القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

ضرورة حماية المسيحيين في سوريا وسط تصاعد الاعتداءات الطائفية

بقلم هاني صبري لبيب

قام انتحاري باقتحام كنيسة مار إلياس في منطقة دويلعة في دمشق، حيث أطلق النار على المصليين، ثم فجّر نفسه بواسطة حزام ناسف داخل الكنيسة، ما أدى إلى استشهاد 20 شخصًا وجرح 52 آخرين. قُتلوا على أساس الهوية الدينية، وبدت المقاعد الخشبية مبعثرة ودماء الشهداء والمصابين تملأ المكان، بينما دُمِّر الهيكل الخشبي بالكامل. نيران تشتعل داخل الكنيسة.

ضرورة حماية المسيحيين في سوريا وسط تصاعد الاعتداءات الطائفية

وأكدت وزارة الداخلية السورية أن منفذ الهجوم ينتمي إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”. ويعد هذا الاعتداء الأول من نوعه في العاصمة السورية منذ إطاحة الحكم السابق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، فيما يعد بسط الأمن وحماية المسيحيين والعلويين وباقي الأقليات في سوريا أحد أبرز التحديات التي تواجه السلطات الانتقالية في البلاد.

إن ما حدث في كنيسة مار إلياس لا يمثل فقط جريمة إرهابية بشعة، بل يعكس حالة التردي الأمني الخطير الذي بات يهدد نسيج المجتمع السوري وتنوعه الثقافي والديني. هذه الجريمة المروعة تسلط الضوء على التهديدات المستمرة التي يتعرض لها المسيحيون في سوريا، الذين يشكلون جزءًا أصيلًا من التاريخ والحضارة السورية، ويعانون اليوم من موجات متكررة من الاضطهاد والاستهداف الممنهج.

في ظل الفراغ السياسي والمؤسسي، وتعدد الفصائل المسلحة وغياب القانون، تزداد مخاوف الأقليات الدينية والعرقية من أن يكونوا ضحايا لصراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل. ومع كل حادثة جديدة، يترسخ شعور بأن المجتمع الدولي والعالم العربي لم يقدّم حتى الآن الحماية الكافية للمسيحيين السوريين وسائر القوميات الآخري.

من هنا، نؤكد أن على السلطة الانتقالية في سوريا أن تتحمّل كامل مسؤولياتها القانونية والإنسانية في حماية أرواح المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو القومية. يجب أن تكون أولويات المرحلة الانتقالية إعادة بناء مؤسسات الأمن على أسس مهنية وعادلة، تضمن حماية جميع المواطنين دون تمييز، والتصدي بصرامة لكل أشكال التطرف والطائفية.

كما ندعو إلى تشكيل لجان لمراقبة أوضاع الأقليات في سوريا، وفتح قنوات تواصل مباشرة مع قيادات المجتمع المسيحي والعلوي والكردي والدروز وسائر القوميات، لضمان إشراكهم في صنع مستقبل بلدهم بعيدًا عن الإقصاء والتهميش.

إن أمن سوريا لا يتحقق إلا حين يشعر كل مواطن، مسيحيًا كان أم مسلمًا، سنيًا كان أم شيعيًا، عربيًا كان أم كرديًا، بأنه جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، وأن له مكانًا آمنًا في ظل دولة قانون ومواطنة.

ختامًا، لا يمكن بناء السلام في سوريا دون حماية مواطنيها ، والبدء بمحاسبة الجناة، وتكريس ثقافة التعايش والمواطنة، ورفض كل أشكال العنف والكراهية الدينية. حماية المسيحيين ليست فقط مسؤولية أخلاقية، بل التزام قانوني وإنساني يقع على عاتق الجميع: الدولة، والمجتمع، والمجتمع الدولي.

هاني صبري لبيب - أقباط متحدون
23 يونيو 2025 |