وأنا أتابع مباراة باريس سان جيرمان وتشيلسى، وبرغم أننى كائن غير كروى، إلا أننى أيقنت أن ما يحدث على مساحاتنا الخضراء وفى ملاعبنا الميمونة من الممكن أن يحمل أسماء كثيرة وصفات متعددة ليست من بينها صفة كرة القدم!

فالجميع راهن على فوز باريس، هم يمتلكون النجوم التى بمئات الملايين، لديهم الثروة التى بلا سقف، لا توجد أى أزمات مالية، لذلك فالفوز على تشيلسى سهل ومضمون، لكن كرة القدم والمستطيل الأخضر والتسعين دقيقة لها رأى آخر.
ما يصنع الانتصار هو العرق والجهد، اللياقة والإصرار والعزيمة، وهذا ما فعله فريق تشيلسى وأدهش الجمهور الذى كان على رأسه الرئيس الأمريكى نفسه، أذهل الجميع بالتحرك المحسوب الدقيق وكم
العزيمة التى جعلت اللاعبين ينحتون النجيلة كما يقال، ثلاثة أهداف فى الشوط الأول فى شباك باريس!!، شىء لا يصدق، جعلنى أقول لماذا صارت كرة القدم عندنا ثرثرة استوديوهات تحليل وليست جهداً
ولياقة ملاعب؟!، لماذا الاستسهال، والركون إلى سطوة الألتراس وصراعات السوشيال ميديا؟، لماذا تفرغ الجميع لأخبار سرقة فريق للاعب هنا، والتضييق على لاعب هناك؟!، العبث فى أخبار شخصية
لنجم هنا، أو نجم هناك!!!، هل هذه صارت هى الرياضة؟!، كيد وغيظ وتعصب ومقالب ومؤامرات!!، لقد قالها النجم زين الدين زيدان فى كرة القدم، كما فى الحياة، لا شىء يُمنح لك، عليك أن تقاتل من أجل كل شىء.
كرة القدم الساحرة التى جعلت واحداً من أشهر الأدباء فى العالم يكتب عنها، جاليانو، وهو من أبرز الأدباء الذين كتبوا عن كرة القدم بأسلوب أدبى راقٍ، إدواردو جاليانو، الأديب
والصحفى الأوروجويانى، صاحب الكتاب الشهير كرة القدم فى الشمس والظل (Football in Sun and Shadow)، قال: كرة القدم هى الأوبرا التى يتابعها ملايين الفقراء.. عندما تكون جيدة، فهى جميلة، كرقصة
باليه؛ وعندما تكون سيئة، لا تزال أفضل من معظم الأشياء الجيدة الأخرى، وقال عن الملعب: الملعب هو المسرح الوحيد فى العالم الذى لا يعرف التكرار، كل مباراة تُعرض مرة واحدة فقط،
دون بروفات، ودون فرصة ثانية، وعن الجماهير يقول: فى أيام المباريات، لا تذهب الجماهير إلى الملاعب، بل تعود إليها. كأنها تحجّ إلى معبد قديم، فيه تختلط الآهات بالهتاف، والخوف بالأمل.
هذه هى كرة القدم الساحرة المستديرة التى نحلم معها ونصفق معها ونفرح بانتصاراتها ونحزن من إخفاقاتها، هى حياة وعالم بديل، فلا تجعلونا نخسر هذا العالم.