القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

لماذا أحب بليغ؟ بقلم خالد منتصر

فى كل عام وفى ذكرى بليغ حمدى التى مرت علينا منذ أيام، يسألنى الأصدقاء لماذا تحب بليغ؟، لماذا أنت من ألتراس بليغ ولست من ألتراس عبدالوهاب أو السنباطى؟، بداية، أؤكد على أن عبدالوهاب والسنباطى ملحنان عملاقان، وأحب ألحانهما، خاصة عبدالوهاب الذى أحسه كان أكثر قرباً للشباب، ومراقباً جيداً لتغيرات الأجيال، لكن لماذا بليغ أكثر قرباً لقلبى ووجدانى؟

لماذا أحب بليغ؟ بقلم خالد منتصر

وهذا بالطبع ليس انتقاصاً من عبدالوهاب أو السنباطى أو الموجى.. إلخ، لو قسمنا قبيلة الفنانين نجد طائفة تحت مظلة ديونيزيوس، الذى يمثل النشوة، والطائفة الأخرى تحت مظلة أبوللو، الذى يمثل العقل

والحكمة، وبليغ ديونيزيوسى بامتياز، بوهيمى، تفيض عليه الموسيقى من نبعها السحرى فتنساب أنهاراً من الألحان، غير منظم، عشوائى، ذاكرته لا تحتفظ بالتفاصيل، لكن المدهش أن لديه راداراً يلتقط بحدة

فائقة، وألحاناً تتفوق فى العدد برغم قصر حياته وموته المبكر على أى ملحن آخر، وكل لحن هو أيقونة بالنسبة لمن يكتشفهم، عفاف راضى ردوا السلام، على الحجار على أد ما حبينا، كل روائع محمد رشدى طاير يا هوا وع الرملة.. إلخ.

روائع وردة العيون السود ووحشتونى.. إلخ، روائع شادية، وصباح، وميادة وعزيزة جلال وغيرهم من المطربين، أغنيته كانت الماستربيس، وبالطبع أعماله للعندليب وكوكب الشرق تحتاج إلى مجلدات ومجلدات، بليغ له مقطوعات موسيقى خالصة راقصة بدون

كلمات، وتفرد فى العصر الحديث بجهوده فى الأوبريتات، والموسيقى التصويرية مارسها بكل الحب ولو اكتفى بشىء من الخوف والزمار لكفاه خلوداً وفخراً فى هذا المجال، حتى عندما لجأ للأغانى الدينية تفوق فيها وصنع علامات لا تنسى فى تاريخ الفن.

يكفى مولاى إنى ببابك للنقشبندى، وعندما وضع تيترات لمسلسلات بعد عودته من المنفى، وضع واحداً من أجمل التيترات الموسيقية بوابة الحلوانى، بليغ أتذكره كلما شاهدت فيلم أماديوس عن موتسارت، فهذا الموسيقار النمساوى كان مثل بليغ بوهيمياً لم

ينخرط كثيراً فى الدراسات الأكاديمية مثل ساليرى منافسه وأستاذه فى الفيلم، لكنه كان فياضاً عبقرياً محيراً، الجميع يتساءل كيف يهبط عليه كل هذا الفيض اللحنى، حبى لبليغ ذوق خاص والفن أذواق، وأحترم أذواق المخالفين، والقمة تتسع لأكثر من موسيقار.

لكن يظل بليغ بكل تلك البوهيمية له طعم مختلف فيه من جنون الفن أكثر من الجميع، فيه من بكارة الإبداع وطزاجته ما يبهرك، وفوق هذا وذاك هو ليس متفرنجاً، هو مصرى حتى النخاع، من الممكن أن يلتقط جمله اللحنية من غناء بائعى الفاكهة والفلاحين

وعدودات الصعيد، وعندما تلمس عصا موسيقاه السحرية أى عمل تحوله 180 درجة، فمثلاً مسرحية ريا وسكينة الشر والجريمة والدم، موسيقى بليغ جعلتها مصدر بهجة!! بليغ له فى قلبى وقلب الكثير من المصريين مساحة لا يزاحمه فيها أحد، أعترف أنا بليغى الهوى وأفخر.

خالد منتصر - الوطن
16 سبتمبر 2025 |