البوابة
| 15 اغسطس 2025

المتحف القبطي.. رحلة عبر حقبة جوهرية في تاريخ مصر

المتحف القبطي.. رحلة عبر حقبة جوهرية في تاريخ مصر
على أرض مصر تجلت الحضارة الإنسانية، وسعى المصري القديم عبر مختلف العصور أن يعبر عن حضارته فخلّد علومه وفلسفته ومعتقداته الدينية على جدران معابده؛ ليمتد الإبداع الفني من جدران المعابد الفرعونية إلى أروقة الأديرة والكنائس ليعبر القبطي عن معتقده الجديد بفنونه المختلفة من الأيقونات، والمنحوتات، والمنسوجات؛ التي جسدت تفاعلًا فنيًا فريدًا مع الحضارات المختلفة، وإدراكًا لقيمة هذا الإرث، سعى المصري المعاصر للحفاظ على هذه الكنوز، فكان المتحف القبطي أحد أبرز تلك المحاولات.

يُعد المتحف القبطي من أبرز المتاحف المتخصصة عالميًا، إذ يضم أضخم مجموعة من الآثار والفنون القبطية التي توثق حقبة جوهرية في تاريخ مصر، منذ دخول المسيحية لمصر وتأثرها بالحضارة المصرية القديمة مرورًا بالعصرين اليوناني والروماني والبيزنطي، وصولًا إلى الحقبة الإسلامية، يقع المتحف في قلب مجمع الأديان بمصر القديمة داخل حصن بابليون الرومانى، الذى يعتبر من أشهر وأضخم الآثار الباقية للامبراطورية الرومانية في مصر، بالقرب من مجموعة كنائس مصر القديمة (كنيسة أبى سرجة، وكنيسة السيدة العذراء الشهيرة بالمعلقة، بالإضافة إلى المعبد اليهودى)؛ وبذلك يشكل المتحف جسرًا ثقافيًا وحضاريًا يصل الماضي العريق بالحاضر، ومرجعًا لا غنى عنه للباحثين في التراث الإنساني.

وجاهد “سميكة” لأكثر من 17 عامًا فى جمع تبرعات من قبل المصريين حتى افتتح المتحف القبطي عام 1910، ليكون مجمعاً للآثار والوثائق التي تُسهم في إثراء دراسة الفن القبطي في مصر، وكلما زادت المقتنيات أضيفت حجرة أخرى، ودعا سميكة السلطان فؤاد لزيارة المتحف وصدر مرسوم ملكى بضمه إلى متاحف الدولة وتعيين سميكة مديرًا له، واستمر سميكة يبحث عن الآثار القبطية والكتب القديمة في كل مكان في مصر لتضاف إلى مقتنيات المتحف، وجمع المخطوطات القبطية القديمة من الأديرة وقام بترميمها، وكان الحدث الهام هو نقل جميع الآثار القبطية من المتحف المصرى إلى المتحف القبطى بناء على موافقة البرلمان برئاسة سعد زغلول في 16 مايو 1927، وقد تم افتتاح الجناح الجديد للمتحف عام 1947 كما تم تطويره عدة مرات كان آخرها عام 2006، حين تم ربط الجناح القديم والجديد للمتحف بممر.

ويذكر الموقع الرسمي للكنيسة القبطية أن الغرض من إنشائه كان جمع الآثار والوثائق التي تسهم في إثراء دراسة الفن القبطي في مص، وتبلغ مساحة المتحف الكلية شاملة الحديقة والحصن حوالي 8000 م وهي أرض وقف تابعة للكنيسة القبطية الأرثوكسية قدمها البابا كيرلس الخامس، وقد تم تطويره بجناحيه القديم والجديد والكنيسة المعلقة عام 1984.

