القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

جولدا مائير تصرخ من قبرها لـ نتنياهو: «ألم تتعلم شيئا من السادات في حرب أكتوبر 73»؟

في ظل تصاعد التوترات العسكرية بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025، يعيد التاريخ نفسه بملامح جديدة، لكنه يحمل الدروس ذاتها.

جولدا مائير تصرخ من قبرها لـ نتنياهو: «ألم تتعلم شيئا من السادات في حرب أكتوبر 73»؟

منذ حرب أكتوبر 1973، التي فاجأت فيها مصر إسرائيل بعبور قناة السويس، إلى الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران اليوم، تبرز أوجه تشابه لافتة في سوء التقدير الإسرائيلي لقدرات خصومها.

جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك، أقرت بخطئها في تجاهل تحذيرات الرئيس المصري أنور السادات، وهو ما يبدو أنه يتكرر مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، الذي لم يتوقع ردًا إيرانيًا قويًا على عملية «الأسد الصاعد».

تكرار أخطاء الماضي

في أكتوبر 1973، تلقت إسرائيل صدمة عسكرية ونفسية عندما نجحت القوات المصرية في عبور قناة السويس، مما هز مقولة «الجيش الذي لا يقهر».

جولدا مائير، في مذكراتها، اعترفت بأنها قللت من قدرات مصر بناءً على تقديرات استخباراتية خاطئة، وأعربت عن ندمها لعدم أخذ تهديدات السادات على محمل الجد.

اليوم، يبدو أن نتنياهو وقع في خطأ مشابه على مدى عقود، حذر من التهديد النووي الإيراني، لكنه لم يتوقع ردًا قويًا على هجوم إسرائيل في 13 يونيو 2025، المسمى «الأسد الصاعد»، والذي استهدف منشآت نووية وعسكرية إيرانية.

ردت إيران بعملية «الوعد الصادق 3»، التي شملت هجمات صاروخية استهدفت مواقع عسكرية وسكنية في إسرائيل، بما في ذلك مستشفى سوروكا في بئر السبع. هذا الرد أظهر قدرات إيران العسكرية، التي أنكرتها إسرائيل كما أنكرت قدرة مصر في 1973.

أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل وإصابة العشرات في إيران، بينهم قادة عسكريون وعلماء نوويون، بينما تسببت الهجمات الإيرانية المضادة في إصابات وأضرار في إسرائيل، بما في ذلك مستشفى سوروكا، وهو رمز طبي هام.

جولدا مائير تعتذر للسادات

وبعد حرب أكتوبر 73، اعترفت جولدا مائير أمام لجنة التحقيق قائلة: «أعتذر للسادات لأنني لم أصغ لتحذيراته من ضربنا».

وفي مذكراتها المعنونة باسم «حياتي» ترجمة عزيز عزمي، الصادرة عن مؤسسة دار التعاون للطبع والنشر، قالت مائير: «لن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية، ولكني سأكتب عن كارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي، وسيظل باقيًا معي على الدوام».

وأضافت رئيسة الوزراء حينها في كتابها: «كنا نقاسي انهيار نفسي عميق، ولم تكن الصدمة في الطريقة التي بدأت بها الحرب فقط، بل كانت في حقيقة أن معظم تقديراتنا الاساسية ثبت خطؤها، لأن احتمال الهجوم في أكتوبر كان ضئيلًا جدًا، وكنا نظن أنه في استطاعتنا منع المصريين من عبور قناة السويس، وهو ما ثبت خطؤه تمامًا وفوجئنا بالعبور، لذلك أنا أعتذر للسادات لأني لم أخذ تحذيراته على محمل الجد».

يشير التشابه بين الموقفين إلى نمط في السياسة الإسرائيلية يتمثل في التقليل من قدرات الخصوم، سواء كانت مصر في 1973 أو إيران في 2025.

فهل سيدفع نتنياهو ثمن هذا الخطأ كما دفعته مائير؟ أم أن الدعم الأمريكي سيظل كافيًا لتثبيت موقفه؟ التاريخ يعلمنا أن الأخطاء قد تكون مكلفة، لكنه يعيد نفسه أحيانًا بطرق مختلفة.

لا يمكن الجزم بنتائج الصراع الحالي بين إسرائيل وإيران، لكن دروس حرب أكتوبر 1973 تظل واضحة: التقليل من قدرات الخصم قد يؤدي إلى مفاجآت كارثية.

نتنياهو، الذي يواجه تحديات داخلية وخارجية، قد يكون أمام اختبار مصيري، يتطلب منه إعادة تقييم استراتيجياته لتجنب مصير سلفه جولدا مائير.

الحرب لم تنته بعد، لكن كلمتها الأولى أظهرت أن إسرائيل تواجه تحديًا لم تتوقعه، كما حدث قبل نصف قرن.

