليمان = ربما عن طريق النبى أخيا فهو الذى كلم يربعام بعد ذلك. ذلك عندك = لأن الخطية فى قلبه الذى فسد. أمزق المملكة = فماذا تنفعه مركباته وخيله، ذهبه وفضته إن كان الله أصدر الأمر. سبطا واحدا = فبنيامين قد إندمج فى يهوذا بسبب أنه سبط صغير جدا وصار كأنهما سبطاً واحداً. فبنيامين بعد حربه مع الأسباط قض 48،47:20 صار عددهم قليل جدا وهو بالنسبة لسبط يهوذا لا شىء وشمعون أصلا تم إبتلاعه فى يهوذا ولاوى موزع على كل الأسباط.

ولكن من أجل داود سيبقى الله سبطا وهذا يعنى (1) حتى تبقى عبادة الله فى الأرض سيبقى الله سبطا واحدا ليحفظ العبادة فى أورشليم (2) من أجل أن يأتى المسيح إبن داود وحتى يظل النسل الملكى موجودا ليأتى منه المسيح. ولاحظ أن مما ضاعف خطية سليمان عطايا الله الكثيرة له ومعرفته الفائقة وظهور الله له مرتين وهناك إحتمال كبير أن يكون سليمان قد قدم توبة بعد هذا الإنذار وكتب سفر الجامعة الذى يشهد فيه بأن كل شىء جربه إذ إشتهاه فوجده باطل (النساء والفراديس والذهب..).

إذا الله لم يمزق المملكة فى عهد سليمان من أجل أن يقوده للتوبة، طول أناة الله إقتادته للتوبة.

الآيات 14-25:- واقام الرب خصما لسليمان هدد الادومي كان من نسل الملك في ادوم. وحدث لما كان داود في ادوم عند صعود يواب رئيس الجيش لدفن القتلى وضرب كل ذكر في ادوم. لان يواب وكل اسرائيل اقاموا هناك ستة اشهر حتى افنوا كل ذكر في ادوم. ان هدد هرب هو ورجال ادوميون من عبيد ابيه معه لياتوا مصر وكان هدد غلاما صغيرا.

وقاموا من مديان واتوا الى فاران واخذوا معهم رجالا من فاران واتوا الى مصر الى فرعون ملك مصر فاعطاه بيتا وعين له طعاما واعطاه ارضا. فوجد هدد نعمة في عيني فرعون جدا وزوجه اخت امراته اخت تحفنيس الملكة. فولدت له اخت تحفنيس جنوبث ابنه وفطمته تحفنيس في وسط بيت فرعون وكان جنوبث في بيت فرعون بين بني فرعون.

فسمع هدد في مصر بان داود قد اضطجع مع ابائه وبان يواب رئيس الجيش قد مات فقال هدد لفرعون اطلقني الى ارضي. فقال له فرعون ماذا اعوزك عندي حتى انك تطلب الذهاب الى ارضك فقال لا شيء وانما اطلقني. واقام الله له خصما اخر رزون بن اليداع الذي هرب من عند سيده هدد عزر ملك صوبة.

فجمع اليه رجالا فصار رئيس غزاة عند قتل داود اياهم فانطلقوا الى دمشق واقاموا بها وملكوا في دمشق. وكان خصما لاسرائيل كل ايام سليمان مع شر هدد فكره اسرائيل وملك على ارام.


فى 1 مل 4:5. وجدنا أن الرب أراح سليمان من كل جهة. ولكننا نسمع الآن عكس هذا فها هو الله يقيم خصوما لسليمان. هم كانوا موجودين من قبل إلا أن الله كان يبطل مشورتهم ولكن الله الآن تركهم لتأديب سليمان. وفى هذا الإصحاح نجد جميع خصوم سليمان وهم بدأ عداؤهم له منذ فترة لكنهم بدأوا فى الهجوم عليه حينما رأوا علامات الضعف فى مملكته.

line

الخصم الأول :-


هدد الأدومى :- هرب من مذبحة يوآب أثناء إنشغال يوآب فى دفن قتلى المعركة = لدفن القتلى. وكان يوآب قد قتل كل ذكر = من جيش أدوم القادم وليس كل ذكر من آدوم وشعب آدوم بدليل (2 صم 14:8) ولاحظ أن الله يسمح لهدد أن يهرب ليكون عصا تأديب لسليمان.

وهروب هدد إلى مصر كان لأن مصر فى أيام داود لم تكن على علاقات وثيقة بإسرائيل كما فى أيام سليمان. ولقد قبل فرعون لجوء هدد إليه لأنه إبن ملك بل صاهره مديان = إمتدت من طور سيناء وخليج العقبة إلى الشمال والشرق وأدوم كانت إلى الغرب والشمال من مديان وفاران برية شمال طور سيناء فى الجزيرة وإمتدت إلى تخم يهوذا الجنوبى. وغالبا ففرعون صاهر هدد لأسباب سياسية حتى يصير حليفاً له فى هذه المنطقة.

line

الخصم الثانى:-


رزون (راجع 2 صم 3:8-8) نجد أن هدد عزر ملك صوبة (وهى شرق حماة وشمال دمشق) وكانت دمشق تحت سلطته وضربه داود وجعل محافظين فى آرام دمشق وهرب رزون وجمع له رجالا فصار رئيس غزاة عند قتل داود إياهم أى عند قتله أهل صوبة. وبعد مدة عاد رزون وملك على دمشق وطرد المحافظين الذين من قبل داود وصار لسليمان عدوا. الآن صار لسليمان عدوين أحدهما فى الشمال وهو رزون والثانى فى الجنوب وهو هدد ولم يكن لأحد أن يعادى سليمان لولا أن سليمان عادى الله وهنا حرك الله أدواته لتأديب من يعاديه.

