القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

القصة الكاملة لإنضمام أول أسقفين أوربيين إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

بقلم ماجد كامل

لعل الجذور الأولى لقصة إنضمام الأنبا مرقس أسقف مرسيليا والأنبا أثناسيوس خور ابيسكوبس مرسييليا إلى الكنيسة القبطية ترجع إلى عام 1974 ،وتحديدا في 22 أبريل 1974 إذ أرسل حضرة صاحب القداسة المتنيح البابا شنودة الثالث خطابا إلى المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ، يطلب فيه معرفة رأيه في أمر إنضمام الأساقفة الأوربيين.

القصة الكاملة لإنضمام أول أسقفين أوربيين إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

وفحوى الخطاب طبقا لرواية قداسة البابا أنه منذ عام 1971 ،اتصل بالكنيسة القبطية جماعة من الفرنسسين الأرثوذكس بقداسته ، يطلبون فيه دراسة تاريخ وتراث الكنيسة القبطية الارثوذكسية باعتبارها أقدم الكنائس الرسولية.

ولتفعيل هذا الطلب أرسلت الجماعة أثنين من أساقفتها إلى مصر ، حيث تعرفا على كل من نيافة الأنبا أغابيوس أسقف ديروط ونيافة الأنبا غريغوريوس.

حيث تعرفا من خلالهما على عقيدة وتراث كنيستنا القبطية ، كما قاما بزيارة بعض من الكنائس الأثرية والمؤسسات القبطية.

عادا بعدها إلى فرنسا وهم متعلقان بتراث كنيستنا كأشد ما يكون التعلق ، حتى كتبا سويا كتيبا قيما أظهرا فيه كنيستنا القبطية بصورة مشرقة.

وأخيرا أرسلت هذه الجماعة عدة مراسلات يطلبون فيه رغبتهم في الإنضمام إلى الكنيسة القبطية وقد ضمنوا في الطلب وثيقة اعتراف بإيمانهم وجد بدراسته أنه مطابق لإيمان كنيستنا.

ولمزيد من التحقق من صدق نوايهم ، أوفد قداسته نيافة الحبر الجليل الأنبا يؤانس أسقف الغربية ، وبصحبته الأستاذ أنطون اسطفان باسيلي الذي كان على صلة مستمرة بهذه الجماعة منذ عام 1971.

وبعد دراسة شاملة لمعتقدات هذه الجماعة ، كتبا لقداسته تقريرا وافيا اثبتوا فيه :

1-صحة إيمان هذه الجماعة ، وتفهمهم لتراث وعقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

2-أنهم يتميزون بحياة روحية تقوية تدعو إلى الإعجاب وسط مجتمع تسوده المادية والإباحية.

3-استعدادهم الكامل للخضوع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في كل ما تطلبه.

4-استعداد قادتهم للحضور إلى مصر لإظهار خضوعهم وإتمام الإنضمام الفعلي للكنيسة.

5-اخلاصهم في رغبتهم للإنضمام إلى كنيستنا دون أي غرض.

6-إن إنضمام هذه الجماعة لكنيستنا يعتبر مكسب كبير للأرثوذكسية في أوربا.

7-تضم هذه الجماعة مسيحين في فرنسا وفينيسيا بشمال إيطاليا.

8-لهم كنيسة على أسم عذراء الزيتون ، وكنيسة أخرى على أسم مارمرقس.

9-أعضاء هذه الجماعة كانوا قد رسموا كهنة من قبل الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية.

ولقد وافق قداستهم على استقبال اثنين منهم من أساقفتهم ، وتقابلوا مع قداسته في يوم 27 مارس 1974.

كما تقابلا مع كثير من الآباء الأساقفة.

ثم يختتم قداسته الخطاب بطلب معرفة رد الأنبا غريغوريوس.

1- إنني أرى أن رغبة هذين الأسقفين الفرنسسين في الإنضمام إلى كنيستنا ، رغبة نقية لا غبار عليها ، وأنها رغبة روحية صادقة.

