صادفت أهلها، الدكتوراه الفخرية من جامعة مانشستر للمدرب الإسبانى بيب جوارديولا، (المدير الفنى لمانشستر سيتى) يستحقها الكبير، يضيف إليها كثيرًا، ليس لمساهماته فى فخر المدينة منذ توليه تدريب الفريق عام 2016، وحتى ساعته.. فحسب ولكن لشجاعته الأدبية، وحسه الإنسانى العالى.

إنسانية جوارديولا حتمت رفضه لمنطوق الصمت المطبق على ملاعب الكرة إزاء حرب الإبادة الوحشية فى غزة، باعتبار لا سياسة فى الرياضة وهذا محض خيال كاذب.
فى كلمة مؤثرة ألقاها خلال الحفل الصاخب مرتديا روب الأستاذ، عبر جوارديولا عن حزنه العميق تجاه ما يجرى فى غزة: ما يحدث هناك مؤلم للغاية، آلاف الضحايا الأبرياء، أطفال يُقتلون، وعائلات تُشرّد، والناس يتفرجون بصمت.
حكيم مجهول يقول فى وصف عطفة جوارديولا: لا تصمت عن قول الحق مهما كان مرًا، فعندما تضع لجامًا فى فمك سيضعون سرجًا على ظهرك..، جوارديولا لم يطبق فمه، لا يطيق لجاما يلجمه عن قول كلمة حق فى وجه العالم، يصدق فيه القول لو أراد الرجل أن يكون شجاعًا فليقم بمطاوعة ضميره.
ضمير جوارديولا صاحى، يقظ، يؤنبه، كيف تصمت على مأساة طفل يلفظ أنفاسه جوعا، وطاوع جوارديولا ضميره، وقالها مجلجلة فى وجه كابينت الحرب الإسرائيلى والفيتو الأمريكى: ما نشاهده فى غزة أمر مؤلم للغاية، هذا يؤلم جسدى.. نشاهد وفاة الآلاف من الأبرياء والأطفال ومعاناة الآلاف من العائلات بسبب أحداث العنف.
قصيدة وجدتُكَ أعطيتَ الشجاعةَ حقّها للشاعر أَبو العَلاء المَعَرِى، وبتصرف وجدتُكَ أعطيتَ الإنسانية حقّها.. يستحقّها جوارديولا عن جدارة، وبرز شجاعًا، وأعطى الإنسانية حقها، ورسالته بعلم الوصول، وهو يعلم أن سيف معاداة السامية مسلط على الرقاب، وأنّ معاداة إسرائيل قد تكلفه كثيرا من المتاعب فى الملاعب.
جوارديولا، مثل رسل الإنسانية العظام يحمل رسالة، يسطرها فى محفل عام لتصل إلى قلوب العالم قبل أذانهم، يقولها ولا يخشى فى حق يعتقده ملامة: رسالتى لا تتعلق بالأيديولوجيا، بل بحب الحياة والإنسانية.. قد يظن البعض أن ما يحدث ليس من شأننا، لكنى أقول لهم: ربما تكون الضحية القادمة أنت أو طفلك.
جوارديولا يتابع عن كثب ليس كما يظن البعض، فحسب الدوريات الخمسة الكبرى أوروبيا، بل وما يجرى من حرب إبادة وتشريد وتجويع فى غزة، مشغول بالإنسانية المعذبة، وعن غزة يقول: عندما بدأ الحصار على غزة، أشاهد العديد من الصور ومقاطع الفيديو وأنا فى حالة رعب بينما يقول البعض إننا نعيش فى مكان بعيد عنهم.. فماذا يمكن أن نفعل؟.
جوارديولا اختار لنفسه موقعا فريدا من الإعراب الإنسانى، شبه موقفه بموقف طائر صغير حاول إخماد حريق هائل فى الغابة برش قطرات ماء، رغم سخرية الآخرين، لكنه أصر.. يقول جوارديولا متحديا: سأفعل دورى.
المدرب الإسبانى ذو الصيت العالمى يقول: إن قوة العالم تكمن فى عدم الصمت وامتلاك المبادئ فى مواجهة الظلم والعنف.
جوارديولا برز فى أتون المجزرة الإنسانية فى غزة بوجه مغاير لمًا ألفناه من نجوم الساحرة المستديرة، كان بعضهم يتدارى خجلا ويلجم فمه خشية اللوبى اليهودى الذى يحكم ويتحكم فى صناعة الكرة العالمية،
وبعضهم كان يكتفى بالإدانة الخجولة، بتويتة وتغريدة ويتجنب طريق جيش الاحتلال خشية مداهماته، فحسب يسجل موقفا، لكن جوارديولا تحلى بالإنسانية قبل الشجاعة، يستحقها دكتوراه فخرية فى الشجاعة الأدبية.