وظل المتحف القبطي تابعاً للبطريركية القبطية حتى عام 1931 ثم أصبح تابعاً لوزارة الثقافة، ثم وزارة السياحة والآثار، ويتراوح متوسط عدد الزائرين يوميا من 200 إلى 250 فردا من جنسيات مختلفة. يتكون المتحف من جناحين يربط بينهما ممر؛ الجناح القديم الذي شيده مرقص سميكة باشا في عام 1910م، والجناح الجديد الذي افتتح في عام 1947م، ويضم المتحف أكبر مجموعة في العالم من المقتنيات الأثرية التي تعكس تاريخ المسيحية في مصر منذ بداياتها في القرن الميلادي الأول، من أبرزها مجموعة من المخطوطات المزخرفة، الأيقونات، المنحوتات الخشبية، الجداريات المزخرفة بالمناظر الدينية المأخوذة من الأديرة والكنائس القديمة، كما يضم المتحف مجموعات من القطع التي توضح تأثر الفن القبطي بجميع الثقافات السائدة بما في ذلك المصرية القديمة، اليونانية، الرومانية، والإسلامية.

يبلغ عدد المقتنيات بالمتحف القبطي حوالي 16000 مقتنى وقد رتبت مقتنيات المتحف تبعاً لنوعياتها إلى أقسام وعُرضت عرضاً علمياً بالترتيب الزمني قدر الإمكان.

الجناح القديم للمتحف يضم مجموعة من قطع الأثاث الخشبية والأبواب المطعمة، كما يضم الباب المصنوع من خشب الجميز الخاص بحامل أيقونات كنيسة القديسة بربارة والألواح يمكن تمييزها حيث قاموا بتركيبها في العصر الفاطمي أثناء القرن الحادي عشر والثاني عشر.

ويضم الجناح الجديد مجموعة تُظهر مختلف الأنواع والطرز والموضوعات، مثل التصميمات الهندسية، لفائف نبات الاكانتس وأوراق العنب، وافريزات مزدانة بأرانب، طواويس، طيور، والانشطة الريفية، مرورا بالتراث الهيللينستى والقبطي حتى الصيغ الفنية الإسلامية في مصر. ويضم المتحف القبطي مخطوطات للكتاب المقدس تعود لآلاف السنين وهو عبارة عن تحفة معماري.

المتحف يضم العديد من الأقسام الداخلية، مثل قسم الأخشاب وقسم الأحجار وقسم المخطوطات وقسم المعادن والمنسوجات والفخار والخزف وغيرها، مع وجود عدد قليل من الأيقونات التى ترجع للفترة فيما بين القرنين الخامس والسابع، كما أن هناك مجموعة أيقونات يطلق عليها أيقونات العصور الوسطى، وتم رسم غالبيتها فى القرن الـ13 عندما كانت القاهرة مركزًا لفنانين مسيحيين ينتمون لطوائف عدة، مثل السريان والأرمن وغيرها، فأنجزوا الأيقونات والتصاوير الجدارية والمخطوطات المصورة.

وتحتوى القاعة الـ19 على أدوات زينة ومناظر من الحياة اليومية المصرية بالإضافة لصور السيد المسيح والعذراء والقديسين‏،‏ ومن أهمها أيقونة الهروب التى توضح رحلة العائلة المقدسة فى مصر والأماكن التى زارتها العائلة حتى أسيوط‏،‏ وأما الأيقونة الثانية فهى أيقونة توضح صورة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، ولكل منهما دير شهير فى البحر الأحمر‏.‏

وتضم هذه القاعة العديد من المعادن والأدوات التى تستعمل بالكنائس فى الإضاءات‏،‏ والتى يوجد عليها رمز الصليب، كما توجد مفاتيح من دير الأنبا شنودة بسوهاج، والذى يسمى الدير الأبيض، وعليها كتابات قبطية مذهبة، وتجاور هذه القاعة مكانا آخر يجمع الأدوات الفخارية كالأطباق والزلع والأختام التى كان يصنع بها فطير الملاك عند الأقباط المصريين‏.‏