2- أن عقيدتهما أرثوذكسية ، وانهما على وعي بلاهوت كنيسة الإسكندرية ،وانهما وقعا على وثيقة إيمانية تشهد بسلامة عقيدة كنيسة الإسكندرية ، وانهما يلتزمان بهذه العقيدة وبقوانين المجامع المسكونية الثلاثة الأولى ، ويشهدان بقداسة البابا ديسقوروس وأرثوذكسية تعليمه ، وأنهما على استعداد للخضوع للبابا الإسكندري خليفة القديس مارمرقس الرسول.

3- أنهما على استعداد أن يتبعا طقس كنيسة الإسكندرية في الصلوات والأصوام والأعياد ، وسائر طقوس كنيستنا القبطية الأرثوذكسية.

4- أنهما على إستعداد أن يقبلا الرسامات الكهنوتية من يد بابا كنيسة الإسكندرية ، كما يقبلها أي مؤمن عادي لم توضع عليه أي يد رسولية لأي درجة من درجات الكهنوت.

5- لقد نصحتهما بدراسة الطقس القبطي دراسة متعمقة ، وان يشرعا فورا في ترجمة القداس القبطي إلى اللغة الفرنسية ، على أن تتم مراجعة هذه الترجمة بمعرفة لجنة رسمية حتى يمكن اعتماد هذه الترجمة واستخدامها مع الأصل القبطي في خدمة القداس في فرنسا.

كما نصحتهما بزيارة أديرتنا القبطية جميعها بقدر الإمكان ، وزيارة الكنائس القبطية القديمة خصوصا كنائس مصر القديمة ، للتشبع بجوها الروحاني.

6- الآن – أرى أنه يمكن البدء برسماتهما بعد أن يوقعا على وثيقة تعهد شبيه بالتعهد المطول الذي سبق لي أن وضعته بنعمة الله بتكليف من قداستكم بعد ترجمته إلى اللغة الفرنسية ، على أن يتلوانه في حفل الرسامة.

7-أرجو ان تكون هذه الرسامة تدريجيا بحيث يمضى أسبوع على الأقل بين كل درجة وأخرى.

ويمكن رسامة أحدهما شماسا فقسيسا فأسقفا على باريس ، أما الآخر فيكتفى برسامته قسيسا على أن تؤجل رسامته أسقفا فيما بعد على قطاع آخر في فرنسا – وليكن مرسيليا مثلا – وهي بلد على البحر الأبيض المتوسط سبق لرهبان الأقباط أن كرزوا فيها بالإنجيل.

على أن يتعهد الأسقف الجديد قبل رسامته على أن لا يضع يده على أحد بدون علم قداسة البابا وموافقته.

7- أرى تعيين كاهن قبطي بدرجة إيغومينوس ، ويرقى فيما بعد إلى درجة خوربيسكوبوس ليكون بمثابة قاصد رسولي في فرنسا ، وتكون مهمته ربط ووصل ما بين الكنيسة الأرثوذكسية في فرنسا ، وكنيستنا الأم في مصر ، على أن يقدم دائما تقارير موسمية عن الخدمة في فرنسا.

ولقد طالب قداسته بتعيين مسئول يتسلمان عنه الطقس القبطي لفظا ومعنى ،رسما ومغزى ، مع شيء من اللحن القبطي لممارسته تدريجيا في فرنسا.

طلب مشاركة الأنبا غريغورويوس في رسامة الأسقفين الفرنسيين :

في يوم الخميس 23 مايو 1974 ، طلب قداسة البابا شنودة الثالث من الأنبا غريغوريوس أن يقابله ، وحضر المقابلة المستشار أنطون اسطفان باسيلي ، وطلب منه أن يشترك معه في رسامة الأسقفين يوم السبت 25 مايو 1974 ، وعندما أخبره أنه مرتبط بخدمة في كنيسة مارجرجس الجيوشي في نفس اليوم ، طلب منه أن يعتذر للكنيسة عن هذه الخدمة .

