أكد قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن الاتضاع هو حارس نعمة الرهبنة، مشيرًا إلى أن حياة الراهب لا تكتمل إلا بالاتضاع الذي يجعل الطريق الروحي يسير في اتجاهه الصحيح، قائلًا: "دعوة الرهبنة هي دعوة الاتضاع، وبالاتضاع تظهر رائحة المسيح الذكية في الراهب".
جاء ذلك خلال زيارة قداسة البابا تواضروس إلى دير الشهيد مار مينا العجائبي المعلق بجبل أبنوب بمحافظة أسيوط، ضمن جولته الرعوية الحالية التي تشمل إيبارشيات وأديرة المحافظة، في اليوم السابع من الجولة، بمشاركة عدد من الآباء المطارنة والأساقفة.
واستهل البابا تواضروس الزيارة بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية التي توثق إنجاز المرحلة الأولى من بناء سور الدير، ثم توجه إلى كنيسة الشهيد مار مينا حيث أقام صلاة الشكر، وعقد لقاءً مع مجمع رهبان الدير، كما زار مزار الأنبا لوكاس المتنيح، والتقى خدام الدير من العمال، وقدم لهم كلمات روحية وهدايا تذكارية.
وفي كلمته للآباء الرهبان، أعرب البابا تواضروس عن سعادته بزيارة الدير ولقاء مجمعه، مثمنًا الجهود المبذولة لتطويره، لافتًا إلى أن مصر تزخر بأديرة ذات تاريخ طويل قدمت أجيالًا من الرهبان الذين سلموا الحياة الرهبانية بأمانة.
وتحدث قداسته من خلال المزمور 139 عن المبادئ الأساسية للحياة الرهبانية، موضحًا أن "حارس الفكر هو الكتاب المقدس" الذي يحمي الراهب من محاربات الشر ويقوده للتأمل في كلمة الله كدليل عملي للحياة الروحية، بينما "مفتاح القلوب هو المحبة" التي تُترجم إلى أعمال وتعاون داخل مجتمع الدير.
وأضاف أن "مفتاح النجاح الرهباني هو القدوة والالتزام"، مؤكدًا أهمية خضوع الراهب لنظام الدير وحدوده لتحقيق النهايات السعيدة في حياته الروحية، كما شدد على أن "عدو الراهب هو ذاته"، محذرًا من الشعور بالتفوق أو الكبرياء الذي يقود للسقوط، مشيرًا إلى أن الذات تحارب الإنسان من خلال الشهوة وصورها المختلفة، ومن بينها المال.
وختم البابا حديثه بالتأكيد على أن "نهاية الأمر خير من بدايته"، داعيًا الرهبان للاجتهاد في حياتهم ليكون ختامها مرضيًا أمام الله، نائلين الإكليل السماوي.
وعقب الكلمة، رحب نيافة الأنبا بيسنتي أسقف أبنوب والفتح وأسيوط الجديدة ورئيس الدير بقداسة البابا، وقدم له وثيقة تتضمن نبذة عن تاريخ الدير الذي عاش فيه القديس البابا أثناسيوس الرسولي نحو ستة أشهر ودشن فيه كنيسة الشهيد مار مينا.
كما تبادل قداسته والأنبا بيسنتي الهدايا التذكارية، وسط أجواء من المحبة الروحية التي جمعت رهبان الدير مع بطريرك الكنيسة القبطية في واحدة من أبرز زياراته الرعوية إلى صعيد مصر.



