فى غمرة انشغال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته بوقف إطلاق النار فى غزة، وتبريد الجبهة الأوكرانية، واستئناف المفاوضات النووية مع إيران، استبق آبى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبى، وقطع الطريق على تدخل ترامب فى قضية السد الإثيوبى.

تعجل آبى أحمد بإعلان اكتمال السد، وقرر افتتاحه رسميا فى سبتمبر المقبل، حتى لا يعطى ترامب فرصة لإحياء (الاتفاق الثلاثى) الذى أعدته وزارة الخزانة الأمريكية ولا يزال فى حوزتها، ونكصت عنه إثيوبيا فى نهاية عهدة ترامب الأولى، ما سبب إحراجا دوليا لم يغفره ترامب لرئيس الوزراء الإثيوبى.
ترامب أعرب مرارا عن استيائه من ملابسات بناء السد، مستنكرا ضلوع الإدارات الأمريكية السابقة فى تمويله مولته بغباء الولايات المتحدة، ويقلل بشكل كبير من تدفق المياه إلى نهر النيل!
آبى أحمد يخشى تدخلا خشنا من ترامب، ويتحسب لمآلات السد فى ظل سياسات ترامب الرامية لوأد الصراعات حول العالم باعتباره داعية سلام ومرشحا لجائزة نوبل للسلام.
وكعادته يتملص ويهرب من التزاماته وتعهداته إلى الأمام، يفرض واقعا، سد الأمر الواقع، ويعقد الموقف أكثر حتى يستعصى على الحل، ويستفز أعصاب دولتى المصب، وببجاحة سياسية يدعوهما إلى حفل تعطيش شعوب المصب فى الشمال.
مصر ملتزمة بسياسة النفَس الطويل، والصبر الجميل، وحكمتها اصبر على جار السوء..، وجميع الخيارات مفتوحة فى حالة الضرر الجسيم، وهذا سد ضرره جسيم، ولا يستقيم مع القوانين الدولية، سد غير شرعى بنى على باطل، وما يقوله رئيس الوزراء الإثيوبى عين الباطل.
رسالة آبى أحمد بافتتاح السد فى سبتمبر رسالة بعلم الوصول على عنوان البيت الأبيض، وكأنه يرد على تحفظات الرئيس الأمريكى، متحديا رغبته العارمة فى حل القضية التى عمرت طويلا واستهلكت 13 عاما من المراوغات الإثيوبية.
ينطبق على دعوته مصر والسودان لحفل الافتتاح، بيت شعر لأمير الشعراء أحمد شوقى يقول: بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً فى شِعارِ الواعِظينا، ومصر تفهم لغة الثعالب جيدا!
فى غمرة انفعاله تجاهل رئيس الوزراء الإثيوبى دعوة الرئيس الأمريكى إلى حفل الافتتاح، يخشى مغبة إعلان الدعوة، مصيرها الرفض بعد أن ألقى قفازه المتسخ بركام السد فى وجه ترامب، متحديا، كما فعلها سابقا
بانسحاب وفده المفاوض من اتفاق السد الذى رعته وزارة الخزانة الأمريكية فى نهاية عهدة ترامب الأولى، وكان يعول عليه ترامب كثيرا فى معركته الانتخابية التالية التى كسبها بايدن (داعم السد الإثيوبى الأول).
رئيس الوزراء الإثيوبى، آبى أحمد سادر فى غَيِّهِ، غارق فى ضلاله، ويضلل بتصريحات للاستهلاك العالمى، بحديث لا يخيل على عقل راجح، عملية بناء السد لم تؤثر على مخزون المياه فى السد العالى المصرى، السد لم يتسبب بأى أضرار سلبية لمصر أو السودان!
الرد المصرى جاء سريعا، قالها وزير الرى المصرى المهندسهانى سويلم: إعلان افتتاح السد غير شرعى ومخالف للقوانين الدولية.
رفض القاهرة القاطع استمرار سياسة إثيوبيا فى فرض الأمر الواقع من خلال إجراءات أحادية تتعلق بنهر النيل، وتحتفظ مصر بحق الرد، بحقوقها (حصتها) المائية التاريخية فى نهر النيل لا تنقص كوب ماء واحد، ولا تبديل ولا تنقص كوب ماء، دونها خرط القتاد، والجملة الأخيرة تحتاج إلى ترجمة فورية لـ الأمْهَرِيَّةُ (اللغة الإثيوبية).