ومن أهم المعروضات فى المتحف مزامير داود، وخصصت له قاعة، وثلاث قطع من الأخشاب لها أهميتها القصوى فى دراسة فن النحت فيما بين القرنين الرابع والسادس، وهى باب كنيسة القديسة بربارة، ومذبح كنيسة القديسين سرجيوس وواخس، وعتبة عليا كانت تزين أحد أبواب الكنيسة المعلقة، وهناك بعض الآثار الخشبية، وخصوصا الأبواب التى ترجع إلى الفترة فيما بين القرنين الربع والعاشر، مما يعكس بوضوح تأثيرات الفن القبطي، وتعتبر قاعة المكتبة من أهم قاعات المتحف حيث تحتوي على الآلاف من المخطوطات.

ويحتوي المتحف على آثار من منطقة أهناسيا، وهى ترتبط بالأساطير اليونانية، ويضم تمثال لأفروديت إلهة الجمال عند الإغريق، وفى القاعة الرابعة يظهر أيضا مدى التأثيرات الفرعونية القديمة على الفن القبطي، حيث يوجد الصليب داخل علامة “عنخ”، وهناك قطع من البرونز يظهر عليها الهلال وغصن الزيتون والصليب داخل علامة عنخ، وهو يوحى بمدى قوة الروح القومية وامتزاج الفرعونى بالقبطى فى العصور القديمة.

وفى الطابق الثانى مجموعة من حجر البرونز عليه رمز الصقر (حورس)، وتوجد عملات ذهبية اكتشفت فى زلعة بدير الأنبا شنودة بسوهاج، وحفائر تحكى قصصا من العهد الجديد، وأخرى تحكى قصصا دينية من العهد القديم، ولوحة تعبر عن قصة حواء وآدم وخروجهما من الجنة. كما تضم أخشابا ومعادن مهمة وصورا نسيجية لهرقل يصارع الأسود وبرديات مهمة وهى برديات نجع حمادى أو برديات العارفين بالله.

وفى قاعة أخرى نشاهد أدوات زينة ومناظر من الحياة اليومية المصرية منها الأيقونات القبطية المصرية المهمة التى تضم صور السيد المسيح والعذراء والقديسين.. ومن أهمها أيقونة توضح رحلة العائلة المقدسة فى مصر والأماكن التى زارتها العائلة حتى أسيوط، وأما الأيقونة الثانية فتوضح صورة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، ولكل منهما دير شهير فى البحر الأحمر. وهناك مفاتيح من دير الأنبا شنودة بسوهاج والذى يسمى الدير الأبيض عليها كتابات قبطية مذهبة, وتجاور هذه القاعة مجموعة الأدوات الفخارية التى كان يصنع بها فطير الملاك عند الأقباط المصريين.

ويضم قسم الإيقونات أهم وأقدم هذه الأيقونات وما رسم على ألواح الخشب مباشرة، وقسم الأخشاب وبه أقدم مذبح خشبى عرف منذ العصور القبطية الأولى وأقدم قبة خشبية كانت تظلل مذبح الكنيسة المعلقة، وأنواع من الأخشاب المنقوشة، ترجع للقرن الرابع الميلادى وفى قسم المعادن مجموعة فريدة من الأبواب المصفحة بالبرونز وأدوات المائدة وكرسى وقبة مذبح من البرونز وجميعها من القرن العاشر الميلادى، وفى قسم المنسوجات مجموعة قطع من العصور القبطية تعد من أثمن المجموعات، كما يحوى قسم الفخار والخزف مجموعة دقيقة كانت تستعمل فى حفظ أنواع الدهان والعطور والكحل.

