القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

تطورات فى أزمة دير سانت كاترين لاحتواء الأوضاع الداخلية

تعيش أخوية دير القديسة كاترين في سيناء واحدة من أخطر وأشدّ أزماتها في العقود الأخيرة، بعدما أقدم اليوم رئيس أساقفة سيناء، المطران دميانوس، على إخراج الرهبان

تطورات فى أزمة دير سانت كاترين لاحتواء الأوضاع الداخلية

الانقلابيين من داخل أسوار الدير، مستعيدًا السيطرة على المجمع الرهباني ومعه فقط أعضاء الأخوية الذين لم يشاركوا في حركة التمرّد. وتأتي هذه الخطوة في سياق محاولة حاسمة

لإعادة النظام الكنسي إلى الدير، الذي شهد في الفترة الماضية أزمة داخلية غير مسبوقة، نجمت عن تمرّد بعض الرهبان وسعيهم لإحداث فراغ كنسي وقانوني يهدّد انتظام الحياة الرهبانية.

ومع فشل محاولة الانقلاب وما أعقبها من توترات ميدانية وبيانات متعارضة، يجد الدير التاريخي نفسه اليوم في قلب عاصفة غير معهودة، وسط تساؤلات متصاعدة حول حدود السلطات الكنسية والإدارية، والدور المنتظر من الجهات المعنية في احتواء الأزمة وصون هذا الصرح الروحي العريق الذي ظلّ عبر القرون رمزًا للسلام والقداسة في قلب صحراء سيناء.

بلغت الأزمة مرحلة حرجة بعدما ظلّ الرهبان الذين طُردوا يوم أمس عقب إحباط محاولتهم الانقلابية متمركزين خارج بوابة الدير، ويُحاولون بمختلف الوسائل العودة إلى الداخل عنوة.

مناشدة المطران دميانوس: ناشد رئيس أساقفة سيناء المطران دميانوس السلطات المصرية التدخّل العاجل لإبعاد المطرودين، مندّدًا بتهديدات وُجّهت إلى حياته وبمساعٍ لإقامة دعاوى قضائية ضدّه. وبحسب مقرّبين منه، فهو لا يزال داخل

أسوار الدير، فيما يستدعي الرهبان المتمرّدون مؤيّدين ويضغطون بالهتافات والتهديدات في محاولة جديدة لاقتحام المجمع الرهباني. وتؤكد المصادر ذاتها أنّ قوات الشرطة المصرية موجودة في محيط المكان من دون تدخّل حتى الآن لتفريقهم.

شهادات مقلقة: أفاد شهود عيان بأنّ بعض المسؤولين المتواصلين مع السلطات نصحوا المطران والأخوية بالسماح للمتمرّدين بالعودة إلى داخل الدير، ما أثار قلقًا بالغًا على سلامة الجماعة الرهبانية وانتظام الحياة داخل هذا الصرح التاريخي.

أبعاد دينية ومؤسسية ودبلوماسية: تتّسع الأزمة لتصبح قضية دينية ومؤسسية ودبلوماسية نظرًا إلى الأهمية التاريخية والروحية للدير، والحاجة إلى ضمان استمرارية عمله بلا انقطاع.

ثانياً: بيان بطريركية القدس واتهام بـ«الحياد» المُشتعل

في موازاة التوتّر، ازداد الاحتقان بعد بيان بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس الذي صدر عقب زيارة وفد منها إلى الدير.

بدا البيان موجّهًا لتأكيد الولاية الكنسية للبطريركية على الدير، لكن اتخاذه موقف «المسافة المتساوية» حال دون إدانة واضحة لمحاولة الانقلاب ضد رئيس الدير، المطران دميانوس.

يكشف مضمون البيان – وفق القراءة المنتقدة – عن رغبة البطريرك ثيوفيلوس في تكريس مزيد من السيطرة على الدير، رغم أنّ الدور التقليدي للبطريركية اقتصر عبر القرون على سيامة الرئيس الجديد للدير فقط. وفي حال رفضت البطريركية ذلك، كانت السيامة تُجرى على يد البطريرك المسكوني.

وقد أُرفق البيان حينها بصورة لوفد البطريركية مع رهبان الدير، بينما استُثني نشر صورة لقاء الوفد مع المطران دميانوس رئيس الدير.

