حمدي رزق - المصرى اليوم
| 28 ابريل 2025

«ترامب» رضى عن جهله.. ورضى عنه جهله!! بقلم حمدي رزق

«ترامب» رضى عن جهله.. ورضى عنه جهله!! بقلم حمدي رزق
بقلم حمدي رزقلعميد الأدب العربى طيب الذكر، الدكتور طه حسين، مقالًا من عيون الأدب الصحفى، يصف من هو على شاكلة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بقوله: جاهل رضى عن جهله، ورضى عنه جهله، ولكنه لم يكتفِ بهذا وإنما أراد أن يذهب الناس مذهبه فى إيثار الجهل على المعرفة، وفى الحكم على الأشياء، دون أن يكون له بها علم....

وهناك مثل يابانى عميق المغزى يقول: من يقر بجهله يظهره مرة واحدة، ومن يحاول إخفاءه يظهره عدة مرات، وترامب يحاول إخفاء جهله فيفتضح جهله، وكما يقول المثل الهندى: يَضع يده فوق رأسه؛ لِيتمكّن من حكّ أنفه.

وتُضرب الأمثال جميعًا فى جهل ترامب بالتاريخ والجغرافيا، جد يحتاج الرئيس الأمريكى لمدرس تاريخ حديث يمحو جهله بتاريخ الأمم التى سبقت ولاتزال تشكل وجه الحضارة الإنسانية.

ترامب يحتاج من فوره درسًا خصوصيًا على أيدى مدرس ابتدائى يراجع معه ويدقق التواريخ، ترامب يخلط تخليطًا عجيبًا، ولا يميز بين قناة بنما وقناة السويس، قناة بنما فى الفناء الخلفى لبلاده، قناة السويس أبعد من الثريا، يقينًا ترامب لا يعرف الثريا، يترجم المثل أبعد من خيالك المريض، بتحلم بقناة السويس لما تشوف حلمة ودانك!!

الجهل بالجغرافيا تعالجه خرائط جوجل الإلكترونية، أما الجهل بالتاريخ فلا علاج له، لكل داء دواء يُستطبّ به إلا الحماقة أعيت من يداويها، وهذا رجل أحمق جاهل جهول، لا يتخفى من جهله، وغِشاءُ الجهل يكون عادةً متشكِّلًا من ظنون وافتراضات ليس لها أساسٌ يَدعمُها سوى هوى النفس.

التاريخ يقول بافتتاح قناة السويس فى حفل مهيب أقامه الخديو إسماعيل بمدينة الإسماعيلية، فى يوم 19 نوفمبر من عام 1869م، حضره عدد كبير من ملوك أوروبا وأمراؤها وعظماؤها وعلماؤها وأدباؤها.. قبل أن تصل عائلة ترامب من جنوب غربى ألمانيا بحثًا عن حلمها فى ما وراء الأطلنطى.

وتاريخيًا، الكونجرس أقرّ إعلان الاستقلال، الوثيقة التأسيسية للولايات المتحدة، فى 4 يوليو 1776م، مُعلنًا بذلك استقلال 13 مستعمرة بريطانية فى أمريكا الشمالية عن بريطانيا العظمى.

تخيل بعد قرون يأتى من وراء البحار مطور عقارى فى ثياب قرصان، يسلب المصريين أعز ما يملكون، ويزعم كذبًا: يجب السماح للسفن الأمريكية، العسكرية والتجارية على حد سواء، بالمرور مجانًا عبر قناتى بنما والسويس.. هاتان القناتان ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية.

وبلغة المندوب السامى، العم سام طلبت من وزير الخارجية ماركو روبيو التعامل فورًا مع هذا الوضع....

إيش يعمل روبيو، سيتولى أمر القناة مثلًا، سيحرك الأساطيل، ترامب صدق نفسه أنه يحمى القناة، ترامب يحمى تجارته وسفنه وحبيبة قلبه إسرائيل من صواريخ ومسيرات الحوثيين، لم نطلب حمايته، ولا توسلنا يرسل أساطيله، هو يلبى طلبات صديقه نتنياهو.

إيش يعمل روبيو إيش تعمل الماشطة فى الوش العكر، صحيح علّم فى المتبلم يصبح ناسى، علّم فى ترامب يصبح ناسى، الدول الصديقة لا تُعامل هكذا، والدولة المحورية لا تحور عليها، مصر قلب العالم القديم الذى لا تعرف خرائطه.

الجهل بالجغرافيا والتاريخ لا يبرر هذا الخبل المسيطر على ساكن البيت الأبيض، ترامب سايق الهبل على الشيطنة، ولا تخيل تخيلاته على عامة المصريين، لسنا هبل ولا داقين عصافير خضر بتطير، سفينة ترامب ضلت طريقها من قناة بنما نحو قناة السويس، ترامب ظهر فى تصريحه الغبى كمن يبيع الميه فى حارة السقايين، والترجمة بالمثل الإنجليزى: ترامب بيبيع الفحم لنيوكاسل، (Selling Coal To Newcastle).