القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

دير العذراء بدرنكة.. الجبل الذي يحتضن الحلم والذكرى

على بعد كيلومترات من قلب مدينة أسيوط، يتربع دير السيدة العذراء بدرنكة فوق جبل شاهق، وكأنه حارس الزمن الذي شهد عبور العائلة المقدسة إلى أرض مصر قبل ألفي عام.

دير العذراء بدرنكة.. الجبل الذي يحتضن الحلم والذكرى

هنا، لا يقتصر الأمر على حجارة قديمة ومغارة محفورة، بل على نبض حي يشتعل كل أغسطس، حين تتحول القرية الصغيرة أسفل الجبل إلى ساحة كبرى من الإيمان والفرح والذكريات.

من المغارة إلى المزار.. حكاية المكان

يعود تاريخ الدير إلى القرن الأول الميلادي، حين لجأت العائلة المقدسة العذراء مريم والمسيح والقديس يوسف إلى المغارة التي أصبحت اليوم قلب الدير، بعد رحلتهم الطويلة من بيت لحم هربًا من بطش هيرودس على مر القرون، تحول هذا المكان من مغارة صامتة إلى مزار عالمي، يقصده الآلاف من داخل مصر وخارجها، حاملين نذورهم وصلواتهم.

أسيوط تتزين.. والقلوب تتهيأ

مع بداية شهر أغسطس، تبدأ أسيوط في ارتداء ثوبها الاحتفالي الأهالي يزيّنون الطرق المؤدية إلى الدير، والبائعون ينصبون خيامهم لبيع الهدايا التذكارية، الأيقونات، والشموع رائحة التمر الهندي والكركديه تفوح من الأكشاك، وصوت الباعة يمتزج بأصوات الزائرين

أما في القرية، فتدق الطبول وتصدح مكبرات الصوت بالتراتيل، في مزيج فريد يجمع بين الروحانية والحياة الشعبية.

رحلة الصعود.. بين الإيمان والتعب

يصعد الزوار الدرجات الحجرية المؤدية إلى الدير وهم يحملون في قلوبهم أمنيات كبيرة بعضهم يصعد حافي القدمين كنذر، وآخرون يحملون أطفالهم على أكتافهم، على طول الطريق، تمتد عيونهم نحو الجبل، كأنها تستمد منه القوة. وحين يصلون إلى فناء الدير، يلمسون جدرانه كما لو كانوا يلامسون قلب التاريخ نفسه.

القداسات والتراتيل.. أصوات تعانق السماء

خلال فترة الاحتفالات، تقام القداسات يوميًا داخل الكنيسة الكبرى، ويمتزج صوت الكهنة بالتراتيل الجماعية التي تملأ القاعة المغارة المقدسة تظل مقصدًا أساسيًا، حيث يدخل الزوار ليضيئوا الشموع ويهمسوا بصلاة خاصة البعض يبكي في صمت، والبعض الآخر يبتسم وكأنه وجد الإجابة التي جاء يبحث عنها.

أسواق درنكة.. اقتصاد الموسم

خارج أسوار الدير، تمتد الأسواق على جانبي الطريق هنا تباع الأيقونات، الحُلي البسيطة، الصور التذكارية، وحتى الألعاب الصغيرة للأطفال هذه الأسواق لا تخدم فقط الزائرين، بل تمثل مصدر رزق رئيسي لأهالي القرية، الذين ينتظرون موسم العذراء كل عام بفارغ الصبر.

ختام الموسم.. وداع على وعد اللقاء

مع انتهاء الاحتفالات في أواخر أغسطس، يبدأ الزوار في النزول من الجبل، حاملين معهم تذكارات وصورًا وذكريات لا تنسى أما الدير، فيعود إلى هدوئه المعتاد، محتفظًا بصلوات الملايين بين جدرانه ومغارته العتيقة، حتى يعود الموسم من جديد.

البوابة
12 اغسطس 2025 |