قداس الرسامة يوم السبت 25 مايو 1974 :

وفي يوم السبت 25 مايو 1974 ، تمت رسامة الراهبين شماسين ثم قسيسين ، وتسمى الأول بأسم "مرقس " والثاني باسم " اثناسيوس ".

رسامتههما أسقفين بتاريخ 1 يونية 1974 :

وفي يوم السبت 1 يونية 1974 ، كانت عشية الرسامة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية ، حيث أحضر قداسة البابا شنودة طقس الرسامة المرسل إليه من البطريرك مار أغناطيوس يعقوب في الكنيسة

السريانية الأرثوذكسية ، وبعد العشية ، القي قداسة البابا شنودة الثالث كلمة شرح فيها طقس الرسامة ، وجعل الأبوين يسيران في موكب وسط الشعب ويتقدمهم الخورس بالألحان ويتقدم

الموكب كله شماسان يحملان شمعدانيين كبيرين بشمعتين كبيرتين ، ....وبعد ذلك رجعا وتلا كل منهما تعهدا مكتوبا باللغة الفرنسية ، وقبل التلاوة لكل منهما قرأه رئيس الشمامسة باللغة العربية.

.... وبعد أن تليا التعهد صنعا مطانية مطانية أمام قداسة البابا ومطانية أخرى أمام الشعب ، وتلا قداسته الرشم الأول على البرنس الخاص بهما ، وتلا الرشم الثاني بقية الأساقفة الحاضرين بحسب ترتيب أقدمية رسامتهم .... وأخيرا تلا قداسة البابا الرشم الثالث ، ثم تم إلباسهما البرنسيين ، وأخيرا ختمت الصلوات كالمعتاد.

قداس الرسامة يوم الأحد 2 يونيه 1974 :

وفي تمام الساعة الثامنة صباحا ، نزل الموكب إلي الكاتدرائية ، وتمت رسامة الأنبا مرقس أسقفا على مرسليا وتولوز ، أما ا لثاني فتمت ؤسامته خور أسقف على باريس وتوابعها.

ثم خرج قداسة البابا من الهيكل وشرح الطقس للشعب ، ثم دخل الهيكل وشرح طقس الرسامة للأسقفين.

بعض المعلومات الأضافية عن نيافة الأنبا مرقس :

والجدير بالذكر أن الأنبا مرقس ولد في 20 اغسطس 1923 ( وهو بالمناسبة هولندي الأصل ) أسمه في شهادة الميلاد "بلوم نيكوفال " وأسمه في الأسقفية الخاصة بالجماعة الأرثوذكسية بفرنسا " الأسقف جوانس ماريا " رسم راهبا بدير القديس العظيم الأنبا بيشوي باسم " الراهب القس مرقس الأنبا بيشوي " ، رسم أسقفا في 2 يونيو 1947 ، رقي إلى درجة المطرانية في 19 يونيو 1994 ، وتنيح صباح يوم الأحد 11 مايو 2008 عن عمر يناهز 85 عاما.

وصل جثمانه إلى مصر يوم 22 مايو 2008 ، وقام بالصلاة على روحه الطاهرة قداسة البابا شنودة الثالث ، ومعه 28 أب من الآباء الاساقفة ، وذلك ظهر يوم الجمعة 12 مايو بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

وحسب وصيته دفن جثمانه بدير القديس العظيم الأنبا بيشوي ، وقام نيافة الحبر الجليل الأنبا ابرآم مطران الفيوم بالإشراف على تنفيذ هذا الأمر.

بعض المعلومات الأضافية عن نيافة الأنبا أثناسيوس :

ولد في 8 مايو 1933 (هو هولندي الأصل أيضا ) ، أسمه في شهادة الميلاد "شارل برنارد " عمل مساعدا للاسقف جوانس ماريا ( المتنيح الأنبا مرقس مطران مرسيليا فيما بعد ) باسم " المونسينيور إيجينوس ".

أنضم للكنيسة القبطية مع زميله نيافة الانبا مرقس ، رسم خوري إبسكوبوس بعد رهبنته بشهر واحد لمساعدة الأنبا مرقس أسقف طولون ومرسيليا.

