وطنى
| 01 مايو 2024

هل أيوب له علاقة بأربعاء البصخة؟

هل أيوب له علاقة بأربعاء البصخة؟
تسمية شائعة عن أربعاء البصخه المقدسة انه أربعاء ايوب حيث يطلق الأقباط على يوم ( أربعاء البصخه) اسم ( أربعاء أيوب ) ربما اعتقاداً منهم أنه اليوم الذي برأ فيه أيوب النبي من مرضه بعد تجربته المره التي استمرت سبع سنوات .

ولايزال كثير من الأقباط يعتقدون أنه استعمل نوع من النباتات العطرية التي تنمو للان على ضفاف الترع والمصارف تسمى رعرع أيوب .

ولايزال كثير من الباعة الجائلين يبيعون هذه النباتات العطرية يوم اثنين وثلاثاء البصخه وينادون عليها رعرع أيوب يشتريها البعض لوضعها في ماء الاستحمام حيث لها قوة مطهرة طبيعية ولها رائحة عطرية .

وقد أشارت جريدة الأهرام في شهر مايو 2003م إلى تقليد موجود عند أهالي مدينة العريش أنهم يوم اربعاء أيوب يخرجون إلى شاطئ البحر ويستحمون فيه مسلمين ومسيحيين اعتقادا منهم أن سيدنا أيوب انتهت رحلة مرضه على شاطئ العريش وان من يستحم فيه في هذا اليوم يشفي من جميع امراضه .

ولكن لو نظرنا في كتب الكنيسة القبطية الطقسية الخاصة بطقس ( البصخة المقدسة) لانجد ذكر لهذا الاسم ( أربعاء أيوب ) فلا يوجد في كتبنا ولا طقوسنا لا المخطوط ولا المطبوع هذا الاسم . وقد رجعت بنفسي الى كثير منها حيث لي بحث وضعته في مذكرة دراسيه أقوم بتدريسه عن (تاريخ الطقوس) بعنوان : (تاريخ البصخة المقدسة).

إذن كتب الطقس القبطيه تخلو من هذه التسمية تماما ، والتسمية الموجودة هي ( أربعاء البصخه ) وقد ظن بعض المحدثين أنه لابد من قراءة سفر أيوب في هذا اليوم لكي يعطوا شرعية لهذا الاسم الشعبي ، هذه إضافة طقسية غير موجودة في طقوسنا القبطية ، وإضافتها لاتتم إلا من خلال اللجنة الطقسية بالمجمع المقدس .و الطقس القبطي يضع قراءة إنجيل لوقا . وليس سفر أيوب . وذلك حسب الترتيب الذي وضعه الأنبا بطرس أسقف البهنسا في القرن الثاني عشر ولايزال مستقرا ( راجع مدحت حلمي تادرس : الانبا بطرس اسقف البهنسا، مدرسة الإسكندرية السنة الأولى العدد الثاني ص 145- 163).

والبعض نتيجة اعتقاده بهذه التسمية ربط في تأمل روحي بين آلام أيوب وآلام المسيح وهو جهد مشكور بنية حسنة.. و الخوف أن يتطرف البعض في أن يجعل آلام أيوب الجسدية التي استمرت سبع سنوات أعظم من آلام المسيح الخلاصية التي استمرت عدة ساعات.

وإذا رأى البعض في آلام أيوب شبه مع آلام المسيح فلماذا لانري في آلام يوسف وآلام إيليا وغيرهم من الأنبياء أوجه شبه؟ وهي آلام موجود بالفعل وذكرتها الاسفار المقدسة، ونجعل لكل منهم يوم فنقول مثلا اثنين يوسف وثلاثاء إيليا 000 طبعا هذا غير منطقي .

كما لايوجد في قراءات سواعي أربعاء البصخه ؛ اي نبوات مأخوذة من سفر ايوب . (الاستثناء الوحيد كتاب اسبوع الالام طبعة الإسكندرية نبوة واحدة صغيرة من سفر أيوب في صلاة الساعة الثالثة تتكلم عن الآلام التي تدرك الغني كتاب ترتيب أسبوع الآلام طبعةاسكندرية ص 248 ) وقطمارس البصخه الرسمي الذي طبع في عهد البابا شنودة الثالث يخلو من هذه النبوة ( راجع قطمارس البصخه ص 188 191 ) .

ومن المعروف أن الكنيسة تحتفل بتذكار أيوب في يوم بعيد عن البصخه يوم 2 بشنس الموافق 10 مايو وهذا بعيد عن تاريخ أسبوع البصخه ( السنكسار ج 2 تحت يوم 2 بشنس) .

وبالبحث في طقس الروم الأرثوذكس وهم أقرب الكنائس لطقسنا القبطي وجدناهم يسمونه ( *الاربعاء العظيم المقدس* ) ويقرأ فيه حادثة المرأة الخاطئة التي دهنت قدمي السيد المسيح بالطيب ( السنة الطقسية لكنيسة الروم الأرثوذكس ص 121) .

والبعض ينسب أنهم يقيمون مسحة المرضى في هذا اليوم .. وهذا يحتاج لتأكيد وتوثيق .

* إذن الأمر له أصل آخر فما هو هذا الأصل ؟

درجت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية المتحدة معنا في الإيمان أن تطلق على هذا اليوم اسم : أربعاء ايوب . والكنيسة المارونية الكاثوليكية في لبنان (طقسها سرياني لأنها خرجت منها- مختصر تاريخ الكنيسة المارونية ص 23 24 ) درجت ايضا أن تحتفل بمسحة المرضى في هذا اليوم وتدهن المؤمنين بالزيت المقدس. فهل تأثر الأقباط بالسريان وبعدهم بالموارنه في هذه التسمية . كما تأثروا بادخال صوم يونان عنهم ؟

وكما تأثروا بإدخال كلمات سريانية لطقوسهم مثل مار (مارمرقس) اي السيد مرقس مرت (مرتمريم )اي السيدة مريم تنيح ( تنيح بولس ) اي تنعم بولس والمقصود موته 000 إلخ

ومن المعروف أنه في طقسنا القبطي إشارة لايوب في صلاة مسحة المرضى (القنديل) في كاثوليكون الصلاة الأولى ،حيث نقرأ من (يع 5: 10 _ 20) : قد سمعتم بصبر ايوب ورأيتم عاقبة الرب .

إذن التسمية هي تسمية شعبية جاءت من الشام من عند اخوتنا السريان الأرثوذكس (ومن بعدهم الموارنة ) تأثرا بطقوسهم وتسمياتهم خصوصا أن الأقباط كان لهم جاليه كبيرة بالشام وكان لهم كنائس في دمشق وحلب ولاتزال بعض مخطوطات من هذه الكنائس محفوظة بمكتبة البطريركية بالقاهرة ( راجع فهرس مخطوطات البطريركية بالقاهرة الجزء الثاني )،

ومن المعروف أن أولاد العسال في فترة تعريبهم لكثير من النصوص القبطية في القرن 13 كانوا يقيمون بالشام وخصوصا ان المؤتمن بن العسال كان كاهنا للجالية القبطية في دمشق سنوات طويلة .

كما أن السريان والموارنه كان ولايزال لهم جاليات كبيرة موجودة في مصر ولهم كنائس .. فالسريان الأرثوذكس لهم كنيسة في غمرة بالقاهرة والموارنة في الظاهر .

الخلاصة أن تسمية (اربعاء ايوب ) ليوم ( اربعاء البصخه) ليست في الطقس القبطي الأرثوذكسي، وانما هي تسمية شعبية وردت من الشام نتيجة تأثر الأقباط بالسريان والروم.