ويقول الدكتور إبراهيم ساويرس أستاذ اللغة القبطية وآدابها بجامعة سوهاج لـ"البوابة": بدأ المتحف مع اهتمام متزايد بالتراث المصري وتأسست لجنة حفظ الأثار العربية وكان بها المستشرق الشهير ماكس هيرتز باشا وهو أول من لفت الانتباه لضرورة الحفاظ على الأثار القبطية وبعد ذلك توقف نشاطه لانشغاله بترميم الأثار الإسلامية، وبعد ذلك ظهر مرقس سميكة باشا الذي قاد حملات الحفاظ على الأثار القبطية ومنعها من التلف فكانت الأثار المعدنية تتعرض للإنصهار للحصول على المواد الخام، وقام بإقناع البابا كيرلس الخامس بفكرة المتحف القبطي.

وتابع الدكتور ساويرس: كانت الآثار قبل ذلك تخضع لملكية للبطريركية القبطية وتغير ذلك في القرن العشرين لتصبح تحت ملكية الدولة وأفتتح المتحف في 1910 وأضيف له جناح في الأربعينيات وتمت به ترميمات واسعه عقب زلزال 1992.

وأضاف ساويرس قائلاً: ترجع أهمية المتحف القبطي كونه أهم متحف على سطح الأرض يحفظ التراث القبطي، فليس هناك باحث في الفن أو العمارة أو اللغة القبطية إلا ويكون له زيارات متعددة للمتحف القبطي؛ لأهمية مقتنياته، ولعب المتحف دوراً مهماً في حفظ الوثائق والمخطوطات القبطية بالعربية، تضم مكتبة المتحف أهم مخطوطات قبطية وهي مخطوطات نجح حمادي بخلاف المخطوطات التي تتناول الكتاب المقدس باللغة اليونانية والعربية.

ومتحدثاَ عن مقتنيات المتحف، أوضح أن أبرز محتويات المتحف القبطي من وجهة نظري هى خاصة بديرين مهمين ليسا الآن من الأديرة العامرة ولكنهما كانا من أهم الأديرة النشطة والضخمة من بعد القرن الرابع إلى الفتح العربي وهما دير الأنبا أرميا بسقارة الذي اكتشف بالصدفة حيث وجدوا الكثير من الرسومات القبطية التي تم نقلها إلي المتحف فيما بعد، والدير الثاني هو الأنبا أبوللو، وكان ديراً ضخماً ويتمتع بمكانة كبيرة في قلوب الأقباط وكان يمتلك أراضي زراعية، وقد ظهر هذا في الرسوم البديعة التي اكتشفت في الدير.فى سياق متصل، يقول الدكتور جمال عبدالرحيم أستاذ الآثار بجامعة القاهرة في تصريحات خاصة لـ"البوابة": بداية مصر ضمت العديد من الحضارات والثقافات، بدأت بالحضارة المصرية القديمة وثم اليونانية والبطلمية والرومانية والبيزنطية وصولاً للحضارة الإسلامية، وفي ظل وجود الحضارة البيزنظية والرومانية وجدت الحضارة القبطية حيث انتشرت المسيحية في مصرعلى يد القديس مارمرقس الرسول في القرن الأول الميلادي.

وتابع: بناءً على ذلك ضمت مصر الكثير من المتاحف، فلدينا المتحف المصري القديم في ميدان التحرير والمتحف الروماني في الإسكندرية ومتحف الفن الإسلامي في باب الخلق، بمرور الأيام أصبحنا في حاجة للمتحف القبطي وهذا ما حدث في عهد عباس حلمي الثاني على يد مرقس سميكة باشا فكان متخصصاً في علم القبطيات وطلب إنشاء ذلك المتحف مع بدايات القرن العشرين حتى تكمل المنظومة، مشيراً أن الأثار المصرية القبطية قبل ذلك كانت موجودة في الثلاثة متاحف المذكورين أنفاً.