الآيات 26-40:- ويربعام بن نباط افرايمي من صردة عبد لسليمان واسم امه صروعة وهي امراة ارملة رفع يده على الملك. وهذا هو سبب رفعه يده على الملك ان سليمان بنى القلعة وسد شقوق مدينة داود ابيه. وكان الرجل يربعام جبار باس فلما راى سليمان الغلام انه عامل شغلا اقامه على كل اعمال بيت يوسف.

وكان في ذلك الزمان لما خرج يربعام من اورشليم انه لاقاه اخيا الشيلوني النبي في الطريق وهو لابس رداء جديدا وهما وحدهما في الحقل. فقبض اخيا على الرداء الجديد الذي عليه ومزقه اثنتي عشرة قطعة. وقال ليربعام خذ لنفسك عشر قطع لانه هكذا قال الرب اله اسرائيل هانذا امزق المملكة من يد سليمان واعطيك عشرة اسباط.

ويكون له سبط واحد من اجل عبدي داود ومن اجل اورشليم المدينة التي اخترتها من كل اسباط اسرائيل. لانهم تركوني وسجدوا لعشتروث الاهة الصيدونيين ولكموش اله الموابيين ولملكوم اله بني عمون ولم يسلكوا في طرقي ليعملوا المستقيم في عيني وفرائضي واحكامي كداود ابيه. ولا اخذ كل المملكة من يده بل اصيره رئيسا كل ايام حياته لاجل داود عبدي الذي اخترته الذي حفظ وصاياي وفرائضي. واخذ المملكة من يد ابنه واعطيك اياها اي الاسباط العشرة.

واعطي ابنه سبطا واحدا ليكون سراج لداود عبدي كل الايام امامي في اورشليم المدينة التي اخترتها لنفسي لاضع اسمي فيها. واخذك فتملك حسب كل ما تشتهي نفسك وتكون ملكا على اسرائيل. فاذا سمعت لكل ما اوصيك به وسلكت في طرقي وفعلت ما هو مستقيم في عيني وحفظت فرائضي ووصاياي كما فعل داود عبدي اكون معك وابني لك بيتا امنا كما بنيت لداود واعطيك اسرائيل.

واذل نسل داود من اجل هذا ولكن لا كل الايام. وطلب سليمان قتل يربعام فقام يربعام وهرب الى مصر الى شيشق ملك مصر وكان في مصر الى وفاة سليمان.


line

الخصم الثالث :-


يربعام بن نباط : كان أحد عبيد سليمان ونرى بهذا أن المشاكل التى أحاطت بسليمان كانت من الداخل ومن الخارج وغالبا فإن الإفرايميون ومنهم يربعام كان فى داخلهم حسد ضد بيت يهوذا المالك فإفرايم سبط كبير مثل يهوذا خاصة حينما عانوا من ظلم الضرائب وإزدهار يهوذا على حسابهم هم.

وغالبا إشتهوا الإنفصال عن الملك والله سهل لهم هذا تأديبا لسليمان رفع يده على الملك = أى تمرد عليه وفى (39) ولكن لا كل الأيام = فالله يرى المسيح الآتى من نسل داود.

 وبعد سبى بابل ستعود إسرائيل مع يهوذا فى دولة واحدة ولاحظ أن سليمان هو الذى رفع يربعام لما رآه من نشاطه فإشتهر وسط سبطه وتهيأت له الفرصة لدراسة إحتياجات شعبه ومناقشة مشاكلهم وبعد أن أخبر النبى أخيا يربعام بنبوته ومع أن أخيا أخبر يربعام بأنه لن يملك إلا بعد موت سليمان إلا أن يربعام غالبا ما تعجل الملك فقام بثورة ضد سليمان وإكتشف سليمان المؤامرة فأراد قتله فهرب إلى مصر وهناك تبلورت المؤامرة.

ولنلاحظ أن أخيا مزق رداؤه هو وليس رداء يربعام لأن الرداء يرمز للملكة والمملكة لم تكن أبدا ملك يربعام بل ملك الله والنبى هنا يمثل الله يوزع الملك على من يشاء. والثوب كان جديدا لأن الله يقيم مملكة جديدة. وتمزيق المملكة بهذا الرمز تم سابقا حين مزق شاول ثوب صموئيل. ولقد أبقى الله يهوذا كمصباح ليضىء نور الإيمان بالهيكل والكهنوت ولقد أخبر النبى يربعام أن له (10) أسباط فقط حتى لا يطمع فى أن يستولى على يهوذا والمملكة تمزقت بسبب

 1- عدم أمانة سليمان
 2- غباوة إبنه رحبعام.

الآيات 41-43:- وبقية امور سليمان وكل ما صنع وحكمته اما هي مكتوبة في سفر امور سليمان. وكانت الايام التي ملك فيها سليمان في اورشليم على كل اسرائيل اربعين سنة. ثم اضطجع سليمان مع ابائه ودفن في مدينة داود ابيه وملك رحبعام ابنه عوضا عنه.

كان هناك كتاب كتبه المؤرخون لسليمان ومنه أخذ كاتب سفر الملوك بإرشاد من الروح القدس والكاتب أخذ أجزاء وترك أجزاء آخرى وما إختاره الكاتب الموحى له بالروح القدس هو ما فيه فائدة للعالم وللكنيسة خاصة فالكتاب المقدس ليس كتاب تاريخى