كيف خدع السادات إسرائيل؟

ومن ناحية أخرى، تحدث عدد من الخبراء والمتخصصين بشأن اعترافات «مائير» إبان حرب أكتوبر، وذلك في فيلم تسجيلي عرضته قناة «دي إم سي»، حيث نقل الدكتور إبراهيم البحراوي، أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس.

جاء ذلك خلال كلمة البحراوي في الفيلم التسجيلي، نقلا عن جولدا مائير، قولها: «كانت لدينا صورة عن الرئيس السادات، أنه شخصية هزلية، يعد شعبه بالحرب، ثم يتراجع، ثم يحدد مواعيد ويقول عام الحسم، وينساها، وهذه الشخصية الهزلية، أقدم لها اعتذرًا رسميًا، لأن هذه الصورة التي قدم بها نفسه، كان يقصد بها أن يخدعنا».

هذه بعض اعترافات جولدا مائير بعد حرب أكتوبر 73، واليوم، ربما يعيد التاريخ نفسه ولكن بوجه جديد؛ نتنياهو يقف وسط أنقاض مستشفى سوروكا، تسكنه ملامح الحسرة والندم، وكأنه يهمس لنفسه بالاعتذار ذاته، ولكن لإيران هذه المرة.

إسرائيل، التي كانت تسخر من «تهديدات طهران»، تجد نفسها اليوم في مرمى صواريخ دقيقة ضربت عمقها، ليس فقط عسكريًا بل رمزيًا، مستشفى سوروكا، في قلب بئر السبع، والبنى السكنية في رمات جان، وحولون، اللذين طالما كانا رمزًا للهدوء النسبي، صاروا شاهدين على هشاشة القوة الإسرائيلية أمام إرادة الخصوم.

لم يقرأوا التاريخ

وتمامًا كما أنكر الساسة الإسرائيليون حينها قدرة الجيش المصري على عبور قناة السويس، أنكروا اليوم قدرة الإيرانيين على الرد على أي هجوم إسرائيلي، وكأنهم لم يقرأوا دروس التاريخ جيدًا.

أمام أنقاض سوروكا، تَتجلى صورة جولدا مائير في وجه نتنياهو، فالملامح واحدة، وجه مشدود، عيون زائغة، وداخل يعتصره سؤال: «كيف لم نر هذا قادمًا؟

حينها، اعتذرت جولدا مائير للسادات بعد فوات الأوان، واليوم، لا كلمات تخرج من فم نتنياهو، لكن الصمت أبلغ، كأنه يعتذر بلا حروف، هامسًا بداخله: «كنت أظن أن إيران لن تجرؤ.. فجرأت».

عراقجي: «لا مفاوضات تحت النار»

الحرب لم تبدأ بعد لكنها قالت كلمتها الأولى، فأعلنت إيران أن طهران لن «تركع» لإسرائيل، ولا استسلام غير مشروط كما طلب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب من المرشد الأعلى، على خامنئي، ولا تفاوض مع أمريكا راعية الجرائم، كما قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قبل مباحثات «جينف»، مساء، أمس الجمعة، بشأن البرنامج النووي.

ولا مؤشرات تثبت تدخل الولايات المتحدة الأمريكية على خط الحرب بين إيران وإسرائيل، فـ«ترامب»، أعطى إيران مهلة أخيرة لمدة أسبوعين، لتعود إلى طاولة المفاوضات، حتى جاء رد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، قائلًا: «لا مفاوضات تحت النار».

تصاعد التوتر أثار مخاوف دولية، مع دعوات من ترامب لإيران للعودة إلى المفاوضات النووية، ورد إيراني رافض للتفاوض «تحت النار».

على الصعيد الداخلي الإسرائيلي، تداولت وسائل التواصل مقاطع فيديو لمظاهرات مزعومة في إسرائيل تحت شعار «أسفون يا إيران»، لكن لم يتم التحقق من صحتها رسميًا.

هذه الأحداث، إن صحت، تعكس انقسامًا داخليًا قد يزيد الضغط على نتنياهو، تمامًا كما واجهت مائير انتقادات حادة بعد حرب 1973، أدت إلى استقالتها لاحقًا.

في الوقت الذي فرضت فيه الرقابة العسكرية الإسرائيلية حظر نشر، وتعتيمًا على المواقع المستهدفة بصواريخ إيرانية، معتبرة أن ذلك، مساعدة لإيران في خضم القتال، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو نشرته وكالة الأنباء الأردنية «سرايا»، يظهر تجمع لعشرات الإسرائيليين تحت شعار«أوقفوا الحرب.. أسفون يا إيران»، مطالبين طهران بوقف الحرب على تل أبيب.

ويبقى السؤال الذي تداولة الأوساط السياسية، هل يمكن أن يصمد«نتنياهو» حيث سقطت جولدا مائير؟ أو يعتذرلإيران كما أعتذرت «مائير» للسادات؟.

المصرى اليوم
21 يونيو 2025 |