في مشهد مؤسف يخالف مواثيق دولة القانون وسيادتها، عُقدت أمس جلسة عرفية بقرية "الجلف" مركز بني مزار بالمنيا، بحضور محكّمين وسط تواجد المئات من أبناء القرية، والتي جاءت مجحفة في حق الشاب المتهم وأسرته، حيث
تعهّد أحد الأقباط بإلزام والد الشاب المتهم "سامح إسحق" ببيع منزله بالقرية ومغادرتها، وكذلك جدّ الشاب ويدعى "نابليون" الذي تم تغريمه أيضًا مليون جنيه، حيث حضر الجلسة ممثلون عن أسرة الفتاة وممثلون عن الأقباط.
وقد أقرت الجلسة أن هذا الصلح تم بالتراضي بين الطرفين، حيث تم حلف اليمين للطرفين، مؤكدين أن الموضوع لم يكن له ترتيب أو إعداد مسبق، وإنما كان تفكيرًا وليد اللحظة من شاب طائش، وقد قبل الطرفان الشروط ووُضع الشرط الجزائي على الطرفين، وتعهد الطرف المسيحي بالتزام أمام الحضور عليه تنفيذه، وأن الجانب القضائي لا دخل للطرفين فيه.
وخرج أحد قادة الجلسة ليعلن في مكبّر صوت لكل أهالي القرية عن شروط الجلسة وهي:
تغريم "نابليون" جدّ الشاب مليون جنيه غرامة.
وضع شرط جزائي بين الطرفين بمليوني جنيه لأي طرف يخل ببنود الاتفاق.
الاستمرار في الإجراءات القانونية للمتهم المقبوض عليه وترك الأمر للقانون.
التوقف عن أي كتابات على وسائل التواصل الاجتماعي والتأكيد على الإخاء بين أبناء القرية ووحدتها.
أن يشرف على تنفيذ الاتفاق "العمدة محمود" عمدة القرية.
ولم يتحدث المحكّم في إعلانه للأهالي عن تهجير الأسرة، حيث ترك الأمر لقبطي من القرية يتحدث للأهالي، والذي أعلن التزامه بأن يبيع سامح إسحق والد الشاب المتهم منزله ويغادر القرية، وكذلك الجد "نابليون". وقد دوّى التصفيق والهتافات بين أهالي القرية بعد إعلان مغادرة أسرة الشاب المتهم للقرية.
ثم تحولت الكلمات من منصة الحضور إلى كلمات تؤكد على الوحدة ونبذ الفتنة، وأن القانون سوف يأخذ مجراه، فالدولة لها قانونها، والقرية لها عرفها الذي تسير به. وعقب انتهاء الجلسة تجمهر المئات بالقرية وهم يسيرون بشوارعها وسط هتافات دينية وزغاريد النساء بعد تحقيق أهدافها من قرارات اللجنة العرفية، ورغم التواجد الأمني بالقرية، فلم يمنع ذلك هذه التجمهرات.
وقال أحد أقباط القرية إن "نابليون" جدّ الشاب المتهم وافق على الشروط نتيجة حالة الخوف التي تعم القرية، حيث تم مهاجمة منزله ومهاجمة منزل عمّ الشاب ويدعى "عاطف سمير" عقب صلاة الجمعة أمس، وتم إلقاء النيران على المنزل دون خسائر مادية، إذ إن جميع أسر الشاب القبطي المتهم كانت قد غادرت منازلها قبل يوم الجمعة خوفًا على حياتها.
وأضاف أن القرار الذي تعهّد بتنفيذه القبطي وعمدة القرية هو بيع منزل "نابليون" جدّ الشاب، و"سامح إسحق" والد الشاب، حيث يعيش "نابليون" البالغ من العمر 65 عامًا في منزل مكوّن من ثلاثة طوابق مع زوجته، بينما يعيش "سامح إسحق" مع أبنائه الثلاثة وزوجته في منزل أيضًا مكوّن من ثلاثة طوابق.
وتابع القبطي أن الجلسة لم تتطرق إلى التعويضات عن أي خسائر وقعت في منازل أو مزارع الأقباط، فتم تجاهل الاعتداءات، وكان الهدف هو خروج أسرة الشاب من القرية. وكان من الغريب الحديث عن دولة القانون واحترامها وترك الأمر للقانون، وفي
الوقت نفسه يُحكم بالعرف على أسرة الشاب وجدّه دون احترام للقانون، مشيرًا إلى أن أقباط القرية لم يكن أمامهم أي سبيل سوى الموافقة للحفاظ على حياتهم وسلامتهم، لاسيما أبناؤهم الذين ظلوا بمنازلهم يوم الخميس دون الذهاب إلى مدارسهم.
واعتبر أهالي القرية أن قرارات اللجنة ساهمت في تحقيق سلام القرية ومنع الفتنة على حد قولهم وتحقيق الهدوء بين الجميع، في ظل الالتزام بالقرارات وعدم التعرّض لأي شخص.



