قصة ربما لا تتكرر كثيرا، ورحلة معاناة مؤلمة ما بين قسوة الأم وإنكار الأب، وشارع رفض حتى أن يأويه أو أن يكون له العون والسند، ليجد نفسه وحيدا مشردا بلا تعليم، بلا هوية أو حتى شهادة ميلاد، أو بالأحرى بلا حياة.

بداية المأساة
الطفل حسن، البالغ من العمر 13 عامًا، نشأ بمدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر، برفقة والدته التي أخبرته أن والده من مركز تلا بمحافظة المنوفية، لكن لا قسيمة زواج لإثبات الطفل أو حتى والدته.
واجه حسن أبشع صور القسوة، حيث كانت والدته تعامله بضرب مبرح حينًا، وحرق يديه وقدميه أحيانًا أخرى، قبل أن تطرده من المنزل بعد زواجها من رجل آخر، بدلا من أن تقوم على رعايته.
الشارع مأوى مؤقت
لم يجد حسن مكانًا يلوذ به سوى الشوارع، لجأ إلى أحد المساجد في الغردقة للمبيت، لكن القائمين عليه رفضوا وجوده وطردوه، توجه بعدها إلى أحد الشواطئ المفتوحة على مدار اليوم، وفرش كيسًا أو قطعة كرتون ليحتمي بها من الرمال ويبيت ليلته، لكنه كان يستيقظ ليجد متعلقاته مسروقة، حتى نظارة النظر التي كان يرتديها لم تسلم من السرقة.
محاولة للرزق
تجول حسن غريبا فى المدينة لا يعلم أن يذهب او حتى يتحصل على قوت يومه ليقرر أن يبحث عن عمل يوفر له القليل من أجل الحياة، فقرر استغلال مبلغ 200 جنيه منحها له أحد الأشخاص في شراء ذرة وزيت لصناعة الفشار وبيعه على الشاطئ، لكنه كان يفقد ما تحصل عليه حيث كانت تسرق حقيبته بعد ان يبيت ليلته على نفس الشاطئ.
رحلة البحث عن الأب
قبل أيام، هجر حسن الشاطىء وهو ينظر يمينه ويساره، يبحث عن أى شخص ينقذه من حرارة الشمس الحارقة او يوفر له بعض الخبز، وقرر إيقاف سيارة عابرة، وحكى لسائقها قصته كاملة، مؤكدًا أن والده من المنوفية، السائق تواصل مع أحد أقاربه، وجرى الاتفاق على إيصال الطفل.
بالفعل سافر حسن إلى مركز الباجور واستقبله حمادة عيد وأحمد البعثى بقرية الغنامية وسمعا قصته المؤلمة وقرروا اصطحابه إلى حيث والده الذى أخبرته والدته عليه بمركز تلا، لكن الأسرة هناك أنكرت نسبه، ورفضت استقباله.
مبادرة إنسانية
أشخاص من مدينة الباجور بمحافظة المنوفية، والذين تكفلوا بالطفل حاليًا، أكدوا أنهم لا يريدون شيئًا من أسرته، سوى استخراج شهادة ميلاد تتيح له حق التعليم والرعاية الصحية، متعهدين بتبنيه والإنفاق عليه وتعليمه.
كما طالبوا المجلس القومي للطفولة والأمومة، وجميع الجهات المختصة، بسرعة التدخل لإنقاذ حسن، مؤكدين أن الحل الحاسم إذا كان هناك إنكار للأبوة، هو إجراء تحليل DNA لإثبات نسبه.
صرخة طفل بلا هوية
اليوم، يقف حسن ابن الـ13 عامًا أمام المجتمع بلا أوراق رسمية، لم يلتحق بمدرسة يومًا، ولم يعرف الدفء العائلي أو حياة الطفولة الطبيعية، كل ما يتمناه هو شهادة ميلاد تفتح له باب الحياة، وتخرجه من دائرة الضياع.