قصة بطلة من أبطال الأقباط في القرن الثالث الميلادى والتي تعتبر أشهر قديسات الصعيد بمدينة إسنا، وهى "الأم دولاجى" والتي جادت بأولادها الأربعة "صوروس وهرمان وأبانوفا وشنطاس" وشجعتهم على مواجهة الطغاة الرومان، حيث وقفوا أمام "أريانوس" الوالى الرومانى وقتها لدى زيارته لمدينة إسنا، وقام بقطع رؤوسهم وقتل والدتهم بعدهم ودفنوا في منزلهم مكان الكنيسة الحالي بمدينة إسنا.

ومع قدوم شهر بشنس من الشهور القبطية المصرية الزراعية، ينظم أقباط مدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، الإحتفال بالعيد السنوي لاستشهاد الأم دولاجي وأولادها الأربعة، وذلك بكنيستها وسط
مدينة إسنا، تحت رعاية وبحضور صاحب النيافة الأنبا يواقيم أسقف عام إسنا وأرمنت، وبحضور أباء كهنة الإيبارشية، والكنائس الأخري، وخورس الشمامسة والشعب القبطى، حيث بدأ الاحتفال
بتراس نيافة الأنبا يواقيم صلاة العشية، واشترك معه لفيف من الآباء الكهنة والرهبان، ويتم خلال عشية الاحتفال بالعيد السنوي تطييب الأنبوبة التى تحوى رفات الأم دولاجى وأولادها
الأربعة، والطواف بالمقصورة الخشبية المرسوم عليها الأم دولاجى وأولادها الأربعة داخل الكنيسة، ويخللها تسبحة نصف الليل، ويعقب ذلك صلاة القداس الإلهي صباح الغد الاربعاء، لتذكار عيد أستشهادهم.
ومن جانبه يقول الأنبا يواقيم أسقف عام إسنا وأرمنت، إنه تقع كنيسة الأم دولاجى في مدينة إسنا والتي تعد مزار ديني هام يأتيها الأهالي من جميع أنحاء مصر بل والعالم أجمع، حيث أن
هذه المكان له قصة تاريخية ويرصد تلك الأم التى جادت بنفسها وأولادها تمسكاً وفداءاً لدينها، ففي نهاية القرن الثالث الميلادي وبداية القرن الرابع تعرضت إسنا للإضطهاد
الروماني حينما أتى الوالى "أريانوس" والي أنصنا إلى الصعيد في عصر الإمبراطور الطاغية دقلديانوس، ليرى مدى تنفيذ مراسيم الإمبراطور، وعند دخوله مدينة إسنا قابله أربعة
صبية أشقاء وهم صوروس وهرمان وأبانوفا وشنطاس، فأوقفهم وأمرهم أن يسيروا معه للسجود للأوثان، لكن الصبية أبوا وأعلنوا مسيحيتهم، وحاول معهم بالإغراء فلم يفلح فتوعدهم بالعذاب حتى الموت.
ويضيف الأنبا يواقيم، إن القصة تسرد إنه عندما علمت الأم دولاجى ذهبت مسرعة إلى مكانهم، وأمام الوالي كانت تشجعهم وتقويهم، فامتلأ أريانوس غضبًا وأمر بقطع رؤوسهم، على أن يُذبح أولادها على ركبتيها الواحد تلو
الآخر وأخيرًا أمر بقطع رأسها ، وكان ذلك يوم 6 بشنس ( من الشهور القبطية المصرية " الزراعية " ) الموافق 14مايو، وقام المسيحيون باسنا بأخذ أجسادهم ولفوها في أكفان غالية ودفنوهم في البيت الذي كانوا يعيشون فيه
وهو مكان الكنيسة الموجودة حالياً، وكان المستوى أسفل تلك الكنيسة ويتم النزول إليها إحدى عشر سلما على حسب رواية الأهالي الذين عاصروا الكنيسة، موضحاً إنه في بداية القرن العشرين قام احد أعيان إسنا الأميرلاى
"بدير بك جرجس" بتجديد هذه الكنيسة على أنقاض الكنيسة الأولى ، ولان الأرض هشة ورديم ونتيجة للفيضانات حدث انهيار للمكان وصدر قرار جمهوري للكنيسة سنة 1973 بالهدم والإنشاء وتم الحصول على رخصة البناء بتاريخ
14/12/2006م ، في 20/10 /2007م وفى احتفال عظيم حضره البابا شنودة الثالث والآلاف من الأهالي والقيادات ورجال الدين المسيحي والإسلامي ، تم تدشين الكنيسة الكبيرة بالأعلى ، وأصبحت الكنيسة مزارا دينيا هاما للأهالي بجميع أنحاء مصر والعالم.
