القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

«الدخان كان بيخنقنا واحنا على السلالم».. رجال الحماية المدنية في مواجهة 24 ساعة نار بحريق سنترال رمسيس

«إحنا شغلانتنا ننقذ الناس حتى لو النار حوالينا.. وحتى لو الدخان بيخنقنا على السلالم»، هكذا قالها وهو يمسح الدخان عن وجهه بيد مرتجفة، قبل أن ينهض ليعود إلى مبنى سنترال رمسيس في وسط القاهرة، الذي ظل يحترق لأكثر من 24 ساعة.

«الدخان كان بيخنقنا واحنا على السلالم».. رجال الحماية المدنية في مواجهة 24 ساعة نار بحريق سنترال رمسيس

تفاصيل بطولات رجال الإطفاء في حريق سنترال رمسيس

في حريق السنترال، لم يكن الدخان يغطي السماء فقط، بل كان يلتف حول أجساد رجال الحماية المدنية وهم يقفون على السلالم الهيدروليكية المرفوعة في مواجهة ألسنة اللهب، يحاولون إخماد النار من الأعلى، وفتح ممرات وسط الجدران المحترقة، بحثًا عن أشخاص قد يكونون عالقين في الداخل.

«خرمنا حيطة عشان نعدي».. يحكي النقيب «أحمد» (اسم مستعار): «فيه طابق كان النار قافلة علينا فيه، معرفناش ندخل من السلم العادي.. فاضطررنا نخبط حيطة بالطوارئ ونفتح فتحة عشان نعدي منها وننزل الناس اللي كانوا مستخبيين جوة، الدخان كان مالي المكان والحرارة كانت عالية جدًا.. بس ده شغلنا».

ويتابع وهو ينظر إلى المبنى المحترق: «كان لازم نطلع على السلالم ونقرب من الشبابيك نطفي من فوق.. الدخان كان بيغطي وشنا وإحنا فوق، وكل شوية نضطر ننزل ناخد نفس ونرجع نطلع تاني».

شهادات رجال الحماية المدنية أثناء حريق وسط البلد

«الحرارة كانت مرعبة»، يقول أحد رجال المطافي وهو يمسك بزجاجة مياه أعطاها له أحد المتطوعين: «الحرارة كانت مرعبة.. أي طوبة سخنة، السلالم نفسها كانت بتسخن، الدخان كان داخل في عيونا، وكنا بنمسح وشنا بجلد البدلة بس عشان نقدر نشوف».

لحظة النزول للاستراحة، كانت في الثالثة فجرًا، إذ هبط بعض رجال الإطفاء على السلالم الهيدروليكية لأخذ استراحة بعد 12 ساعة متواصلة، جلسوا على الرصيف، مد أحدهم يده لمتطوع من الهلال الأحمر أخذ منه زجاجة مياه، شرب منها وأعادها له، وقال وهو يلتقط أنفاسه: «لسه هنطلع تاني.. النار مش راضية تهدى.. بس لازم نكمل».

«ده واجبنا.. وحياة الناس أهم»، أحدهم رفع يده لأعلى وهو يشير إلى المبنى المحترق وقال: «ده واجبنا.. لما بنشوف حد محبوس جوه والنار حواليه، بننسى أي خوف، بنفكر بس إزاي نخرجه، حتى لو هنخرم حيطة أو نكسر باب أو نطلع على سلم وسط الدخان».

كيف أنقذ رجال المطافي العاملين من وسط الدخان؟

«النيران خدت 4 مهندسين»، لم يخرج الجميع سالمًا، فقد أكد مصدر بالحماية المدنية أن الحريق أسفر عن وفاة 4 مهندسين من العاملين بالسنترال داخل المبنى أثناء محاولتهم تأمين الأجهزة الحيوية قبل اشتعال أجزاء واسعة من المبنى، بينما أصيب 8 من رجال الحماية المدنية باختناقات وحروق بسيطة أثناء عمليات الإنقاذ والإطفاء ضمن 73 مصابًا حتى الآن.

بينما كانت السماء سوداء من الدخان، ظلت السلالم الهيدروليكية مرفوعة، عليها رجال الإطفاء يحملون خراطيم المياه ويتقدمون ببطء رغم انعدام الرؤية أحيانًا، يحاولون توجيه المياه نحو مصدر اللهب داخل النوافذ المشتعلة، بينما الدخان يخرج بكثافة من النوافذ الأخرى، فيصعدون خطوة وينزلون خطوة حسب اتجاه النار والدخان.

يحكي مساعد إطفائي شاب: «دخلنا نخرج العمال اللي كانوا فوق، وكانوا مرعوبين، الدخان كان خانق جدًا.. وفيه واحدة كانت بتعيط وبتقول مش قادرة أتنفس.. شيلناها على الكتف ونزلناها بسرعة».

مشاهد من قلب اللهب داخل سنترال رمسيس

أحدهم، قبل أن يعود مرة أخرى إلى المبنى، رفع يده للسماء وقال: «ربنا يحمينا ونرجع لولادنا.. بس مش هنسيب النار تاكل الناس والمكان واحنا واقفين».

ظلت قوات الحماية المدنية في موقع الحريق لإجراء أعمال التبريد والتأكد من عدم تجدد النيران في المباني الخلفية، بينما جلس بعض رجال المطافي يستعيدون أنفاسهم بعد ليلة كاملة من النار والدخان والصعود والنزول على السلالم، وكلماتهم الوحيدة: «الحمد لله إننا قدرنا ننقذ الناس».

في الشوارع حول سنترال رمسيس، كان الجميع يلتقط الصور ويراقب الدخان، لكن قليلون انتبهوا لهؤلاء الرجال الذين صعدوا السلالم وسط الدخان، وفتحوا الجدران لإنقاذ المحاصرين، وتحملوا حرارة اللهب وأنقذوا أرواحًا لم تكن لتنجو بدونهم، وفق أحد المصابين الذين نجوا من الموت بأعجوبة.

المصرى اليوم
08 يوليو 2025 |