تمت رسامته أسقف عام بفرنسا عام 1994 ، تم تجليسه أسقفا على إيبارشتنا لفرنسا عام 2013 ، وكان تجليسه بيد قداسة البابا تواضروس الثاني ، تمت ترقيته إلى رتبة مطران يومي 27 و28 فبراير 2016 مع خمسة من الآباء المطارنة.

تنيح عام 2023 عن عمر يناهز 90 عاما ، وأقيمت الصلوات على جثمانه الطاهر في 30 اكتوبر 2023 ، وذلك بكنيسة القديسين البابا أثناسيوس الرسولي والبابا كيرلس السادس للاقباط الفرنسيين بباريس ، بحضور أربعة من الآباء الأساقفة.

وبعدها أرسل الجثمان إلى مصر ، وتمت الصلاة عليه صباح يوم الاربعاء 1 نوفمبر 2023 بالكنيسة البطرسية بالعباسية برئاسة قداسة البابا تواضروس ا لثاني ، وحضور 27 من أحبار الكنيسة ، وبناء على وصيته ، تم دفنه بدير القديس العظيم الأنبا بيشوي.

بعض الذكريات الشخصية لكاتب هذه السطور :

كان الأسقفين المبجلين يكنان محبة خاصة لكنيسة العذراء بالزيتون ( ورد في بعض المراجع أن ظهور السيدة العذراء فوق قباب كنيسة الزيتون هو السبب في حبهم للكنيسة القبطية ، وطلب الإنضمام لها ).

ولما كنت من سكان الزيتون ومن أبناء هذه الكنيسة المباركة ، أذكر أنه في يوم أحد ، وأثناء إنصراف الشعب من الكنيسة بعد انتهاء القداس الأول ، كان هما داخلين إلى الكنيسة

بصحبة المتنيح القمص بطرس جيد (1918- 1996 ) راعي الكنيسة ( كلف قدسه بتسليم طقس الكنيسة القبطية للأساقفة الفرنسيين ، وساعده في تلك المهمة مسيو "ملاك ميخائيل " المتنيح القس"

أنجيليوس ميخائيل" كاهن كنيسة السيدة العذراء بالزيتون فيما بعد الذي كان يقوم بالترجمة حيث كان يعمل مدرسا للغة الفرنسية ) ، وكان أبونا ينبه على كل الحاضرين " وسعوا لهم من فضلكم ".

حيث قاما بخدمة القداس الثاني ، تمكنت من السلام عليهم وتقبيل أيديهما ، حيث تصادف خروجي في نفس لحظة دخولهما الكنيسة.

وكانت المرحومة والدتي حاضرة هذا القداس ، وعند عودتها كانت فرحة وهي تقول لنا " جبت لكم لقمة بركة من أساقفتنا بفرنسا ".

وروت لنا انهما أثناء العظة أشادا كثيرا بعظمة الكنيسة القبطية ، وببركة كنيسة العذراء بالزيتون ، ولقد صليا القداس الإلهي بالكامل باللغة الفرنسية ( كانت والدتي تعرف اللغة الفرنسية حيث أنها كانت خريجة مدراسة الراعي الصالح Bon Pasteur بشبرا ).

ما عدا صلوات الاعتراف الأخيرة ( أؤمن .... أؤمن ... الخ ) صلاها الأنبا مرقس باللغة القبطية.

وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي أتيحت لي فرصة رؤيتهما والسلام عليهما.

ولكني شاهدتهم مرة أخرى في عظة المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث يوم الأربعاء ، لكني لم أتمكن من السلام عليهما.

المراجع :

1-نيافة الأنبا غريغوريوس : السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس ، الجزء الثاني ، جمعية الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ، المجلد رقم 39 ، الصفحات من ( 261- 278 ).

مشروع الكنوز القبطية Coptic Treasures .

2-موقع ا لأنبا تكلا هيمانوت St-Takla .org.

3-بعض الذكريات الشخصية لكاتب هذه السطور .

ماجد كامل - أقباط متحدون
24 مايو 2025 |