يذكر أن الشهيدة الأم دولاجي وأولادها الأربعة، هم باكورة شهداء مدينة إسنا ويحتفل بعيدهم يوم 6 بشنس من كل عام، وكان مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث قام بتدشين الكنيسة بعد أعادة بنائها وتجديدها في 20
أكتوبر 2007، حيث نشأت الأم دولاجى في مدينة إسنا التى كان كرسى الأسقفية بها من زمن الأنبا أمونيوس أسقف إسنا، وتعتبر الأم دولاجى واحدة من أشهر قديسات الصعيد الأعلى، التي برهنت للعالم أن محبة المسيح لا
يقاسمها أى من الماديات أو الفانيات، فبزعت شفيعة ليس لهذه المدينة فحسب، بل للعالم بأسره، وكانت أرملة ولها أولاد أربعة وهما: صوروس وهرمان وأبانوفا وشنطاس وكانوا يعملون بالزراعة، ويذكر التاريخ أنها
كانت غنية ووزعت ما لديها من مال على الفقراء والمساكين، وكانت هذه السيدة تسلك حسب وصايا الإنجيل حافظة كلمة الله فى قلبها مُحبه للجميع، حتى شب أولادها مثلها ثابتين في الإيمان، لا يزعزعهم تهديد أو وعيد.
وحدث ذاك يوم أن أرسل دقلديانوس الطاغية الوالى "أريانوس" والى أنصنا كى يبيد المسيحيين فى كل مدن الصعيد ويقضى على كهنتهم ورهبانهم، وكانت منطقة إسنا محط أنظاره إذ أنها
كانت غنية بقديسها من الإكليروس والعلمانين، وعندما دخل الوالي أسنا تقابل مع أربعة صبيان يسوقون دابة تحمل بطيخاً من الحقيل، فأستوقفهم وأراد أن يختبر من خلالهم مدى تغلغل
المسيحية فى تلك البلد، فأمرهم بالسجود للأوثان فأبى الفتيان بكل قوة وعزم وإيمان، فحاول معهم بالإغراء ، فلم يفلح فأخذ يهددهم ويتوعدهم بأن يلحق بهم صنوفاً من التعذيب والالآم،
ورغم كل هذا وقفوا أمامه بثبات معلنين إيمانهم بالمسيح، وما هى إلا لحظات حتى طار الخبر إلى أمهم الشجاعة دولاجى فأسرعت من بيتها إلى الحقل حيث كان أولادها الأربعة يقفون فى حضرة
الوالى، وكان الوالى يعتقد أنها سوف تثنيهم عن إيمانهم، إلا أنه فوجئ بها وهي تثبيتهم فى الإيمان معلنة مسيحيتها جهراً أمام الوالي والذي إمتلاء منهم غيظاً وأمر بإلقائهم جميعاً فى السجن.
وهما فى السجن ظهرت لهم السيدة العذراء مريم صباحاً، وأخذت تشجعهم وتخبرهم بأن السيد المسيح قد أعد لهم مكاناً أبدياً فى ملكوت السموات، وما لبث وأن استدعاهم الوالي مرة أخرى وطلب منهم التبخير للآلهة الوثنية فإذا الأم دولاجى تصرخ فى وجهه، وحوالها أولادها لتؤكد مسيحيتها، وهم يقولون نحن نرفض عبادة الآلهة الكاذبة. نحن مسيحيون.
ويذكر التاريخ أن الوالى أمر بذبح أولادها على ركبتيها واحداً تلو الآخر وهو يترقب لحظة تراجعها، إلا أن إيمانها القوي هى وأولادها كان يفوق كل تعذيب وكل قسوة، وبعد أن ذبح
أولادها أمام عينيها قطع رأسها وهى فى غمرة صلواتها وترتيلها للسيد المسيح، ولا تزال أجسادهم المقدسة محفوظة بالكنيسة التى تحمل أسمها بمدينة إسنا في محافظة الأقصر، وتعيد
الكنيسة تذكار أستشهادهم كل عام فى اليوم السادس من شهر بشنس كل عام، والجدير بالذكر أن الأنبا يوأنس أسقف إسنا هو من كتب عن سيرة الشهيدة العظيمة الأم دولاجي وأولادها الأربعة.


