تستعد فيتنام لمواجهة واحدة من أقوى العواصف الاستوائية هذا العام، إذ أعلنت السلطات، الأحد، عن مصرع ثلاثة أشخاص وفقدان رابع نتيجة غرق قاربين تحت تأثير الأمطار الغزيرة المصاحبة للعاصفة “كوتو”. وفي ظل
تدهور سريع في الأحوال الجوية واقتراب العاصفة من سواحل البلاد الجنوبية، اتخذت الحكومة إجراءات طارئة شملت تعليق جزء واسع من حركة الطيران وإيقاف الملاحة وتحذير السكان من أمطار ورياح قد تسبب دماراً في عدة مناطق.
اضطراب واسع في حركة الموانئ والرحلات الجوية
أمرت السلطات الفيتنامية جميع قوارب الصيد والسفن التجارية بالعودة فوراً إلى الموانئ، بعد تسجيل ارتفاع خطير في مستويات الأمواج نتيجة الرياح القوية التي سبقت وصول العاصفة.
وأفادت مصادر رسمية بأن الأمواج تجاوزت في بعض المناطق خمسة أمتار، الأمر الذي جعل الإبحار شبه مستحيل.
وفي قطاع الطيران، قالت هيئة الملاحة الجوية إنها اضطرت إلى تحويل مسار عشرات الرحلات وتأجيل أخرى، وسط مخاوف من انعدام الرؤية وحدوث اضطرابات جوية مفاجئة. وظهر ازدحام كبير في بعض المطارات، خصوصاً في مطار “تان سون نهات” بمدينة هو تشي منه، حيث تكدس مئات المسافرين بانتظار تحديث وضع رحلاتهم.
مأساة بحرية: غرق قاربين وضحايا في خان هوا ولام دونج
قالت وزارة البيئة والموارد الطبيعية إن العاصفة أدت إلى انقلاب وغرق قاربين، أحدهما في مقاطعة خان هوا الساحلية، والآخر في لام دونج الجبلية.
وأسفر الحادثان عن مصرع ثلاثة أشخاص، فيما تتواصل عمليات بحث مكثفة عن الشخص الرابع المفقود.
وأوضح مسؤول في لجنة إدارة الكوارث أن الظروف الجوية الصعبة تعيق عمليات الإنقاذ، حيث تعجز الفرق أحياناً عن الوصول إلى النقاط التي يُرجَّح وجود الضحية فيها. وأضاف:
“نحن في سباق مع الوقت قبل أن تزداد قوة العاصفة… وكل دقيقة لها قيمتها.”
توقعات الأرصاد: أمطار طوفانية وانهيارات أرضية محتملة
توقعت هيئة الأرصاد الجوية أن تستمر الأمطار الغزيرة طوال الأيام المقبلة، محذرة من أن العاصفة “كوتو” تبعد الآن نحو 300 كلم فقط عن اليابسة، وقد تتعزز قوتها مع استمرار حركتها البطيئة فوق مياه دافئة توفر لها طاقة إضافية.
وتشير توقعات الهيئة إلى:
• رياح قد تتجاوز سرعتها 90 كم/ساعة
• فيضانات مفاجئة في 10 مقاطعات
• انهيارات أرضية في الأقاليم الجبلية الوسطى
• احتمال ارتفاع منسوب المياه في الأنهار الرئيسية
كما حذرت الحكومة من الاقتراب من مناطق الأنهار والسدود، مع استعدادات لفتح بعض بوابات تصريف المياه تجنباً للغرق.
خسائر المناخ في فيتنام… عام الأسوأ منذ سنوات
تُعد فيتنام من أكثر الدول تعرضاً للكوارث الطبيعية في جنوب شرق آسيا بسبب موقعها على خريطة العواصف المدارية.
ووفق البيانات الرسمية، شهدت البلاد هذا العام وحده:
• أكثر من 400 حالة وفاة أو فقدان
• خسائر اقتصادية تجاوزت 3 مليارات دولار
• تدمير آلاف المنازل والمنشآت الزراعية
• تشريد مئات الأسر من المناطق الجبلية
ويؤكد خبراء المناخ أن ازدياد قوة العواصف مرتبط مباشرة بتأثيرات التغير المناخي، الذي يرفع درجات حرارة المحيطات ويزيد من تكثّف العواصف.
استعدادات حكومية واسعة النطاق
تعمل السلطات حالياً على:
• إجلاء مئات الأسر من المناطق الأكثر عرضة للخطر
• تجهيز مراكز إيواء مؤقتة بالمؤن والمواد الأساسية
• نشر فرق من الجيش والشرطة للمساعدة في عمليات الإغاثة
• وضع المستشفيات في حالة تأهب قصوى
• مراقبة السدود والأنهار على مدار الساعة
كما أصدرت وزارة التعليم توصية بإغلاق المدارس في ثلاث مقاطعات إذا اشتدت العاصفة خلال الساعات المقبلة.
تأثير اجتماعي ومعيشي مباشر
تسببت الأحوال الجوية في:
• توقف الصيد البحري في عدة قرى معيشية تعتمد عليه بشكل كامل
• نقص المعروض من الأسماك والمنتجات الطازجة في الأسواق المحلية
• انخفاض كبير في حركة نقل البضائع
• تخوفات بين المزارعين من تلف المحاصيل قبل موسم الحصاد
وقالت الأسر في المناطق الساحلية إنها تعيش حالة من الترقب والقلق، خاصة بعد تضرر مناطق عديدة العام الماضي من عواصف مشابهة.
مع اقتراب العاصفة “كوتو”، تواجه فيتنام اختباراً جديداً لقدرتها على إدارة الأزمات المناخية المتكررة التي باتت تضرب البلاد بوتيرة أشد عاماً بعد عام. وبينما تسابق السلطات الزمن لتعزيز الاستعدادات وحماية السكان، يبقى الخطر قائماً، وسط توقعات بمزيد من الأمطار والرياح القوية التي قد تجعل الساعات المقبلة حاسمة بالنسبة للمناطق الساحلية والجبلية على حد سواء.