ثالثاً: تفاصيل المناشدة المتجددة وتطوّرات يوم الثلاثاء

جدّد المطران دميانوس مناشدته لقوات الشرطة المصرية التدخّل لإبعاد الرهبان المتمرّدين الذين طُردوا يوم الثلاثاء من الدير لكنهم لا يزالون متمركزين خارجه محاولين العودة عنوة. ولا تزال الأوضاع متوترة دون حلول ملموسة.

بحسب مقربين، فإنّ المطران يقيم داخل الدير فيما يواصل المتمرّدون محاولاتهم لاقتحامه مطلقين تهديدات ضد حياته وملوّحين بإجراءات قانونية.

وعلى الرغم من وجود الشرطة في محيط الدير، لم تُستجب حتى الساعة طلبات التدخّل لوقف هؤلاء، فيما طُرحت مقترحات بترك المجال أمامهم للعودة إلى الداخل.

يُذكر أنّ الرهبان الذين تمرّدوا ظلّوا خارج الدير منذ ظهر الثلاثاء، في حين واجه المطران مواقف متصلّبة لدى حضوره. وقد تمكّن الرهبان الباقون من صدّ المتمرّدين ومنعهم من التوغّل، إلا أنّ الاضطراب مستمر.

رابعاً: رواية «الانقلابيين» – «جاء الرئيس مع بلطجية»

قدّم الرهبان الذين طُردوا مساء أمس على يد رئيس الدير دميانوس – وقد سبق أن شكّكوا في شرعيته وأعفوه من مهامه – روايتهم المغايرة تمامًا لما جرى.

عبر موقع إلكتروني ظهر قبل قليل باسم «أصدقاء الدير المقدس جبل سيناء الذي نزل عليه الله»، نشروا نصًا يعرض روايتهم الخاصة مدعومًا بفيديو من أحداث مساء أمس.

«جاء الرئيس مع بلطجية»

بحسب روايتهم، فإنّ «رئيس الدير، المطران المعزول دميانوس، ظهر فجأة في دير سيناء بعد غياب طويل، مصطحبًا نحو عشرة بلطجية، ودخلوا إلى الدير».

ويؤكدون أنّ «البلطجية، بقيادة الأب أكاكيوس الذي كان يوجّههم من قلاية إلى أخرى، أخرجوا الآباء واحدًا واحدًا بالقوة من قلاياتهم».

ويضيفون: «في القلايات التي لم يفتحها الآباء، كان المقتحمون يكسرون الأبواب ويخرجون الرهبان بالقوة».

أما الفيديو المنشور فقد صُوِّر – على حد قولهم – «من أمام قلاية الأب ألكسيوس، الذي قاوم قدر استطاعته، لكنه لم يتمكّن في النهاية».

«لم نعتدِ على المطران»

يؤكّد الرهبان المقيمون حاليًّا خارج أسوار الدير أنّهم لم يعتدوا مطلقًا على المطران دميانوس، بل لم يروه أصلاً.

ويكتبون: «ما ذكره المطران في رسالته مساء أمس عن اعتداءات عليه من الرهبان هو أكاذيب كبرى، لأن الآباء لم يروه حتى. فقد جلس في مكتبه يراقب المأساة».

وبينما يعتبرهم رئيس الدير «انقلابيين»، يرون هم المطران ومجموعته «مغتصبين»، ويؤكدون أنّ السلطات المصرية تقف بجانبهم، مشيرين: «كل ذلك حدث رغم أن الشرطة وأمن الدولة المصرية وصلوا أمام الدير وألحّوا أن يفتح لهم المغتصبون، لكنهم رفضوا».

ويقولون إن عددهم اثنا عشر راهبًا.

خامساً: «دميانوس يستعيد السيطرة» – بيان وإجراءات داخلية

أقدم رئيس أساقفة سيناء دميانوس على إخراج الرهبان الانقلابيين من الدير، مستعيدًا السيطرة عليه ومعه فقط أعضاء الأخوية الذين لم يشاركوا في الانقلاب.

بيان تمهيدي: قال إن الأحداث وقعت عصر اليوم عندما زار الدير «بغرض المصالحة والحوار مع المجموعة الصغيرة من الرهبان الانقلابيين». وأضاف أنّ هؤلاء «هاجموني واعتدوا عليّ، كما فعلوا في آخر مرة حضرت فيها إلى الدير».

