قرر الأزهر انشاء متحف العلماء المسلمين كما أطلق عليه، عندما قرأت الخبر تملكتني الحيرة، ودارت في ذهني عدة أسئلة، أولها ما هو المقصود بالعلماء؟، هل المقصود الفقهاء؟ وليست غريبة أو عجيبة أو مدهشة أن تطلق على الفقيه أو الشيخ صفة عالم، فنحن ليل نهار في إعلامنا نقول قررت" هيئة كبار العلماء" كذا وكذا،

وبالبحث نجد كل ما يقال هو مجرد فتاوي ولا علاقة لها بتجارب أو اكتشافات علمية، ونجد أيضاً أن كل الأعضاء مع احترامي لهم هم من المشايخ، ولم يسمع عنهم دخول معمل أو اكتشاف نظرية، وهذا ليس عيباً ولا نقيصه، لكن المفروض أن تسمى "هيئة كبار المشايخ"،
فمعنى العلم science شيء مختلف تماماً عن المعارف knowledge، والفقه والحديث…الخ معارف لا علم، ثاني الأسئلة هو سؤال مؤرق عن تصميم عربي عام وشامل، لماذا الإصرار على لصق صفة إسلامي بالعالم إذا كنت تقصد العلماء التجريبيين للضوء والفلك والنبات …الخ ؟!،
هل سمع الأزاهرة عن أن إنجلترا تتفاخر بنيوتن المسيحي أم نيوتن الإنجليزي؟!، هل سمع الشيوخ عن تمسك أمريكا بتشييد متحف لسولك مكتشف لقاح شلل الأطفال يكتبون على لافتته "متحف سولك اليهودي"؟!!، هذا الإصرار
العجيب يجعلنا نفتح ملف العلماء المسلمين كما يطلق عليهم، وهل هم نبغوا في العلوم نتيجة انتمائهم الديني، أم لأنهم أبناء دول لها حضارات سابقة وراسخة وتاريخ علمي سابق بسمح بالتراكم؟، السؤال الآخر الذي
شغلني هل ستقصرون المتحف وتخصصونه لعلماء السنة أم لعلماء الشيعة؟!، أعرف أن هناك من الشيوخ الأجلاء من هاجم الشيعة بقوة، وبرغم أن الأزهر قد بناه الشيعة في البداية إلا أننا لا نستطيع أن ننكر أن قطاعاً
عريضاً من رجال المؤسسة الدينية عندنا لديهم مع الشيعة حساسيات دينية عقائدية، وهذا وصف مخفف للخلاف، لكن هل سيكون في هذا المتحف تمثال لنصير الدين الطوسى أعظم علماء الفلك؟، وهل سيكتب تحته الطوسي الشيعي؟!،
أشك أنه ستقام تماثيل لهؤلاء العلماء لأن التمثال حرام ومن الممكن اعتباره صنماً!، هل جابر بن حيان الشيعي وأعظم علماء الكيمياء سينضم لقائمة التكريم ( بلاش تماثيل؟)، ومعه ابن سينا الشيعي وهو واحد من أعظم الأطباء في
التاريخ!!، وهل سيضم المتحف العلماء المسلمين الذين اتهموا بالإلحاد، مثل الرازي؟!، وهل سيضعون بطاقات تعريف بجانب كل شخصية مكتوب فيها أنه قد تم تكفير هذا العالم أو ذاك من ابن تيمية وفقهاء آخرين، هل سيكتب على باب المتحف
عبارات تكفير العلماء الذين نتفاخر بهم؟!، فلقد كفّر الفقيه ابن تيمية العالم جابر بن حيان ، وقد أفتى ابن تيمية فى تحريم الكيمياء فتوى فى مجموع الفتاوى (368/29) وقال: «أهل الكيمياء من أعظم الناس غشاً! وهم أهل ذلة وصغار»!
وقال: «الكيمياء محرمة باطلة»!، ولم يكن فى أهل الكيمياء أحد من الأنبياء ولا من علماء الدين ولا الصحابة ولا التابعين»!، وإن جابر بن حيان «مجهول لا يُعرف! وليس له ذكر بين أهل العلم والدين»! ،و«الكيمياء أشد تحريماً من الربا»!!،
ثم يقول: «الكيمياء لم يعملها رجل له فى الأمة لسان صدق ولا عالم متبع ولا شيخ ولا ملك عادل ولا وزير ناصح إنما يفعلها شيخ ضال مبطل»! ، أما ابن سينا الموجود تمثاله أمام بوابات أعرق كليات الطب فى أوروبا فقد قال عنه ابن القيم
فى «إغاثة اللهفان 2/374»: «إنه إمام الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر»، وقال عنه الكشميرى فى «فيض البارى 1/166»: «ابن سيناء الملحد الزنديق القرمطى»، لذلك نقل عنهم وقال الشيخ صالح الفوزان: «إنه
باطنى من الباطنية، وفيلسوف ملحد»، نأتي الى ما قيل عن أبى بكر الرازى والذي لا تكفيه مجلدات، فقد كفّروا هذا الطبيب والعالم والفيلسوف العبقرى، قال عنه ابن القيم فى «إغاثة اللهفان 2/179»: «إن الرازى من المجوس»، و«إنه ضال مضلل». ،
و قال ابن العماد فى «شذرات الذهب 2/353» عن الفارابى: «اتفق العلماء على كفر الفارابى وزندقته»، وقال ابن تيمية عن محمد بن موسى الخوارزمى: «العلوم الشرعية مستغنية عنه وعن غيره»، قالوا عن ابن الهيثم: «إنه
كان من الملاحدة الخارجين عن دين الإسلام، وكان سفيهاً زنديقاً كأمثاله من الفلاسفة»، وقالوا عن نصير الدين الطوسى: «إنه نصير الشرك والكفر والإلحاد»، وقالوا عن الكندى: «إنه كان زنديقاً ضالاً»، فرد
عليهم الكندى قائلاً: «هؤلاء من أهل الغربة عن الحق، وإن تُوجوا بتيجان الحق دون استحقاق، فهم يعادون الفلسفة دفاعاً عن كراسيهم المزورة التى نصبوها من غير استحقاق، بل للترؤس والتجارة بالدين، وهم عدماء الدين».
فلنتفرغ للمتحف المصري الكبير الذي يحمل اسم مصر ، وطننا الكبير الذي يعيش فيه العالم المصري الذي ديانته الإسلام، بجانب الذي ديانته المسيحية، ولنتذكر مصر أولاً.