هاني صبري لبيب - أقباط متحدون
| 19 يونيو 2025

مشروع قانون الإيجارات القديمة بين الواقع والتحديات الدستورية

مشروع قانون الإيجارات القديمة بين الواقع والتحديات الدستورية
بقلم هاني صبري لبيبيناقش مجلس النواب مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تنظيم بعض أحكام قوانين إيجار الأماكن، وهو مشروع يهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بعد عقود من الجمود التشريعي، خاصة فيما يتعلق بنظام الإيجار القديم. ويعد هذا المشروع خطوة تشريعية مثيرة للجدل، خاصة أنه يمس ملايين المواطنين من طرفي العلاقة الإيجارية.

1.فترة انتقالية قبل إنهاء عقود الإيجار القديم:

سبع سنوات للوحدات السكنية.

خمس سنوات للوحدات المؤجرة لغير أغراض السكني للأشخاص الطبيعيين.

يتم إلزام المستأجر بإخلاء العين وردها إلى المالك بنهاية هذه الفترة.

2.تحرير العلاقة الإيجارية بعد الفترة الانتقالية:

تصبح جميع عقود الإيجار خاضعة لأحكام القانون المدني، وتتم العلاقة بالإيجار بناءً على إرادة الطرفين.

3.تطبيق القانون:

يسري على الوحدات المؤجرة لغرض السكن وغير السكن، طبقًا للقانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981.

4.القيم الإيجارية الجديدة:

في المناطق المتميزة: عشرون مثل القيمة الإيجارية الحالية (حد أدنى 1000 جنيه).

في المناطق المتوسطة: عشرة أمثال (حد أدنى 400 جنيه).

في المناطق الاقتصادية: عشرة أمثال (حد أدنى 250 جنيه).

للوحدات غير السكنية: خمسة أمثال القيمة الحالية.

5.زيادة سنوية دورية خلال الفترة الانتقالية بنسبة 15%.

6.لجان تقييم:

يتم تشكيل لجان حصر على مستوى المحافظات لتحديد التصنيف الجغرافي والقيمة الإيجارية العادلة.

7.استحداث حالات إخلاء جديدة:

مثل ترك العين المؤجرة مغلقة لمدة تتجاوز سنة دون مبرر، أو امتلاك المستأجر لوحدة مماثلة صالحة للاستخدام.

8. حق المستأجر في تخصيص وحدة بديلة من الوحدات التابعة للدولة، سواء إيجاراً أو تمليكًا، بشرط الإخلاء الطوعي للوحدة المؤجرة.

9. أولوية التخصيص للمستأجرين الحاليين عند الإعلان عن وحدات جديدة من الدولة.

10. بدء سريان القانون في اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية.

التساؤل الذي يطرح هنا هل مشروع هذا القانون فيه شبهة بعدم الدستورية من عدمه ؟.

في تقديري الشخصي ان مشروع هذا القانون، فيه شبهة عدم دستورية قوية تحيط به، ويمكن تفصيلها كما يلي:-

1. مخالفة مبدأ الأمن القانوني واستقرار المراكز القانونية:

أن عقود الإيجار القديمة نشأت في ظل قوانين سارية، وامتدت بناءً على نصوص تشريعية واجبة النفاذ.

المساس بهذه العقود بأثر رجعي يهدر مبدأ استقرار العلاقة القانونية بين الأطراف.

جدير بالذكر أن عقد الإيجار هو حق مالي ينتقل إلى ورثة المستأجر بوفاته وفقاً لحكم المادتين 601، 602 من القانون المدني والتي تحكم العلاقات الإيجارية عند عدم وجود ما يخالفها في قوانين إيجار الأماكن.

2. حكم المحكمة الدستورية العليا سنة 2002:

في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية “دستورية”، أكدت المحكمة أن الامتداد القانوني لعقود الإيجار لغير أغراض السكني لا يجوز المساس به تعسفًا ما لم تتوافر مبررات جدية.

شددت المحكمة على أن المشرع لا يجوز له أن يهدر التوازن العقدي بصورة تخل بمبدأ المساواة أو الحماية الواجبة للطرف الضعيف.

3. الإخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص:

المشروع يعامل المستأجرين بطرق مختلفة دون وجود تبرير موضوعي كافٍ، ويُفرق في المعاملة بين الأماكن السكنية وغير السكنية، وبين المستأجرين القدماء والجدد، مما يخل بمبدأ المساواة أمام القانون.

4. تجاهل الحق في السكن كحق دستوري:

المادة 78 من الدستور المصري تنص على أن “تكفل الدولة للمواطنين الحق في السكن الملائم الآمن والصحي”.

مشروع القانون الجديد قد يؤدي إلى إخلاء قسري دون توفير بدائل حقيقية، مما يتعارض مع هذا النص الدستوري.

5. عدم التزام مجلس النواب بحكم المحكمة الدستورية:

تجاهل الحكم الصادر عام 2002 يُعد خرقًا لالتزام البرلمان بعدم سن قوانين تتعارض مع ما قضت به المحكمة الدستورية، وهو ما قد يعرض القانون للطعن بعدم الدستورية حال إقراره.

هناك أرقام وحقائق لا يمكن تجاهلها :وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء:

عدد الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم يتجاوز 3 ملايين وحدة، أغلبها في القاهرة الكبرى.

يوجد أكثر من 513 ألف وحدة مغلقة رغم استمرار عقود الإيجار، مما يمثل إهدارًا للثروة العقارية.

ونري إنه رغم أهمية المشروع في تحقيق العدالة للمالك وإنهاء تشوهات منظومة الإيجارات القديمة، إلا أن الصيغة الحالية تحمل شبهة عدم دستورية لا يمكن تجاهلها، وتحتاج إلى مراجعة دقيقة قبل الإقرار. ويجب على مجلس النواب أن يوازن بين حقوق الملاك وضمانات المستأجرين، وأن يلتزم بحكم المحكمة الدستورية ومواد الدستور ذات الصلة. وأي تجاهل لهذه الاعتبارات قد يعرض القانون للطعن ويقوض الثقة في المنظومة التشريعية برمتها. ‬