القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

مزار مريم آباد في البنجاب: حج يوبيلّي للمحبة والحوار بين الأديان في باكستان

في مزار إقليم البنجاب، يصبح الحج اليوبيلّي مناسبة للمحبة والحوار بين الأديان. هنا، يوكل المؤمنون من كل دين أنفسهم للعذراء ويجدون الرجاء مجدّدًا.

مزار مريم آباد في البنجاب: حج يوبيلّي للمحبة والحوار بين الأديان في باكستان

في "المغارة المريمية" بمزار مريم آباد في إقليم البنجاب الباكستاني، يُحتفل بيوبيل مميّز للغاية: إذ يقصد هذا المكان عدد كبير من المؤمنين في حج يوبيلّي لكي يعيشوا بإيمان عميق لحظة روحية مكثفة من التعبّد، وتوبة القلب،

وطلب النِّعم. ومن بينهم أيضًا عدد كبير من المسلمين الذين يصطفون لكي يوكلوا إلى مريم همومهم العائلية ونواياهم في الصلاة، وهي شخصية يحترمها الإسلام ويجلّها. ويقول الأب جهانزيب إقبال، الكاهن القادم من كراتشي، المدينة

الواقعة جنوب البلاد: "في مريم آباد نكرّم سيّدتنا مريم العذراء سيدة الرحمة. هنا، عند أقدام التمثال المريمي المستوحى من مغارة وسيدة لورد، يضع المؤمنون من كل دين وثقافة وعرق همومهم وآمالهم، واثقين بأن أمّنا مريم ستصغي إليهم".

في قلب البنجاب، في أواخر القرن التاسع عشر، أراد المرسلون الفرنسيسكان بناء قرية مُكرَّسة للعذراء. ومنذ عام 1898 وُلدت مريم آباد (مدينة مريم) لتكون مأوى للعائلات الكاثوليكية، ومكانًا يتميّز بالتقوى المريمية التي

عززها الرهبان الكبوشيون الذين شرعوا لاحقًا في بناء مكان للعبادة. وكما تذكر وكالة الإعلام الكاثوليكية "فيدس"، بعد بناء أول الكنائس الصغيرة، شيّد الأخ الكبوشي البلجيكي فرانك جوزف عام 1948 مزار مريم آباد، الذي توفي

فيه أيضًا في عام 1953. واليوم أصبحت تلك الكنيسة مزارًا وطنيًا، من أكثر المزارات المريمية زيارة في باكستان، يرتاده المسيحيون والمسلمون الذين يلجؤون دومًا إلى العذراء لطلب النِّعم الخاصة. كما شيّد المرسلون في

القرية مغارة مستوحاة من سيدة لورد. وفي هذا المكان، الواقع على بُعد 90 كيلومترًا من لاهور عاصمة البنجاب، يُقام حج وطني ضخم في عيد ميلاد العذراء مريم في 8 أيلول سبتمبر، يجتذب مئات الآلاف من الأشخاص من مختلف أنحاء باكستان.

ويقول الأب طارق جورج، رئيس المزار: "في سنة اليوبيل هذه، جاء الآلاف من المؤمنين وما زالوا يأتون ليجدّدوا الرجاء"، مشيرًا إلى أنه يبذل كل الجهود الممكنة لاستقبال الحجاج، الذين يخيم الآلاف منهم في العراء

أو في خيام منصوبة في الساحة أمام الكنيسة. ويضيف الأب جيمس تشانان، الدومنيكاني من لاهور ورئيس "مركز السلام" للحوار الإسلامي–المسيحي: "من مريم آباد تشعّ رسالة محبة وتسامح وانسجام". ويؤكّد أن المزار

المريمي يشكّل نموذجًا للتضامن والقرب الروحي بين المسلمين والمسيحيين، وهو قرب يتجلّى أيضًا في تلبية الاحتياجات المادية: إذ يتولّى مئات المتطوّعين والمحسنين توفير الطعام والشراب للحجاج الذين يقطعون

مسافات طويلة سيرًا على الأقدام أيّامًا عديدة لكي يصلوا، متأثرين، إلى تمثال العذراء أو ليضعوا أمامه زهرة. كما تتجلى الضيافة والعناية بالآخرين في النقاط الطبية المخصّصة لمن يعانون من الجفاف أو ارتفاع

ضغط الدم أو جروح الأقدام، حيث يتواجد الأطباء والممرضون في أيام مميّزة مثل عيد انتقال العذراء بالنفس والجسد إلى السماء (15 آب أغسطس) أو في عيد مولد العذراء مريم في 8 أيلول سبتمبر، عندما يتجاوز عدد الحجاج 400 ألف شخص.

ويذكّر الأب تشانان بالشعار المكتوب على مدخل المزار: "كل الأديان تعلّم السلام والمحبة"، مشيرًا إلى المعنى الذي يحمله الحج هنا، إذ يتحوّل اليوبيل بالنسبة للمؤمنين الكاثوليك في باكستان إلى حدث ذي أبعاد دينية.

ويضيف: "إنّ وقفة الصلاة في مريم آباد هي وقفة توبة روحية شخصية وشفاء داخلي. هي فرصة لطلب الرحمة للنفس وللعائلة، وكذلك لرفع الصلاة إلى الله ومريم، مستودعين إيّاها وطننا بكل مكوّناته الدينية، ومصلّين من أجل

البابا ومن أجل السلام في العالم". وفي ختام شهر أيار مايو المكرّس للعذراء، قال البابا لاوُن الرابع عشر، أثناء تلاوة صلاة مسبحة الوردية في حدائق الفاتيكان، إنّه "فعل إيمان نجتمع فيه بأسلوب بسيط وبتقوى تحت حماية

العذراء مريم الوالديّة". وأضاف أنّه "يذكّرنا في هذا العام ببعض أبعاد اليوبيل الذي نحتفل به: التسبيح، المسيرة، الرجاء، ولاسيما الإيمان الذي نتأمّله ونعلنه معًا". إنه الإيمان الذي من مريم آباد يُعلَن لباكستان وللعالم أجمع.

أقباط متحدون
11 اغسطس 2025 |