تصويت داخلي: وبعد إخراجهم دعا إلى جمعية عامة تم فيها انتخاب:

الأرشمندريت بورفوريوس كانافاكيس – دكايُس (رئيس إداري)،

الأرشمندريت أكاكيوس سبانوس – سكفوفلاكس (أمين خزينة)،

الراهب إفرام بروفاتاس – أويكونوموس (مدبّر مالي).

سادساً: مستجدّات حدثت عند الساعة 23:10

أفادت مصادر موثوقة من موقع orthodoxia.info أنّ الرهبان المطرودين يحاولون العودة مجددًا إلى الدير، رافضين الاعتراف بقرار المطران وبقية أعضاء الأخوية الذين وقفوا إلى جانبه.

وتضيف المصادر أنّ الشرطة المصرية – التي استُدعيت لإعادة النظام – ترفض التدخّل وتترك «حصار» الدير مستمرًّا. ويُفسَّر هذا الموقف على أنّه رفض مصري للتدخّل في النزاع الداخلي للأخوية وإعادة الوضع إلى القانوني، وهو ما كان سيعزّز موقف الدير التفاوضي.

سابعاً: النص الكامل لبيان المطران دميانوس قال رئيس أساقفة سيناء دميانوس:

«وصلتُ عصر يوم 26 آب/أغسطس إلى دير القديسة كاترين بغرض المصالحة والحوار مع المجموعة الصغيرة من الرهبان الانقلابيين، وهي سياسة التزمتها طوال هذه الفترة، متسلحًا بالصبر والمحبة الأبوية.

هؤلاء الرهبان كانوا قد خططوا، من دون إذني، لعقد جمعية لتعديل نظام الدير في غيابي، في حين أن النظام يقتضي أن أترأس أنا دومًا مثل هذه الاجتماعات.

الانقلابيون اعتدوا عليّ كما فعلوا في زيارتي الأخيرة للدير. أما الرهبان الذين لم يشاركوا في الانقلاب فقد دافعوا عني وعن الدير، وبذلوا أنفسهم في سبيل المطران والدير، وأبعدوا الانقلابيين غير الشرعيين خارج أسوار الدير.

وقد انعقدت بالفعل جمعية عامة بالرهبان الحاضرين، بينما لم يستطع الانقلابيون المشاركة لأنهم معاقَبون بحرمانهم من الأسرار. وفيها انتُخبت إدارة جديدة للدير تتألف من: الأرشمندريت بورفوريوس كانافاكيس – دكايُس، الأرشمندريت أكاكيوس سبانوس – سكفوفلاكس، والراهب إفرام بروفاتاس – أويكونوموس.

لقد عاد الدير إلى الشرعية والنظام الكنسي.

نقدم الشكر للشفيعة والراعية، القديسة العظيمة الشهيدة كاترين، التي تحرس الدير وتحميه من مكايد الشيطان. كما نقدّم اعتذارًا كبيرًا بصفتنا دير سيناء لشعب الكنيسة، لأن صغائر وطموحات بعض الأشخاص كانت سبب عثرة للمؤمنين. كان ينبغي أن نكون نورًا للعالم كـرهبان، لكننا تصرفنا بعكس ذلك. بكل تواضع وانسحاق قلب نطلب المغفرة».

عن الدير المقدس ثامناً: المطران دميانوس يعرب عن مخاوفه على حياته

في تصريح مصوَّر من مكتبه داخل دير القديسة كاترين، أكّد المطران دميانوس أنّ النظام قد عاد إلى الدير، لكنه أضاف: «حياتي مهدَّدة فعلًا»، داعيًا الحكومتين المصرية واليونانية إلى حمايته.

بحسب مصادر مقرّبة، لا يزال الرهبان المطرودون خارج البوابة المغلقة محاولين اقتحام الدير مجددًا.

أما رئيس الدير والرهبان الباقون فقد أغلقوا الأبواب على أنفسهم داخل الدير، رافضين السماح بالدخول لأي شخص.

من جهتها لم تصدر السلطات المصرية أي تصريحات رسمية حول الأزمة. غير أن بيان الرهبان المطرودين أشار إلى وجود قوّة أمنية في المكان، قائلاً: «كل هذا حدث رغم أن الشرطة وأمن الدولة المصرية حضروا خارج الدير وألحّوا مرارًا على المغتصبين أن يفتحوا لهم».

