مرض اليد والقدم والفم (Hand, Foot, and Mouth Disease HFMD) هو مرض فيروسي تسبّبه فيروسات المعوية (enteroviruses)، وأشهرها فيروس كوكساكي (Coxsackievirus) وفيروس المعوي 71 (Enterovirus 71).
ينتقل المرض في الأساس عبر الجهاز الهضمي (عن طريق البراز، أو إفرازات الفقاع الجلدي)، لكن يمكن أيضًا أن ينتشر عبر الإفرازات التنفسية (مثل الرذاذ عند العطس أو السعال). سريريًا، يتطوّر المرض على هيئة أربع مراحل متميزة يُمكن تمييزها تباعًا، وذلك وفقًا لموقع Vinmec International Hospital.
1. مرحلة الحضانة (Incubation Stage)
تبدأ الإصابة بدخول الفيروس إلى الجسم، وتمتد فترة الحضانة عادةً من 3 إلى 7 أيام بعد التعرض للعدوى. قد يكون التعرض عبر السعال، أو اللعاب، أو سائل الفقاع الجلدي أو البراز لشخص مصاب.
خلال هذه المرحلة، لا تظهر أعراض ظاهرة، وهو ما يجعل معرفة العدوى صعبة مبكرًا. يُشير المقال إلى أن الأطفال هم الأكثر عرضة، خصوصًا في أماكن التجمع مثل دور الحضانة، الحضانات، الملاعب العامة، حيث قد يحدث تلامس مباشر أو غير مباشر مع سطح ملوث أو ألعاب ملوّثة أو بيئات غير معقّمة.
انتقال الفيروس لا يحدث دائمًا عن طريق الاتصال المباشر؛ بل قد ينتقل أيضًا عبر اليدين اللتين تلمسان سطحًا ملوّثًا، أو من خلال رعاية بسيطة غير صحيحة (مثل عدم غسل اليدين) أو من خلال تلوث الأطعمة أو أدوات الأطفال.
2. مرحلة الأعراض الأولى (Initial Symptoms Stage)
في هذه المرحلة، التي تستمر عادةً من يوم إلى يومين، تبدأ الأعراض الأولى التي تشبه أمراضًا أخرى، مما قد يربك الأهل أو الأطباء في التمييز المبكر.
من أبرز الأعراض:
حمّى: قد تكون طفيفة إلى متوسطة، أو أحيانًا مرتفعة.
إجهاد عام أو تعب
التهاب الحلق
انخفاض الشهية، وقد يُرافق ذلك تقيؤ
إسهال خفيف قد يظهر بعدد مرات قليلة في اليوم
في كثير من الحالات، قد يجهل الأهل كم تدوم الحمى في حال الإصابة بـ HFMD، مما قد يؤدي إلى تأخّر في التشخيص والمتابعة. كما يُنبه إلى أن استمرار الحمى فوق 39 درجة مئوية لأكثر من ثلاثة أيام، خاصةً عند الأطفال دون الثالثة من العمر، قد يكون علامة تحذير لحدوث مضاعفات مثل التهابات في الجهاز العصبي (encephalitis) أو غيرها.
3. مرحلة المرض الفعلية (Illness Stage)
تُعد هذه المرحلة الأبرز والأكثر وضوحًا في مسار المرض، وتدوم عادة بين 3 إلى 10 أيام من بدء ظهور الأعراض.
في هذه الفترة، تظهر العلامات المميزة التي تُميّز HFMD:
أ) قرحات الفم (Mouth ulcers)
تظهر القرحات على الغشاء المخاطي للفم، مثل اللسان واللثة وباطن الخدّ. الفقاعات أو الحويصلات التي يتراوح قطرها بين 2 إلى 3 مليمترات تنفجر بسرعة، مما يسبب ألمًا عند البلع أو الأكل، وزيادة في اللُعاب.
ب) الطفح الفقاعي الجلدي (Vesicular Rash)
في البداية يظهر الطفح على شكل بقع حمراء صغيرة (12 مليمتر) قد يغفل عنها الأهل، ثم تتطوّر لتصبح فقاعات تصل إلى 210 مليمترات، غالبًا على راحتي اليدين، أو باطني القدمين، أو حول منطقة الحفاضات (في الأطفال)، أو على الركب. أساس الفقاعات يكون محمرًّا، وقد تكون مرتفعة أو شبه مغمورة، وتحتوي على سائل شفاف في معظم الحالات.
في حال تلوّن السائل داخل الفقاعات أو تحولها إلى ماء عكر، فقد يدل ذلك على وجود عدوى ثانوية (لكن هذا نادر الحدوث). غالبًا ما تختفي الفقاعات خلال حوالي سبعة أيام، وقد تُترك وراءها بقعًا داكنة (فرط تصبغ) أو قد تختفي تمامًا إذا تم العلاج بشكل مناسب.
ج) أعراض أخرى قد ترافق هذه المرحلة
بعض الأطفال قد يعانون من حرارة خفيفة، أو تقيؤ، أو شعور عام بعدم الراحة. لكن إذا استمرت الحمى بشكل مرتفع أو صاحبها تقيؤ متكرر، فقد تزيد فرصة حدوث مضاعفات. من المضاعفات المحتملة (وإن نادرة) هي مشاكل عصبية، قلبية أو تنفسية، والتي قد تظهر في الأيام من 2 إلى 5 بعد بداية الأعراض.
4. مرحلة النقاهة (Convalescent / Recovery Stage)
إذا تعافى الطفل من دون أي مضاعفات خطيرة، فإنّه يدخل في هذه المرحلة بعد انقضاء مرحلة المرض الحاد. غالبًا تكون مدتها بين 3 إلى 5 أيام من انتهاء الأعراض الحادة، أو حوالي سبعة أيام منذ بداية الأعراض.
من المهم التنبيه إلى أن ليس كل مريض يمرّ بدقة بهذه المراحل الأربع؛ فهناك أشكال غير نمطية من المرض:
النموذج فائق الحدة (Hyperacute form):
في هذا النوع، قد تتطوّر المضاعفات بسرعة كبيرة، وقد تحدث فشل تنفسي أو قلبي، أو غيبوبة، أو الوفاة خلال 2448 ساعة.
النموذج غير النمطي (Atypical form):
حيث قد تكون الأعراض أقل وضوحًا، قد يقتصر الأمر على طفح جلدي غير واضح أو قرحة وحيدة في الفم، أو قد تظهر الأعراض العصبية أو التنفسية أو القلبية دون وجود الطفح أو القرحات الواضحة.
متى يجب أخذ الطفل إلى المستشفى؟
المضاعفات الناجمة عن HFMD قد تشكّل خطورة كبيرة وقد تكون مميتة في بعض الحالات. لذا على الأهل أن يراقبوا أطفالهم بعناية، وأن لا يكتفوا بالوقاية عبر النظافة فقط، بل يجب أن يكونوا يقظين للتدخل المبكّر عند ظهور أعراض تحذيرية.
من بين الأعراض الطارئة التي تستدعي التوجّه الفوري إلى المستشفى:
حمّى مستمرة مع تقيؤ
علامات عصبية مثل المفاجأة (startle)، أو الرجفات، أو الخمول، أو فقدان الوعي، أو التشنجات
صعوبات تنفسية مثل ضيق التنفس، أو التنفّس السريع، أو التنفس غير المنتظم
فشل الدورة الدموية مثل تسارع ضربات القلب، برودة في الأطراف، شحوب أو ازرقاق الجلد.



