القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

المبادرة المصرية تطالب الحكومة اتخاذ إجراءات عملية لضمان الحقوق التاريخية لرهبان دير سانت كاترين

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بيانا بشأن أزمة دير سانت كاترين وعبرت عن قلقها البالغ من تداعيات حكم محكمة استئناف الإسماعيلية بشأن دير سانت كاترين بمحافظة جنوب سيناء، والذي بالرغم من إبقائه على حيازة

المبادرة المصرية تطالب الحكومة اتخاذ إجراءات عملية لضمان الحقوق التاريخية لرهبان دير سانت كاترين

الرهبان للمواقع "ذات الطابع الديني"، تحت مفهوم "الحيازة الدينية" الذي استحدثته المحكمة، فإنه في الوقت نفسه لم يتبنَ فهمًا شاملًا لطبيعة دير سانت كاترين التراثية الخاصة، وللحياة الرهبانية التي تأسست فيه وفي محيطه

على مدار 14 قرنًا؛ تلك الحياة التي لا تقتصر على التعبد والصلاة فحسب؛ لكنها تتضمن أيضًا استصلاح الأراضي وحفر الآبار وتعاون الرهبان مع القبائل الموجودة في محيطهم من أجل إدارة الحياة بمنطقة سانت كاترين على أسس التعايش.

وفي هذا الصدد، تستدعي المبادرة المصرية ما ورد في إعلان كيبِك (2008)، الصادر عن المجلس الدولي للمعالم والمواقع التاريخية - إيكوموس، بشأن حفظ روح المكان، التي تتكون من عناصر ملموسة، مثل المباني

والمواقع والمشاهد والمسارات وغيرها، ومن عناصر غير ملموسة مثل الذكريات والسرديات والوثائق المكتوبة والطقوس وغيرها. ويسلم الإعلان بأن "الناس هم أساسًا من يبثون في المكان روحه"، بشقيها المادي والروحي.

وبناءً على ذلك، ترى المبادرة المصرية أن ضمان الحيازة الدينية لرهبان الدير وإن كان ضروريًا، فإنه ليس كافيًا. فقد مارس الرهبان أشكالًا أخرى من الحيازة، مكنّتهم من المساهمة الفعلية في استدامة وجودهم وتنمية ديرهم ومحيطه على

مدار قرون. وتؤكد المبادرة المصرية أيضًا على ضرورة الإبقاء على البنية التحية التي أسسها رهبان الدير، والتي تساهم في تحقيق اكتفاء الدير ذاتيًا، فضلًا عن كونها شاهدًا على تفاعل رهبان الدير مع بيئتهم والتأثير فيها والتأثر بها.

وتُدين المبادرة المصرية طريقة تعامل الحكومة مع النزاع حول ملكية دير سانت كاترين وأراضيه، بدايةً من دفع المسؤولين الحكوميين، في دعواهم القضائية الأصلية المقامة عام 2014، بأن حيازة رئاسة الدير لأراضيه وكنائسه ومبانيه هي حيازة ناتجة عن "الغصب"، وصولًا لمطالبتهم بالحكم بطرد الرهبان من الدير وجميع الأراضي الواقعة في حيازة رئاسته بجميع ما تشمله.

وبعدما صدر حكم أول درجة في عام 2020، شهدت منطقة سانت كاترين التراثية تغيرات كبيرة، في إطار تنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" سنة 2021، وهو مشروع طالبت اليونسكو في عام 2023 بوقف استكمال تنفيذه لحين إجراء تقييم لأثره على موقع سانت كاترين التراثي وإعداد خطة لإدارته بما يشمل خطة لإدارة السياحة. ويذكر أنه في عام 2021 لم تتمكن البعثة الاستشارية لليونسكو من زيارة هذا الموقع.

