القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

«كانت أول فرحتي».. والد سما إحدى ضحايا انفجار خط غاز طريق الواحات: «صورتها على صدري لحد ما ألقاها»

كانت راجعة من درس، وفجأة اتحولت العربية إلى نار، وبنتي اتحرقت فيها، هكذا وصف الدكتور عادل أمين، اللحظة التي انهارت فيها حياة أسرته، بعد فقد ابنته الكبرى سما، طالبة طب الأسنان، في انفجار طريق الواحات الذي راح ضحيته 8 أشخاص، وأُصيب فيه 17 آخرون.

«كانت أول فرحتي».. والد سما إحدى ضحايا انفجار خط غاز طريق الواحات: «صورتها على صدري لحد ما ألقاها»

مأساة سما ضحية حادث الواحات: العربية ولعت بيها

في قاعة محكمة جنح أول وثالث أكتوبر، جلس الأب المكلوم في صمت.. في صدره سلسلة فضية تتدلى منها صورة ابنته، لا يخلعها عن عنقه منذ وفاتها، يرفعها من حين لآخر، يمررها على شفتيه ويتمتم: أنتِ عروسة وشهيدة.. وصورتك عمري ما هتفارقني.

يقول الأب بصوت مرتجف، وهو يتحدث عن ابنته التي لم تكد تبلغ الـ23 عامًا لـالمصري اليوم: سما كانت أول فرحتي، أول خلفتي، وهي الكبيرة، كانت فاضل لها شهرين وتتخرج وتفتح عيادتها، كل أحلامها كانت بتبدأ تتحقق، ولما اتحرمت منها، اتحرمت من كل حاجة حلوة في الدنيا.

كانت سما تستعد لافتتاح عيادتها الخاصة في منطقة أكتوبر، وكان والدها قد بدأ بالفعل في تجهيزها على نفقته الخاصة: كنت بحضر كل حاجة تكون جاهزة ليها، أجهزة، ديكور، حتى الكرسي اللي هتقعد عليه وهي بتعالج الناس.. كنت بحلم أشوفها دكتورة ناجحة والناس بتدعيلها.. لكن اللي حصل... وجع عمره ما هيروح.

في يوم الحادث، كانت سما في طريقها إلى درس خارجي، حين وقع الانفجار بسبب كسر في خط الغاز نتيجة أعمال حفر عشوائية بلا تنسيق، يروي والدها التفاصيل: العربية ولعت بيها، نزلت وهي مولعة، جسدها كله اتلسع بالنار، اتنقلت على طول لمستشفى أهل مصر للحروق، وقعدت هناك حوالي أسبوعين بتصارع الألم.. وبعدين راحت.

الأب يطالب بتوسيع دائرة الاتهام

بصوت يملؤه الألم، يضيف: كل يوم كنت بشوفها بتموت حتة حتة.. كانت بتبصلي وعيونها بتقول لي: أنقذني يا بابا.. وكنت عاجز.. مش قادر أعمل أي حاجة.

بعد وفاتها، باتت سما حاضرة في كل ركن من أركان البيت: كل حاجة كانت بتفكرنا بيها: السرير، الكتب، اللاب توب، حتى الكباية اللي كانت بتحب تشرب فيها النسكافيه، يتنهد الأب، هي مش بس بنتي.. دي كانت روحي.

ويتابع: البيت بقى ساكت.. مفيش صوت ضحكتها، ولا خناقاتها.. حتى أمها، كل يوم تقعد قدام أوضتها وتبكي، وساعات تقفل الباب وتفضل ريحتها جوه.. بنتي ماتت واتحرقت وراحت، بس ريحتها لسه عايشة.

يحمّل الأب مسؤولية ما حدث إلى أكثر من شخص، ويطالب بتوسيع دائرة الاتهام لتشمل كل مسؤول سايب أو مهمل: مش معقول يبقى في حفر في طريق عام من غير ما حد يشرف عليه.. مش معقول بنتي تدفع حياتها علشان واحد استخدم لودر من غير ما ياخد تصريح أو يشوف فيه خط غاز ولا لأ.

مش هنقبل تعويض

ويضيف: أنا واثق في القضاء المصري، بس بطالب بإدخال متهمين جدد، مش بس العامل اللي ماسك اللودر.. في مهندسين استشاريين، في ناس مسؤولة عن المشروع، ومسؤولي بحي وشركة الغاز والمقاولات، كلهم لازم يتحاسبوا.. مش عايز غير العدل.. ده حق بنتي.

في لحظة مؤثرة، يخرج الأب من جيبه سلسلة فضية يتدلى منها بندول صغير عليه صورة سما، ويقول: دي صورتها، لبساها في صدري، مش هشيلها غير لما أشوفها تاني يوم الدين.. وهتكون شفيعة ليا عند ربنا بإذن الله.

من جانبه، عبّر أحمد، عم سما، عن رفض الأسرة التام لأي محاولات للتصالح أو تسوية مالية: مش هنقبل تعويض، لا مليون ولا مليار.. إزاي نقبل على نفسنا نحط تمن لحياة بنت زينا؟.. سما كانت هتفيد المجتمع، كانت هتبقى دكتورة بجد، إنسانة بتعالج الناس.. راحت ببساطة بسبب إهمال.

ويتابع: إحنا بنطالب بتحقيق العدالة، مش بنشحت حقنا، فيه شركة مقاولات، فيه جهاز مدينة، فيه خط غاز.. وكلهم سايبين الموضوع ماشي بالعشوائية، دول لازم يتحاسبوا.

ينهي الأب كلامه بنبرة حزينة حاسمة: أنا مش عايز تعاطف، أنا عايز عدل.. مش عايز حد ييجي يقول لي ربنا يعوضك، ربنا فعلًا بيعوض في الآخرة، لكن في الدنيا لازم كل مسؤول مهمل يتحاسب.. بنتي مش ماتت.. بنتي اتقتلت بسبب استهتار وإهمال، واللي عمل كده لازم يدفع التمن.

المصرى اليوم
24 مايو 2025 |