وأكمل، عبدالرحيم مشيراً إلي أنه على مدار السنوات مر المتحف القبطي بالعديد من التطورات، ومن ضمت تلك التطورات أن واجهة المتحف مأخوذة من جامع "الأقمر" في شارع المعز الذي يرجع للعصر الفاطمي في القرن الثاني عشر الميلادي، ونريد أن نقول أن الدولة الفاطمية التي حكمت مصر وعلى الرغم أنها ذات مذهب شيعي إلى أنها بخلفائها الـ11 الذين حكموا مصر خلال قرنين من الزمان حاولوا أن يتقربوا من الطوائف الثلاثة في مصر وهم اليهودية والمسيحية والإسلامية السنية؛ وتجلي ذلك بترميمهم المعالم الدينية في منطقة الفسطاط التي تعرضت لدمار إثر الأحداث السياسية التي مرت بها المنطقة؛ فواجهة المتحف القبطي في الأصل مأخوذة من الجامع ولكن حملت طابع الرمزية القبطي.

وأضاف أن المتحف يضم كل الحقب التاريخية للفن القبطي؛ فعلى الرغم من أن المسيحية انتشرت في القرن الأول الميلادي إلا أن الفن القبطي بدأ عملياً في أواخر القرن الثالث الميلادي في عهد اضطهاد دقلديانوس؛ فإقترن الفن القبطي بانطلاق الرهبان في الصحراء وظهور الأديرة القبطية في مصر؛ ولذلك علماء الأثار المتخصصين قسموا الفن القبطي لثلاثة مراحل وهذه هى الموجودة بداخل المتحف.

المرحلة الأولى التي كان يقتبس فيها الفنان القبطي فنه من أجداده المصريون القدماء والفن الإغريقي، وهذه المرحلة استمرت في الحقبة الرومانية الوثنية، فنجد موضوعات مثل "ليديا والبجعة" و"أوروبا والطور" و"هيرقل" ولكن تميز الفن القبطي خلاله "بالأدب" وليس بقوة وجراءة الفن الإغريقي فلم يأخذ التصورات العارية في ذلك الفن.

وأما المرحلة الثانية فبدأت مع الحقبة البيزنظية حيث ظهر في هذه الحقبة الرموز المسيحية مثل الصليب والطيور وموضوعات الحب الإلهي.. وأما المرحلة الثالثة وهى الأطول بدأت الحكم الإسلامي إلى وقتنا هذا، وحافظ الفن القبطي خلال هذه المرحلة على رمزياته الدينية المميزة.

وتابع مسلطاً الضوء علي أبرز معالم المتحف قائلاً: في القاعة الأولى التي تمثل المرحلة الأولى سنرى خلالها لوحات مميزة من الحجر الجيري مثل لوحة “أوربا والطور” و“أورفيوس ومحبته”. وبعد ذلك القاعة الثانية "الشرقية" وهذه تمثل المرحلة الثانية وبها تصويرات بالفريسكو فهناك رسومات للعذراء مريم وهى تحمل السيد المسيح وهناك رسوم لكتبة لإناجيل الأربعة، وهناك معلم اثري نفتخر به جميعاً نحن كمصريين وهو وجود أقدم إمبل "ممبر" في العالم وكان موجود في أحد الأديرة في سقارا وهناك حوض اثري كان يستخدم للمعمودية.

وأضاف: كذلك لدينا أقدم لوحة تعبر عن الرسم الكاريكاتيري في العالم فالفنان القبطي أول من عرف هذا الفن الضاحك فتضم اللوحة قطة وثلاثة فئران بطريقة كوميدية، وفي الطابق العلوي يوجد العديد من الأيقونات والأبريق الفخار، والفنان القبطي تميز بالمواد السهلة فلم يكن هناك مغالاة في المواد المستخدمة فلن نجد الخزف ونادراً إن وجدنا الفضة فكانوا يعتمدون على النحاس.

