القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

محامي قبطي يناشد باعتبار الأول من يونيو يوم دخول السيد المسيح أرض مصر عيداً قومياً للبلاد

بقلم هاني صبري لبيب

يُعد مجيء السيد المسيح والعائلة المقدسة إلى أرض مصر أعظم الأحداث التي شهدها التاريخ المصري، بل والعالمي. فهو ليس مجرد واقعة تاريخية مرّ عليها أكثر من ألفي عام، وغيّر مجرى التاريخ، بل هو أيضاً حدث حيّ مستمر الأثر

محامي قبطي يناشد باعتبار الأول من يونيو يوم دخول السيد المسيح أرض مصر عيداً قومياً للبلاد

لقد جاء السيد المسيح، والسيدة العذراء مريم، والقديس يوسف النجار إلى مصر، هربًا من بطش الملك هيرودس الذي أراد قتل الطفل يسوع خشية أن ينافسه في المُلك. فجاء أمر إلهي إلى يوسف في الحلم: قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه (متى 2: 13).

وهكذا لجأت العائلة المقدسة إلى مصر، وظلت بها حتى وفاة هيرودس، ثم عادت إلى الناصرة بحسب التدبير الإلهي لخلاص البشرية.

أرض مصر الحبيبة هي الدولة التي اختصها السيد المسيح بزيارته والعيش بها بعد البلد الذي وُلد فيه. بيت لحم، وصنع فيها آيات وعجائب ومازال يصنع. وقد بارك المسيح أرضها وشعبها، كما جاء في النبوة: مبارك شعبي مصر (إشعياء 19: 25)، "ومن مصر دعوت ابني** (هوشع 11: 1).

لم يكن الهروب إلى مصر بدافع الخوف، بل تم وفق مشيئته الإلهية لتتميم النبوات واحتمال الضيقات بصبر وثقة.

كان السيد المسيح، بحسب الجسد، طفلًا رضيعًا، لكنه في نفس الوقت الإله المتجسد، ضابط الكل. ففيه اتحد اللاهوت بالناسوت بغير اختلاط ولا انفصال. يقول الإنجيل:

كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان (يوحنا 1: 3)، ويؤكد:

ابن الإنسان الذي هو في السماء (يوحنا 3: 13)، في إشارة إلى حضوره السماوي رغم وجوده على الأرض.

وهكذا، أثناء وجوده في مصر، كان يدير الكون بأسره بصفته الإله القدير، رغم كونه طفلًا من جهة الجسد.

أكثر من 200 نبوة في العهد القديم تنبأت عن المسيح قبل مجيئه، وقد تحققت كلها بدقة. فقد تنبأ النبي إشعياء بولادته من عذراء:

ها العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعى اسمه عمانوئيل (إشعياء 7: 14)،

وتنبأ ميخا عن ميلاده في بيت لحم (ميخا 5: 2)، وتحققت هذه النبوات كما ورد في الإنجيل (متى 1: 18-25؛ 2: 1-6).

أن زيارة السيد المسيح لمصر مثبتة في الكتاب المقدس، كما أنها جزء أصيل من التراث القبطي والمصري. فقد عبرت العائلة المقدسة مختلف أنحاء البلاد، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، وتركت وراءها مسارًا مباركًا تحوّل إلى مزارات وكنائس وأديرة ما تزال شاهدة على الزيارة حتى اليوم.

وتبذل الدولة جهودًا كبيرة لإحياء هذا المسار التاريخي تحت عنوان مسار العائلة المقدسة، مما يسهم في تنشيط السياحة الدينية، ويجعل من مصر وجهة عالمية لهذا النوع من السياحة، بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.

وفي عام 2022، أدرجت منظمة اليونسكو الاحتفالات الشعبية المرتبطة برحلة العائلة المقدسة إلى مصر على قائمتها للتراث الثقافي غير المادي، وهو اعتراف عالمي بأهمية هذا الحدث.

وبناءً عليه فإنني، أناشد الجهات المعنية في الدولة المصرية بإقرار الأول من يونيو، وهو التاريخ التقليدي لدخول العائلة المقدسة أرض مصر، عيدًا قوميًا رسميًا. ليس فقط تكريمًا لمكانة مصر الروحية في التاريخ الإلهي، بل هو أيضًا تأكيد على وحدة

النسيج الوطني وتقديرٌ عميق لقيمة هذا الحدث الفريد في تاريخ الإنسانية جمعاء. وهذا القرار سيكون خطوة تاريخية نحو تعزيز ثقافة التسامح والمحبة بين أبناء الوطن، وتأكيدًا على أن مصر كانت ولا تزال أرض السلام، وملتقى الحضارات، وموضع اختيار إلهي فريد.

هاني صبري لبيب - أقباط متحدون
27 مايو 2025 |