حمدي رزق - المصرى اليوم
| 18 يونيو 2025

«توزيع الأحمال» وليس «تخفيف الأحمال»! بقلم حمدي رزق

«توزيع الأحمال» وليس «تخفيف الأحمال»! بقلم حمدي رزق
بقلم حمدي رزققسمة الغرماء تترجم، كلٌّ يتحمل نصيبه من الغرم، كل شخص يتحمل نصيبه العادل فى المسؤولية أو الخسارة، ما تعكس مبدأ العدالة والمساواة فى تحمل النتائج، سواء كانت إيجابية (غنم) أو سلبية (غرم).

إذا استمرت الحرب الإسرائيلية/ الإيرانية طويلا، وهذا متوقع، ما تعكس آثارها السالبة على إمدادات الطاقة إقليميا، وأسعار الغاز والبترول عالميا.

الحرب فى الجوار، ولسنا بعيدين عنها، وقطعا سنتأثر سلبا، وقد يكون التأثير مضاعفا، ما يثقل فاتورة استيراد الغاز تحديدا، فضلا عن عدم توفره لأسباب قسرية حذر الحرب.

مع الضربة الإسرائيلية الأولى على المنشآت العسكرية الإيرانية، تحسبا أوقفت تل أبيب إمدادات الغاز من حقولها إلى مصر إذا فجأة، ما أربك حسابات الطاقة المصرية فى مواجهة صيف قائظ.

الإمدادات الواردة من إسرائيل لمصر كانت تتراوح ما بين 40 و60% من إجمالى الإمدادات المستوردة إلى مصر، ونحو 15 و20% من استهلاكها، ما خلَّف نقصا طارئا وربما مستداما لفترة قلقة مقبلة.

وزارة البترول فعّلت مباشرة خطة الطوارئ الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعى، والتى تتضمن إيقاف إمدادات الغاز الطبيعى لبعض الأنشطة الصناعية، سيما مصانع الأسمدة كثيفة الطاقة.

الحكومة تتحسب وتتفادى ما أمكنها تخفيف أحمال شبكة الكهرباء، وتخفيف الأحمال مصطلح ذو سمعة سيئة شعبيا، وعانى المصريون منه أشد المعاناة فى صيف مضى، ولكن هذا حال قليل البخت، إذ فجأة تندلع الحرب فى الجوار، وتتوقف الإمدادات الغازية قسرا، ما قد تضطر معه الحكومة قسرا إلى تخفيف الأحمال.

صحيح هذا مستبعد فى الخطاب الحكومى حتى ساعته، وهذا خطاب يخاصم واقعا ولا يتعاطى بواقعية سياسية مستوجبة فى حكومة الواقعية المؤلمة.

الأوقع هو توزيع الأحمال، على مبدأ قسمة الغرماء، وكلٌّ يتحمل نصيبه من الغرم، من النقص الحادث فى إمدادات الغاز (لحين زوال الأسباب).

لماذا مصانع الأسمدة تتحمل الغُرم وحدها، وهذا ليس انحيازا موجها؟، وماذا عن مصانع الحديد والأسمنت، وكلها سلعة كثيفة الاستهلاك محليا، ومطلوبة تصديريا؟!.. الغرم يقع على الجميع، وكل يتحمل نصيبه من الغرم.

حتى تخفيف الأحمال الكهربائية وارد وغير مستبعد، قد تتحكم الحكومة فى توزيع الأحمال، ولكنها أبدا لا تتحكم البتة فى إمدادات الغاز.. هى مستوردة للغاز، وللاستيراد أحكامه، أحكام الحرب.

وفى الأخير، ما حكَّ جلدَكَ مثلُ ظفرِكْ فتـولَّ أنتَ جميعَ أمرِكْ، يظل إنتاج الغاز والبترول معضلة وطنية، ومع انخفاض الإنتاج لأسباب تباطؤ الشركاء الأجانب فى استكشافات جديدة، وتنمية الآبار المنتجة حتى سداد المستحقات المربوطة على قطاع البترول، وتسدد حاليا من لحم الحى شهريا وبانتظام.

لا حل إلا بزيادة إنتاج الغاز والبترول بكميات تفى بالحاجات الأساسية، وتلبى الطلبات التصديرية، تخيل الحكومة تحصل على برميل البترول من الإنتاج المحلى بـ 8 دولارات (بالمجان تقريبا)، وإذا تستورده بـ80 دولارا، والغاز نستورده بـ17 دولارا للمليون وحدة، مقابل 4 دولارات للمليون وحدة من الإنتاج المحلى، مطلوب بعض من الخيال، استبدال برميل النفط المستورد ببرميل منتج محليا يوفر كثيرا. وعليه مستوجب تشجيع الشركات العالمية والمحلية على زيادة معدلات إنتاج الغاز والبترول بسداد المستحقات على وقتها وبحوافز إنتاجية سخية، وهذا ما يعمل عليه بجدية ودأب المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية بتكليف من القيادة السياسية.

صحيح، عودة الإنتاج بكامل طاقته يحتاج وقتا قد يطول قليلا، وعليه مرحليا تحكيم سياسة توزيع الأحمال، وليس تخفيف الأحمال حتى تضع الحرب الإسرائيلية/ الإيرانية أوزارها.