واختتم الدكتور جمال عبد الرحيم قائلاً: مصر بلد الأديان فجميع الفنون قد تأثرت ببعضها البعض فنفس الزخارف في المعابد اليهودية نجدها في الكنيسة نجدها في الجامع.. الاختلاف والتميز في الرموز والكتابات الدينية فقط ولكن الروح واحدة مصرية.يتكون المتحف من جناحين يربط بينهما ممر؛ الجناح القديم الذي شيده مرقص سميكة باشا في عام 1910م، والجناح الجديد الذي افتتح في عام 1947م، ويضم المتحف أكبر مجموعة في العالم من المقتنيات الأثرية التي تعكس تاريخ المسيحية في مصر منذ بداياتها في القرن الميلادي الأول، من أبرزها مجموعة من المخطوطات المزخرفة، الأيقونات، المنحوتات الخشبية، الجداريات المزخرفة بالمناظر الدينية المأخوذة من الأديرة والكنائس القديمة، كما يضم المتحف مجموعات من القطع التي توضح تأثر الفن القبطي بجميع الثقافات السائدة بما في ذلك المصرية القديمة، اليونانية، الرومانية، والإسلامية.

يبلغ عدد المقتنيات بالمتحف القبطي حوالي 16000 مقتنى وقد رتبت مقتنيات المتحف تبعا لنوعياتها إلى اقسام عرضت عرضا علميا فيه الترتيب الزمني قدر الإمكان.

وفي تقرير شامل رصدت الهيئة العامة للإستعلامات التابع لوزارة الإعلام كافة محتويات المتحف حيث ذكرت أن الجناح القديم للمتحف يضم مجموعة من قطع الاثاث الخشبية والأبواب المطعمة، كما يضم الباب المصنوع من خشب الجميز الخاص بحامل أيقونات كنيسة القديسة بربارة والألواح يمكن تمييزها حيث قاموا بتركيبها في العصر الفاطمي أثناء القرن الحادي عشر والثاني عشر.

ويضم الجناح الجديد مجموعة تُظهر مختلف الأنواع والطرز والموضوعات، مثل التصميمات الهندسية، لفائف نبات الاكانتس وأوراق العنب، وافريزات مزدانة بأرانب، طواويس، طيور، والانشطة الريفية، مرورا بالتراث الهيللينستى والقبطي حتى الصيغ الفنية الإسلامية في مصر. ويضم المتحف القبطي مخطوطات للكتاب المقدس تعود لآلاف السنين وهو عبارة عن تحفة معماري.

المتحف يضم العديد من الأقسام الداخلية، مثل قسم الأخشاب وقسم الأحجار وقسم المخطوطات وقسم المعادن والمنسوجات والفخار والخزف وغيرها، مع وجود عدد قليل من الأيقونات التى ترجع للفترة فيما بين القرنين الخامس والسابع، كما أن هناك مجموعة أيقونات يطلق عليها أيقونات العصور الوسطى، وتم رسم غالبيتها فى القرن الـ13 عندما كانت القاهرة مركزًا لفنانين مسيحيين ينتمون لطوائف عدة، مثل السريان والأرمن وغيرها، فأنجزوا الأيقونات والتصاوير الجدارية والمخطوطات المصورة.

وتحتوى القاعة الـ19 على أدوات زينة ومناظر من الحياة اليومية المصرية بالإضافة لصور السيد المسيح والعذراء والقديسين‏،‏ ومن أهمها أيقونة الهروب التى توضح رحلة العائلة المقدسة فى مصر والأماكن التى زارتها العائلة حتى أسيوط‏،‏ وأما الأيقونة الثانية فهى أيقونة توضح صورة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، ولكل منهما دير شهير فى البحر الأحمر‏.‏

وتضم هذه القاعة العديد من المعادن والأدوات التى تستعمل بالكنائس فى الإضاءات‏،‏ والتى يوجد عليها رمز الصليب، كما توجد مفاتيح من دير الأنبا شنودة بسوهاج، والذى يسمى الدير الأبيض، وعليها كتابات قبطية مذهبة، وتجاور هذه القاعة مكانا آخر يجمع الأدوات الفخارية كالأطباق والزلع والأختام التى كان يصنع بها فطير الملاك عند الأقباط المصريين‏.‏

