لكل قاعدة شواذ، لكل قاعدة استثناءات لا تنطبق عليها تلك القاعدة نهائيا، وتنسحب المقولة على المؤسسة الأزهرية العريقة، قاعدتها الوسطية، والاستثناء أن يخرج من بين الصلب والترائب إرهابى (شاذ فكريا) يعتنق التطرف، ويتخذ العنف سبيلا.

فى كل حادثة إرهابية (بولاق الدكرور أخيرا) يثبت فيها أن أحد الإرهابيين خريج المؤسسة الأزهرية العريقة، حتى تساق الاتهامات مطلقة السراح تتهم المؤسسة الأزهرية (جزافيا) بأنها (مفرخة الإرهاب)، وجامعتها تخرج (إرهابيين محتملين).. الاتهام مسلط، والرد الأزهرى قاطع بنفى أية صلة بين المؤسسة والإرهاب!.
ليس دفاعا عن المؤسسة، ولست متطوعا، لكنها الحقيقة التى يتخفى منها الطرفان، المؤسسة ومناهضيها، ولكل أسبابه، وإذا عرف السبب بطل العجب!.
ابتداء ليس كل الإرهابيين المتورطين والمحتملين من خريجى المؤسسة الأزهرية حصرا، ولا يشكلون حتى أغلبية، والإرهاب ليس من مفردات المناهج الأزهرية، ولا يمكن وصفها بمناهج تطرف بعد المراجعات العميقة فى محتواها والتى قررها فضيلة الإمام الأكبر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى، وعلى دربه يسير فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أطال الله عمره.
فضلا الأزهر وأئمته ودعاته وخطبائه على منابر مساجد الجمهورية تصدوا لدعاوى الغلو والتطرف، وغير منكور (الخطاب الوسطى) الذى تلهج به المنابر بطول البلاد وعرضها، وإذا شذ أحدهم فانحرف حق عليه العقاب.
المؤسسة الأزهرية لم تناصر إخوان الشيطان يوما، والإخوان يستبطنون شرا بالمؤسسة، عقبة كؤود فى سبيل خلافتهم المزعومة، راجع مخططات الإخوان لاختراق الأزهر وتركيعه فى الوثائق الإخوانية (وثيقة التمكين نموذج ومثال).
المؤسسة الأزهرية تصدت للإخوان فى الحكم، وموقف الإمام الطيب رفضا لمخططات الإخوان كاد يكلفه حياته، كسروا عليه باب مكتبه عنوة وكادوا.. والله سلم.
وبعد زوال الغمة، وصياغة بيان (3 يوليو) بقلمه، وقف الإمام جهده والمؤسسة على مواجهة الإرهاب فكريا، راجع مخرجات (مرصد الأزهر لمكافحة التطرف)، يشكل جبهة تصدٍ عالية تصيد المسيرات المتطرفة، وتمنع أذاها عن الحياض المقدسة.
وأدعو أصحاب الحق العلنى فى إطلاق الاتهامات جزافا، مراجعة مضمون (مركز الأزهر العالمى للفتوى) للوقوف على خلاصة الوسطية الأزهرية فى التعاطى مع مستجدات الحياة، وعنوانه، الفتوى تتغير بتغير الأحوال والأزمنة والأمكنة، مع مراعاة تحقيق المصالح ودرء المفاسد.
أحيلكم لمجمل فتاوى الإمام الأكبر بشأن المواطنة، ورفضه التعاطى بمفردات عصور مضت، رفض فضيلته مصطلح (أهل الذمة)، ووقع على وثيقة (الأخوة الإنسانية) مع بابا الفاتيكان الراحل البابا فرنسيس، وقال قولته الطيبة: لهم ما لنا وعليهم ما علينا فى سياق المواطنة التى تجسدت فى (دستور 2014) الذى دعمه الإمام الأكبر على رأس المؤسسة الأزهرية.
قد يشذ أزهرى، وينحرف، فينجرف، مثله مثل خريجى الجامعات المدنية، كثير من الأطباء يشكلون قوام جماعات الإرهاب التى ابتلينا بها، لا يخول هذا اتهام كلية طب (قصر العينى) بأنها مفرخة إرهابية.. وهل الكليات النظرية فى الجامعات الحكومية براء من جرثومة التطرف والإرهاب؟!.
اتهام المؤسسة الأزهرية وفق منظور (البيئة الحاضنة للتطرف)، ليست حصرا على المؤسسة الأزهرية وجامعتها وكلياتها ومعاهدها.. البيئة الحاضنة للإرهاب مجتمعيا أوسع بكثير، الفقر المادى والفكرى، والأمية الهجائية والثقافية والدينية بيئة نموذجية لنمو آفة التطرف المتحورة إرهابا.
(التكفير) ليس من مفردات الأزهر، وليس من منتوجات مناهجه، حتى الأزهر لم يكفر (داعش الإرهابية) التى ملأت الأرض فسادا، فحسب حتى لا يفتح علينا باب جهنم، وتشيع أفكار التكفير والتفسيق والردة ومشتقاتها.
من باب الاستسهال المخل بالمنطق رمى المؤسسة بالتطرف، ودمغها ببيئة الإرهاب الحاضنة، الأزهر ليس معصوما، ولا ينقض وضوءه طالب أزهرى جانح، لكنه المؤسسة الأزهرية جميعها لا تتهم جزافا هكذا، ليست متهمة أو متورطة أو حاضنة.
الأجدى وطنيا تحرى الإجابة عن سؤال: من أين تصدر دعاوى التكفير، من أين تهب علينا رياح السموم؟!.