لم تكن رحلة مايكل الأخيرة مجرد محاولة للهروب من ضيق المعيشة أو البحث عن مستقبل أفضل، بل تحولت إلى مأساة إنسانية جديدة تضاف إلى سجل الهجرة غير الشرعية، التي تبتلع أحلام الشباب في عرض البحر، وتترك خلفها أسرًا مكسورة وقلوبًا معلّقة على أمل ضعيف في النجاة.
وسط حالة من الصدمة وعدم التصديق، يروي أصدقاء مايكل حنا أحد ضحايا مركب الهجرة غير الشرعية إلى اليونان، تفاصيل مؤلمة عن شخصيته وأحلامه ولحظات اختفائه الغامضة.
«مايكل ماكانش له زي».. صديق يروي بمرارة
وقال مينا محروس، أحد أصدقاء مايكل المقربين في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد، إن الراحل كان مثالًا للأخلاق والجدعنة، مؤكدًا أنه لم يقابل شخصًا يشبهه في احترامه وتعاملاته مع الناس. وأضاف: «مايكل كان شاب كويس جدًا، محترم وبيعامل الكل كويس، وجدع بمعنى الكلمة، صاحب صاحبه، ودايمًا واقف جنب اللي حواليه».
وأوضح محروس أن الصدمة لا تزال تسيطر عليه، رافضًا تصديق خبر وفاته حتى الآن، قائلًا: «أنا لسه عندي أمل في ربنا إنه يكون عايش، مش هصدق غير لما أشوف بعيني».
الرحلة المجهولة.. مركب مليئة بالموت
وتابع محروس أن مايكل أخبرهم قبل سفره بأنه سيستقل مركبًا في محاولة للهجرة، مشيرًا إلى أن المركب كانت مكتظة بالمهاجرين غير الشرعيين. وأضاف بغضب وحزن: «الهجرة غير الشرعية المفروض تتلغى خالص، أي حد بيفكر فيها لازم يتوقف، اللي بيحصل ده موت بعينه».
صرخة إلى الأهالي والحكومة
ووجّه محروس رسالة مؤثرة إلى الأهالي، متسائلًا: «إزاي أم تشوف ابنها بيموت قدام عينيها؟».
وأكد أن الهجرة غير الشرعية لم تحصد فقط مايكل، بل سبقتها مآسٍ أخرى، قائلاً: «قريب صاحب ليا راح بسبب الهجرة ومش عارف مصيره لحد دلوقتي، هشوفه تاني ولا لأ».
انتظار مؤلم وإجراءات معلّقة
من جانبه، قال صديق آخر يدعى مايكل توماس عادل، إن عودة الجثامين أو الناجين حال وجودهم لا تزال مرهونة بانتهاء الإجراءات، موضحًا أن الأمر قد يستغرق عدة أيام، وأن العدد الإجمالي للأشخاص على المركب بلغ 16 شخصًا.
ذكريات الطفولة وخديعة المهرّب
وأضاف عادل بحرقة أن مايكل كان صديق عمره منذ الطفولة، وعملا سويًا في القاهرة لسنوات. وقال: «ماعرفش إيه اللي خلاه يروح الطريق ده، ده صاحب عمري».
وأشار إلى أن آخر لقاء جمعهما كان قبل أسبوع فقط من الواقعة، حيث لعبا سويًا، ثم اختفى مايكل فجأة، قبل أن يعلم بسفره. وأكد أن المهرّب خدع الأسرة والأصدقاء مدعيًا وصول المركب، بينما كان هدفه فقط تحصيل الأموال، ليُكتشف لاحقًا أن المركب لم تصل من الأساس.
قصة مايكل ليست استثناءً، بل نموذجًا مأساويًا يتكرر كل يوم مع شباب دفعهم اليأس إلى طرق أبواب الموت بأيديهم. وبين وعود كاذبة من سماسرة الهجرة، وأحلام بسيطة بحياة كريمة، تضيع الأرواح في صمت البحر. ويبقى السؤال المؤلم.. إلى متى تستمر هذه الرحلات المحفوفة بالموت، ومتى يتحول الأمل من قارب هش إلى واقع يحمي أبناءه من الغرق؟