تؤشّر الوقائع المتسارعة إلى تصعيد خطير داخل أحد أهم الأديرة المشرقية من حيث رمزيته الروحية والعلمية والرهبانية. إن تعارض الروايات والاتهامات المتبادلة، إلى جانب تداخل الصلاحيات الكنسية وحساسية البعد الأمني والقانوني، يضع الأخوية الرهبانية أمام اختبار بالغ الدقة.

وعليه، تبدو الحاجة ماسّة إلى تدابير تهدئة فورية، وإلى حوار كنسي مسؤول يضمن سلامة الرهبان واستمرارية الحياة الليتورجية والرهبانية، مع احترام النظم الداخلية للدير وتجنّب التسييس، صونًا لهيبة هذا الصرح التاريخي ودوره في الشهادة الإنجيلية في قلب سيناء.

قراءة تحليلية كنسية حول تطوّرات دير القديسة كاترين – سيناء 1. الحدث في جوهره كنسي وليس إداري فقط

ما جرى في دير القديسة كاترين لا يمكن النظر إليه كخلاف داخلي بين الرهبان وحسب، بل هو صراع على الهوية الكنسية والشرعية الروحية. فمحاولة "انقلاب رهباني" أو "خروج جماعي" على الرئيس الشرعي (رئيس الأساقفة دميانوس) تعني ضرب الأسس التي يقوم عليها النظام الرهباني، حيث الطاعة للراعي هي الركيزة الروحية للحياة المشتركة.

2. دلالة الموقف على وحدة الكنيسة

عندما أعلن رئيس الأساقفة دميانوس أن "الدير عاد إلى الشرعية والنظام الكنسي"، فهو لم يتحدث عن انتصار شخصي، بل عن إعادة تثبيت النظام الكنسي الذي يضمن بقاء الدير في مساره التاريخي والأرثوذكسي. هذا يضع الحدث في إطار أوسع: أي محاولة لزعزعة الشرعية الكنسية تعني تهديدًا لوحدة الكنيسة المحلية، بل وللمكانة العالمية التي يتمتع بها هذا الدير العريق.

3. البعد الروحي للموقف

تصعيد مجموعة من الرهبان ضد رئيسهم الروحي يشير إلى تراجع في الانضباط النسكي، وربما إلى مؤثرات خارجية (ضغوط اجتماعية، تدخلات أو انقسامات داخلية). وهو يذكّرنا بأن الدير، رغم قدسيته، ليس محصّنًا ضد التجربة والانقسام. بل إن هذا الحدث يعكس صراعًا روحيًا عميقًا بين روح الطاعة والرغبة في التسلّط أو الاستقلالية غير المبرّرة.

4. المكانة الفريدة لدير سيناء

دير القديسة كاترين ليس مجرد دير محلي، بل هو معلم مسكوني تراثي وروحي، مسجّل على قائمة التراث العالمي. وبالتالي، فإن أي انقسام داخلي فيه لا يمسّ فقط الجماعة الرهبانية الصغيرة، بل يؤثر على صورة الكنيسة الأرثوذكسية بأسرها أمام العالم. ولهذا جاءت تصريحات رئيس الأساقفة لتؤكد على استعادة النظام الكنسي كرسالة طمأنة للكنيسة الجامعة وللمجتمع الدولي.

5. الأبعاد المستقبلية

على الصعيد الكنسي: يُتوقع أن يقوم المجمع المقدس أو الهيئات الكنسية العليا بدعم موقف رئيس الأساقفة دميانوس بشكل واضح، لحماية الشرعية وضمان عدم تكرار مثل هذه التحركات.

على الصعيد الروحي: يحتاج الدير إلى فترة من "التطهير الروحي" وإعادة التوازن الداخلي، عبر التركيز على الصوم والصلاة والتوبة المشتركة.

على الصعيد الإعلامي: ستبقى القضية مادة متداولة، ما يفرض على الكنيسة تقديم خطاب رصين يوضح أن ما جرى لم يكن سوى "اضطراب عابر" تمت معالجته بالعودة إلى النظام الكنسي.

أقباط متحدون
27 اغسطس 2025 |