المصرى اليوم
| 06 مايو 2025

جبهة الاعتراض تتسع ضد قانون الإيجارات القديمة.. نواب ومثقفون: لا لطرد المستأجرين

جبهة الاعتراض تتسع ضد قانون الإيجارات القديمة.. نواب ومثقفون: لا لطرد المستأجرين
بعد مرور ثلاثة أيام فقط على بدء مناقشة لجان البرلمان لمشروع قانون الإيجارات القديمة المُحال من الحكومة إلى مجلس النواب، اشتعلت الساحة السياسية والإعلامية بعاصفة من الاعتراضات والانتقادات، ولم يقتصر الرفض على نواب البرلمان، بل امتد ليشمل كُتابًا وصحفيين، وخبراء قانونيين، ومثقفين، ومراكز حقوقية، بل وحتى بعض رجال الأعمال، في مشهد يُجسّد حجم الجدل المجتمعي الحاد الذي أثارته بعض بنود المشروع، وعلى رأسها المهلة المحددة لإخلاء الوحدات السكنية بعد خمس سنوات.

رفض سياسي لمشروع الحكومة

النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، من أوائل من رفعوا راية الاعتراض، محذرًا من المساس باستقرار المواطنين، وأكد بوضوح أن «الحديث عن طرد كبار السن من منازلهم بعد 5 سنوات غير مقبول»، ورفض المقترحات البديلة التي تتضمن نقل المستأجرين إلى مساكن بديلة، مؤكدًا أن المسألة تتعلق بالاستقرار النفسي والاجتماعي، وليس فقط بالمكان.

أما النائب مصطفى بكري، فكان أكثر حدة في انتقاده، مشيرًا إلى أن مشروع القانون يتناقض مع أحكام المحكمة الدستورية العليا، التي أكدت قصر العلاقة الإيجارية على جيل واحد، دون الإشارة إلى إخلاء قسري بعد فترة محددة، بكري وصف المشروع بأنه «قنبلة» تلقى في ملعب النواب، محذرًا من التداعيات الاجتماعية الخطيرة إذا تم تمريره بهذه الصيغة.

في ذات السياق، وصف النائب عبدالمنعم إمام مشروع القانون بأنه «مستفز»، معتبرًا أنه يتبني نهجًا يقوم على طرد المستأجرين دون مراعاة للواقع الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي يعيشه المواطن المصري، فيما وعبر النائب عمرو درويش، أمين سر لجنة الإدارة المحلية، عن رأي موحد بين غالبية نواب لجنة الإدارة المحلية قائلًا: «ما فيش حاجة اسمها طرد مواطن من بيته»، وهو الموقف الذي شاركه فيه النائب أحمد بلال الذي أكد أن مثل هذه الخطوات تهدد السلم المجتمعي ولا تراعي الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

ولم تخل النقاشات من التوتر، حيث شهد اجتماع لجنة الإسكان مشادة بين النائب ضياء الدين داوود والنائب أمين مسعود، بسبب غياب نسخة مشروع القانون عن بعض النواب، وهو ما اعتبره داوود أمرًا غير مقبول، وقال: «مش جاي أبوظ الاجتماع، جاي أعرف بنناقش إيه».

رفض نسائي لمشروع قانون الإيجارات القديمة

من جانبها، رفضت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب، الصيغة الحالية للقانون ووصفتها بـ«غير المتزنة»، وأوضحت أن هناك ثلاث مشكلات جوهرية: تمييز واضح بين القاهرة والمحافظات في القيمة الإيجارية وأيضا تهديد مباشر بإجلاء المواطنين بعد خمس سنوات، مما يهدد السلم المجتمعي، بالإضافة إلى غياب آليات واقعية لتعويض المستأجرين، في ظل فساد إداري وتأخر في تسليم وحدات الإسكان الحكومي.

وسألت مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، سؤالًا مباشرا: «هل الدولة قادرة على توفير سكن بديل لستة ملايين مواطن؟» في إشارة إلى حجم الكارثة المحتملة إذا تم تنفيذ القانون بصيغته الحالية.

خلال اجتماع اللجنة البرلمانية، طالب النائب هاني أباظة بتحديث بيانات الإيجارات القديمة، ورفض الاعتماد على أرقام تعود إلى عام 2017، مشيرًا إلى تغير الواقع بشكل كبير، كما طالب بتوفير بدائل بناءً على بيانات واقعية، وليس تقديرات قديمة.

أما النائب فريدي البياضي فتساءل عن التصنيف الاجتماعي للأسر المتأثرة: «كم عدد القادرين وغير القادرين؟»، في محاولة لتوفير حلول واقعية تراعي الفوارق الاقتصادية والاجتماعية.

لا للخلاء.. نعم لتحرير تدريجي لقيمة الإيجار

الاعتراضات لم تأتِ فقط من تحت قبة البرلمان، بل امتدت إلى أوساط الخبراء والمثقفين‘ حيث حذّر المهندس فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال، من خطورة توقيت طرح القانون، واصفًا ملف الإيجارات القديمة بأنه «شائك»، ويستدعي منظومة متكاملة تشمل رفع الحد الأدنى للأجور وإعادة النظر في منظومة الدعم بالكامل.

الدكتور سامح العلاليلي، عميد كلية التخطيط العمراني الأسبق، أكد أن السلبيات الناتجة عن قوانين الإيجارات السابقة هي مسؤولية تاريخية، ولكن «الحل ليس في طرد المستأجرين بعد خمس سنوات»، بل في التدرج ومراعاة الواقع الاقتصادي.

صوت الصحافة... لا للطرد الجماعي

الكاتب عمرو الشوبكي أكد في مقاله أن رفع القيمة الإيجارية بات ضرورة، لكنه شدد على أنه «لا يجب طرد المستأجر طالما يدفع القيمة المحددة»، مشيرًا إلى أن الحل هو زيادات تدريجية تراعي ظروف المواطنين، أما الكاتب حمدي رزق، فذهب أبعد من ذلك في مقاله «مش وقته خالص»، محذرًا من أن القانون «يفتح أبواب الفتنة» ويهدد الاستقرار الاجتماعي، واصفًا المشروع بأنه «قانون ريحته تقيلة»، تخلت عنه حكومات سابقة بسبب حساسيته البالغة.

الكاتب محمد أمين وصف القانون بأنه «كرة لهب»، تلقى بها الحكومة في وجه المواطنين، مشككًا في جدوى تطبيقه في هذا التوقيت الصعب، خاصة مع غياب البدائل السكنية، الإعلامي عمرو أديب أعرب عن قلقه من مصير ملايين الأسر التي تقطن شقق الإيجار القديم، مؤكدًا أن «هذه الشقق ليست كلها في الزمالك»، بل يسكنها فقراء ومتوسطي الدخل. وسأل الحكومة: «هل لديكم مليون شقة جاهزة لتعويض المتضررين؟».

أما الإعلامي أحمد الدريني، فشدد على أن القاعدة الذهبية في التشريع يجب أن تكون «دفع الضرر أولى من جلب المنفعة»، داعيًا إلى التفريق بين من يسكن فعليًا وبين من حول الشقة إلى مكتب أو مخزن.