القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

قدسية المكان في مواجهة صراع البشر: أزمة دير سانت كاترين إلى أين؟

بقلم نادر شكري

يُعد دير سانت كاترين بجنوب سيناء أحد أعظم الكنوز الروحية والتراثية في العالم، حيث يقف شامخًا منذ أكثر من 15 قرنًا شاهدًا على التاريخ والإيمان والتعايش. غير أن هذا الكنز الفريد أصبح في السنوات الأخيرة مسرحًا لخلافات وصراعات تهدد وحدته ومستقبله، سواء داخل أسواره أو في علاقته مع الدولة المصرية.

قدسية المكان في مواجهة صراع البشر: أزمة دير سانت كاترين إلى أين؟

لم تعد الخلافات الداخلية بين الرهبان ورئيس الدير مجرد تباينات في الرأي، بل تصاعدت إلى محاولات لعزل رئيس الدير، وصلت إلى حد طرد بعض الرهبان، الأمر الذي أحدث شرخًا عميقًا داخل الحياة الرهبانية. مثل هذه الممارسات تضع صورة الدير أمام العالم في مأزق، حيث يبتعد عن رسالته الأصلية كبيت صلاة وسلام ليصبح ساحة صراع بشري لا يليق بمكانته.

مواجهة مع الدولة

بالتوازي مع الخلافات الداخلية، يتواصل الجدل بين الدير والدولة المصرية حول قضايا إدارية وأرضية، تتعلق بالتنمية من جهة والحفاظ على خصوصية الدير الدينية والروحية من جهة أخرى. الدولة تؤكد حرصها على حماية الدير كموقع تراث عالمي ومصدر جذب للسياحة، فيما يشعر الدير بتهديد هويته إذا لم تُراعَ خصوصيته التاريخية والدينية.

إن استمرار هذه الأزمات الداخلية والخارجية يهدد ليس فقط وحدة الرهبان أو مكانة الدير داخل مصر، بل يُعرض أيضًا قيمته العالمية للخطر، خاصة أنه مسجل على قائمة التراث الإنساني لليونسكو، ويُنظر إليه كرمز للتعايش بين الأديان، حيث يضم داخل أسواره كنيسة قديمة ومسجدًا تاريخيًا.

لحماية الدير من الانقسام والضياع، هناك حاجة ملحة إلى:

تسوية الخلافات الداخلية بروح الوحدة والتجرد الرهباني، بعيدًا عن محاولات الإقصاء والعزل.

فتح حوار بنّاء مع الدولة المصرية لإيجاد صيغة توازن بين قدسية الدير ومتطلبات التنمية الوطنية.

إحياء دور الكنيسة الأم والمجتمع الدولي في دعم استقرار الدير باعتباره تراثًا عالميًا لا يخص مصر وحدها بل الإنسانية جمعاء.

إن دير سانت كاترين ليس مجرد مبنى أثري أو دير رهباني، بل هو منارة للسلام ورمز للتاريخ الإنساني. والخطر الأكبر اليوم ليس التهديدات الخارجية، بل الانقسامات الداخلية والصراع مع الدولة. من هنا، فإن إنقاذ الدير مسؤولية مشتركة، ليبقى كما كان عبر القرون شاهدًا حيًا على قدسية المكان وعظمة الرسالة.

نادر شكري - أقباط متحدون
30 اغسطس 2025 |