تصاعدت وتيرة الجدل في مصر، خلال الأيام الماضية، حول مزاعم بوجود تجارب سرية تحت مياه البحر المتوسط، وذلك بعد انتشار مقطع فيديو لقبطان مصري شاب يدعى "نور" يزعم فيه وجود "أمورًا غريبة" تحدث قبالة السواحل المصرية، وأنها بفعل فاعل وليست ظواهر طبيعية، محذرًا من كارثة وشيكة مثل زلزال أو بركان أو حتى تجارب سرية عسكرية تحت البحر.

وفي مواجهة حالة القلق التي أثارها الفيديو المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي، سارع المعهد القومي لعلوم البحار والمحيطات لإصدار بيان رسمي أمس الثلاثاء، أكد فيه أن أجهزة الرصد التابعة له لم تسجل أي أنشطة زلزالية أو ظواهر غير طبيعية في البحر المتوسط.
ونفى المعهد تمامًا وجود أي مؤشرات تدعو للقلق، مشددًا على أن الوضع الراهن في البحر المتوسط مستقر تمامًا من الناحية الجيولوجية، ولا توجد إشارات تشير إلى احتمال وقوع زلازل أو موجات تسونامي.
وأوضحت الدكتورة عبير منير، رئيسة المعهد القومي لعلوم البحار والمحيطات بالإسكندرية، أن الأجهزة العلمية المتخصصة في قياس تغيرات منسوب البحر لم ترصد أي نشاط غير طبيعي حتى اللحظة.
من جانبه، فند الدكتور عمرو زكريا حمودة، رئيس مركز الحد من المخاطر البحرية بالمعهد ورئيس لجنة الخبراء الدولية المعنية بالحد من مخاطر التسونامي، صحة ما تم تداوله في مقطع الفيديو.
وأكد حمودة أن المقطع المتداول "لا يحمل أي دلالة علمية"، مشيرًا إلى أن الأجهزة الظاهرة بالفيديو لم تكن تعمل وقت التصوير، ولم تصدر عنها أي بيانات أو إشارات فنية تشير إلى تغيرات استثنائية.
وشدد حمودة على أن التغيرات المحدودة في حركة المياه التي يشهدها البحر هي أمر طبيعي ناتج عن تيارات بحرية سببها ارتفاع الضغط الجوي، وهي ظواهر روتينية تتكرر موسميًا ولا علاقة لها بأي أنشطة زلزالية.
كما أكد أن موجات التسونامي لا تنشأ بفعل العوامل المناخية أو الضغط الجوي، بل تكون نتيجة مباشرة لأنشطة أرضية كبرى مثل الزلازل أو الانفجارات البركانية تحت قاع البحر.
في سياق متصل، علق الدكتور محمد إسماعيل حسن، رئيس قسم علوم البحار بكلية العلوم جامعة بورسعيد، على حالة البحر المتوسط المثيرة للجدل.
وأشار حسن إلى أن المواقع العلمية التابعة لمراكز الأرصاد البحرية ومراكز رصد الأنشطة البركانية والزلزالية العالمية تفيد بحدوث أنشطة بركانية وزلزالية خفيفة جنوب البحر المتوسط في مناطق جنوب اليونان وإيطاليا، هذه الأنشطة قد تؤدي إلى اضطرابات بحرية تتمثل في ارتفاع الأمواج وشدة التيارات البحرية.
وأضاف حسن أن مصر تتأثر أيضًا بالتغيرات المناخية العالمية، ما يؤدي إلى اضطرابات جوية مثل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة والأمطار وشدة الرياح على غير المعتاد، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات الحيطة والحذر واتباع تعليمات الأمن والسلامة.
من جانبه، ربط الدكتور هشام العسكري، أستاذ الاستشعار عن بُعد وعلوم نظم الأرض بجامعة تشابمان الأمريكية، التغيرات المناخية التي يشهدها البحر المتوسط بظهور "أشباه الأعاصير" في عز الصيف.
وأوضح العسكري أن هذا التغير ناتج عن ارتفاع حرارة المياه بأكثر من 2.5 درجة مئوية، ما يُعزز من فرص تشكل ظواهر مناخية حادة، متوقعًا أن يؤثر هذا الارتفاع في درجات الحرارة على الثروة السمكية والنظام البيئي البحري، مما يؤدي إلى تغيرات في السلاسل الغذائية.
بدوره، طمأن الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، الجمهور، مؤكدًا أنه "لم يصدر عن أي جهة علمية أنباء عن نشاط غير طبيعي في البحر المتوسط".
وأشار شراقي إلى أن النشاط الزلزالي "أقل من الطبيعي" اليوم، وأن التسونامي يحدث غالبًا نتيجة زلازل قوية أكبر من 6.5 درجة ويكون مركزها تحت قاع البحر.
وعن احتمالية حدوث تسونامي بفعل الإنسان، أكد شراقي أن ذلك يتطلب قوة هائلة تعادل "حوالي 30 قنبلة نووية بحجم هيروشيما"، وأن التجارب النووية تحت قاع البحر قد تسبب اضطرابًا في المياه لا يصل إلى مستوى التسونامي المدمر.