وبناءً على ما سبق، تعتبر المبادرة المصرية مخاوف رهبان الدير من أن يكون حكم الاستئناف خطوة أولى على طريق تفريغ الدير من وظيفته الروحية والدينية والثقافية مخاوف مشروعة. كما تلفت المبادرة المصرية النظر إلى ضرورة

عدم استخدام ضمان الحق في العبادة من خلال الإقرار بـ"الحيازة الدينية" القائمة على ممارسة الشعائر الدينية، بغية سلب حقوق الرهبان الأخرى، مثل حقوقهم في حفظ طبيعة الدير ومحيطه والحفاظ على دورهم النشِط في تحقيق ذلك.

ورغم محاولات التوصل لاتفاق ودي بين المحافظة والدير قبل صدور حكم الاستئناف، والذي كان من المزمع أن يحفظ حق أبرشية الروم الأرثوذكس بسيناء في ملكية الدير والأراضي التابعة له – وفقًا لتصريحات رئاسة الدير، والتي لم تنفها محافظة جنوب سيناء– أتى الحكم على نقيض ذلك.

ويذكر في هذا الشأن أن الحكومة قد أقرت بملكية مُطران سيناء – ممثلًا عن أبرشية سيناء للروم الأرثوذكس– للدير ومصلياته وحدائقه وممراته وجميع منشآته الأخرى، في الطلب الذي تقدمت به مصر لإدراج منطقة سانت كاترين على قائمة التراث العالمي في بداية الألفية. وهو الطلب الذي تم بموافقة مطران دير سانت كاترين وبمساهمته في إعداد الملف (ملف الترشيح، ص.38).

كما تشير المبادرة المصرية إلى الطبيعة التراثية الخاصة لدير سانت كاترين، فهو موقع تراثي مأهول بسكانه من الرهبان، وذلك على خلاف عديد الآثار غير المأهولة وغير المُستَخدَمة لأغراضها الأصلية. وتستدعي هذه الخصوصية وضع أطر قانونية للملكية تأخذ بعين الاعتبار الوضع الخاص لرهبان سانت كاترين.

تُطالب المبادرة المصرية الحكومة بوضع الأطر القانونية التي تضمن الحفاظ على ملكية دير سانت كاترين والأراضي التابعة له لأبرشية الروم الأورثوذكس المستقلة بسيناء، بما يحقق حيازة آمنة وهادئة ومستقرة لرهبانه حاليًا ومستقبلًا، واستقلاليتهم في إدارة كنيستهم والأنشطة الاجتماعية والدينية والثقافية والاقتصادية التابعة لها.

كما توصي المبادرة المصرية باستكمال الحوار بين جميع الأطراف ذات الصلة بالأزمة، وفي مقدمتهم مسؤولي الدير، بغية التوصل لاتفاق بين محافظة جنوب سيناء ودير سانت كاترين، بما يضمن للرهبان حقوقهم

ودورهم في حفظ طبيعة الدير باعتباره تراثًا دينيًا حياً، ويضمن لهم حقوقهم في محيطه باعتباره فضاءً أساسيًا يمارس فيه رهبان الدير أنشطتهم اليومية في المنطقة التراثية التي يشكلون جزءًا منها منذ 14 قرنًا.

وكانت أصدرت محكمة استئناف الإسماعيلية في يوم 28 مايو الماضي حكمها في الاستئنافين المُقدمين على الحكم الصادر منذ 30 مايو 2020، في الدعوى رقم 24 لسنة 2015، والتي أقامها كل من محافظ جنوب سيناء ووزير الآثار ورئيس

الوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين ورئيس مجلس إدارة جهاز شؤون البيئة بصفتهم، ضد مطران دير سانت كاترين بشخصه وصفته، مطالبين بطرده من 71 قطعة أرض تتضمن جميع كنائس ومباني الدير والأراضي الزراعية التابعة له.

وقضت محكمة الاستئناف بما أسمته "الحيازة الدينية" لمطران الدير على 29 موقعًا دينيًا دون تملكها، ورفض الدعوى فيما يخص 17 قطعة أرض محرر بها عقود بيع ابتدائية. كما قضت المحكمة بطرد الرهبان من الأراضي التي ليس لها "طابع ديني" وتسليمها إلى محافظة جنوب سيناء بما عليها من منشآت وغراس وزرع.

أقباط متحدون
23 يونيو 2025 |