ومن أهم المعروضات فى المتحف هو مزامير داود، وخصصت له قاعة،وثلاث قطع من الأخشاب لها أهميتها القصوى فى دراسة فن النحت فيما بين القرنين الرابع والسادس، وهى باب كنيسة القديسة بربارة، ومذبح كنيسة القديسين سرجيوس وواخس، وعتبة عليا كانت تزين أحد أبواب الكنيسة المعلقة، وهناك بعض الآثار الخشبية، وخصوصا الأبواب التى ترجع إلى الفترة فيما بين القرنين الربع والعاشر، مما يعكس بوضوح تأثيرات الفن القبطي، وتعتبر قاعة المكتبة من أهم قاعات المتحف حيث تحتوي على الآلاف من المخطوطات.

ويحتوي المتحف على آثار من منطقة أهناسيا، وهى ترتبط بالأساطير اليونانية، ويضم تمثال لأفروديت إلهة الجمال عند الإغريق، وفى القاعة الرابعة يظهر أيضا مدى التأثيرات الفرعونية القديمة على الفن القبطي، حيث يوجد الصليب داخل علامة “عنخ”، وهناك قطع من البرونز يظهر عليها الهلال وغصن الزيتون والصليب داخل علامة عنخ، وهو يوحى بمدى قوة الروح القومية وامتزاج الفرعونى بالقبطى فى العصور القديمة.

وفى الدور الثانى مجموعة من حجر البرونز عليه رمز الصقر (حورس)، وتوجد عملات ذهبية اكتشفت فى زلعة بدير الأنبا شنودة بسوهاج، وحفائر تحكى قصصا من العهد الجديد، وأخرى تحكى قصصا دينية من العهد القديم، ولوحة تعبر عن قصة حواء وآدم وخروجهما من الجنة. كما تضم أخشابا ومعادن مهمة وصورا نسيجية لهرقل يصارع الأسود وبرديات مهمة وهى برديات نجع حمادى أو برديات العارفين بالله.

وفى قاعة أخرى نشاهد أدوات زينة ومناظر من الحياة اليومية المصرية منها الأيقونات القبطية المصرية المهمة التى تضم صور السيد المسيح والعذراء والقديسين, ومن أهمها أيقونة توضح رحلة العائلة المقدسة فى مصر والأماكن التى زارتها العائلة حتى أسيوط، وأما الأيقونة الثانية فتوضح صورة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، ولكل منهما دير شهير فى البحر الأحمر. وهناك مفاتيح من دير الأنبا شنودة بسوهاج والذى يسمى الدير الأبيض عليها كتابات قبطية مذهبة, وتجاور هذه القاعة مجموعة الأدوات الفخارية التى كان يصنع بها فطير الملاك عند الأقباط المصريين.

ويضم قسم الإيقونات أهم وأقدم هذه الايقونات وما رسم على ألواح الخشب مباشرة، وقسم الأخشاب وبه أقدم مذبح خشبى عرف منذ العصور القبطية الأولى وأقدم قبة خشبية كانت تظلل مذبح الكنيسة المعلقة، وأنواع من الأخشاب المنقوشة، ترجع للقرن الرابع الميلادى وفى قسم المعادن مجموعة فريدة من الأبواب المصفحة بالبرونز وأدوات المائدة وكرسى وقبة مذبح من البرونز وجميعها من القرن العاشر الميلادى، وفى قسم المنسوجات مجموعة قطع من العصور القبطية تعد من أثمن المجموعات، كما يحوى قسم الفخار والخزف مجموعة دقيقة كانت تستعمل فى حفظ أنواع الدهان والعطور والكحل.