فى فيلم مستر كاراتيه (1993)، إخراج محمد خان، تأليف رؤوف توفيق، وردت جملة مؤلمة على لسان الأرملة العجوز (زوزو نبيل) تزفر أنفاسها بألم ووجع: مش عايزة المعاش ده.. يغور.. مش عايزة أموت فى الشارع وأتبهدل، لتعبر

بهذه الكلمات المدببة عن رحلتها الفاشلة للحصول على حقها فى معاش زوجها الراحل الذى خدم الحكومة 37 عامًا. فيقرر السايس الشاب (أحمد زكى) مساعدتها، ويصطحبها إلى مدير المصلحة وأمامه تفصح الأرملة العجوز عن سبب
توقف المعاش: أنا جيت المصلحة 6 مرات وكل مرة يقولوا لى مينفعش نصرف لك المعاش.. ليه؟! لازم تثبتى إنك عايشة، طيب ما أنا أهو.. لا.. لازم شهادة من اتنين موظفين متقلش مرتباتهم عن 40 جنيه ومختومة بختم النسر إنك لسه عايشة!!
هذا المشهد من فيلم مستر كاراتيه يتكرر بحذافيره على شاشة المجتمع الذى انفطر قلبه من مأساة الكبير سنًا ومقامًا الفنان عبدالرحمن أبوزهرة، إذ فجأة طالته شائعات الموت، فقطعوا عنه المعاش، فتدخل الرئيس السيسى بحنو بالغ ليرد للفنان اعتباره فى لفتة إنسانية راقية.
بقدر ما أغبطنى اهتمام الرئيس بحالة القدير أبوزهرة، أحزننى ما سطره أستاذنا الكبير محمد العزبى عن معاشه الذى كان قد توقف صرفه إذ فجأة، ودون إخطار، بعد أن ظنت التأمينات أنه غادرنا إلى الدار الآخرة، باعتبارها تملك تواريخ الآجال، وموظفيها
يملكون علم الساعة، ويحكمهم قانون قراقوشى، نسبة إلى قراقوش، مؤداه من يبلغ التسعين ولم يُبلغ التأمينات يُحسب فى عداد الأموات، إلا أن يذهب بنفسه لإثبات أنه لايزال على قيد الحياة، أو يطلب لجنة لإثبات أنه حى يُرزق، تتحقق من كونه على قيد الحياة.
المأساة يكتبها الكبير محمد العزبى ربنا يطول فى عمره ويمنحه سعادة لا يعكرها موظف تأمينات متخصص فى قطع المعاشات وأسباب الحياة.
يقول العزبى: يا بختك يا أبوزهرة. عندما توقف معاشى دون إخطار لم أعرف السبب، وبعد مجهود كبير عرفت أنى توفيت إلى رحمة الله تعالى وأنا لسه مش عارف من وجهة نظر التأمينات المكشوف عنها الحجاب... وسألت من حولى هو أنا لسه عايش؟!.. ماذا أفعل؟؟
انتهى أصدقائى إلى أن كل من وصل التسعين عليه أن يثبت أنه مازال على قيد الحياة.. أو توفر الدولة معاشه الذى يعتمد عليه فى أكله وشربه ودوائه وتتوقف حياته بإذن إخوتنا موظفى التأمينات.
وبعد دوخة عرفت أن المتهم بالموت يجب أن يثبت أنه حى.
(طيب أنا مبتحركش ولا أخرج وأتنفس بصعوبة).. لكن لازم أروح بنفسى مكتب التأمينات. رحت ووقعت بيد مرتعشه وأظهرت بطاقتى واطمأنت الحكومه أنى حى يستحق (الحسنة).
صعب علىَّ حالى حتى جاء الدور على الفنان الكبير الشهير عبدالرحمن أبوزهرة، فأصابه ما أصابنى، ولكن عندما نشر ابنه الخبر تحركت الحكومة واعترفت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بقطع المعاش بسبب مشكلة تقنية، وأنه تم تداركها فورًا وتم إعادة صرف المعاش له، وهو ما لم يحدث معى ومع كثيرين.
انتهى كلام عمى محمد العزبى، ولكن القضية لم تغلق على اتصال الرئيس بأبوزهرة، هناك عشرات الآلاف من هم فوق التسعين يعانون عذابات بيروقراطية بلا قلب، مفرطة فى القسوة، لا تفرق بين مسن قادر ومسن يعانى، بالمناسبة ليس كل مسن يعانى من الأمراض المصاحبة للشيخوخة، بينما كل من يعانى من الأمراض المصاحبة للشيخوخة هو مسن.