استثناء من طقوس حفلات التوقيع، كان حفل توقيع مذكرات العم صلاح دياب، أقرب إلى احتفال بعيد ميلاده، لم ينقص حفل التوقيع سوى تورتة وعليها شمعة واحدة، وسنة حلوة يا جميل.

حضر الطيبون، وتبارى المحبون فى بذل آيات المحبة تجاه رجل محب للناس، ومعلوم من يحبه ربه يحبب فيه خلقه، وخلق كثير يحبون صلاح دياب مع حفظ الألقاب والمقامات.
عريس الحفل، صلاح دياب حضر مبكرا فى شياكة ظاهرة (عريس الحفلة)، فتح أحضانه الواسعة هاشا باشا لاستقبال الأحباء، وهمس فى أذن كل حبيب بما يستحق من حفاوة.
من أسعد أيامه وأجملها، رجل بيحب اللمة، وحصيرته واسعة، كان يتحرك خفيفا كالعصفور يرتدى كرافت لافت، يقينا اختارته رفيقة دربه السيدة عنايات الطويل بذوق راق، عادة ما تضفى نينى، على هيئة العم صلاح لمساتها الأنيقة لتراه كما تحب جميلا.
تشكيلة الحضور الكريم، عبرت عن طيف مصرى واسع، من أقصى اليمين لأقصى اليسار، سياسيون، ورجال أعمال، مثقفون مفكرون وكتاب، شباب وشيوخ، ونساء، جميعا حضروا للتهنئة بصدور المذكرات التى تترجم عيد ميلاد.
صدور المذكرات أظنه ميلاد رجل ناهز الثمانين من عمره ولايزال شابا، اختصارا مذكرات شاب فى الثمانين، وكما يقولون الشباب شباب القلب.
كل من مر فى حياة العم صلاح سجل حضورا فى حفل التوقيع، سيما شركاء النجاح والنجاح عنوان مسيرة رجل لايزال طموحا لإحراز نجاح لم يتحقق بعد، يملك دياب طموح شاب واعد، وقلب شاب شغوف، وروح تحن إلى أيام الصبا والجمال، لسان حاله ليس من لسان شاعر العربية الكبير أبو العتاهية عندما قال فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً.. فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ.. دياب عكسا، شباب على طول.
سأله الجميل محمود سعد من أنت؟ عطفا على عنوان المذكرات هذا أنا، رد بجملة وافية أنا صلاح دياب، وترجمة الإجابة المختصرة التى لم تروِ غلة سعد لحكى مفصل، ترجمتها أنا صلاح دياب بشحمه ولحمه، بجموحه وطموحه، بذكائه ومراهقته!!.
هل يراهق رجل فى الثمانين، هذا سر صلاح دياب، والمراهقة فى التعريف، (اليفاعة) لايزال يافعا، لم تلتهمه الشيخوخة، والمراهقة هى العمر الفاصل بين الشباب والرشد، وقد تختلف فى بدايتها ونهايتها من شخص لآخر، لكنها فى شخص
العم صلاح مراهقة حياتية مستدامة، يعيش كنبات برى على الحد الفاصل بين الشباب والرشد، يدهشك بطفوليته المحببة، كما طفل كبير يتوق للحلوى ملفوفة فى سوليفان لامع، ويذهلك بحكمة شيخ خبر الحياة، وسبر أغوارها السحيقة،
وخرج منها بحكمة لخصها الكاتب أحمد الضبع فى كتابه صناعة الأفكار المبتكرة كن أنت نفسك وذاتك الفريدة، ولتكن لك بصمتك الخاصة فى كل شىء، واعرف مكانك.. فالمرء الذى يحاول أن يكون شخصًا غير ذاته يكون بذلك قد شن حربًا ضد إبداعه!.
قراءة الكبير الدكتور محمد أبو الغار لمذكرات دياب كانت مدهشة، قراءة تجلى معان مخبوءة بين السطور، وإطلالة الكبير محمد سلماوى على المذكرات، نظرة طائر محلق، ينظر فى قاع المذكرات يستخرج الدر كامنا فى
أحشائها، أما قراءة الكبير صلاح دياب لمذكراته فتشى بأنه لم يقل كل شىء، لايزال هناك سطر مخزون فى تلافيف الذاكرة، سر لم يبح به بعد وحفظه فى قرار مكين، سر صلاح دياب هو الذى يرسم ابتسامة ساخرة دومًا على شفتيه!.