لم تنتظر سما أن ترى بدلتها الأنيقة مرّة ثانية، كانت قد اشترتها من أيام فقط، وعلّقتها على مرآة غرفتها، وقالت لأبيها إن يوم مناقشة مشروع التخرج سيكون بمثابة يوم عرسها. لم تكن تعلم أن القدر سيخبئ لها مسرحًا آخر للعرض: حفرة غاز مهملة، عند مدخل مدينة 6 أكتوبر، تنفجر تحت قدميها، فتغمر جسدها النحيل باللهب.

تفاصيل وفاة سما عادل طالبة طب الأسنان في انفجار خط الغاز بطريق الواحات
سما عادل، طالبة السنة النهائية في كلية طب الأسنان، لم تصمد أمام الحروق التي التهمت 45% من جسدها، قاومت لمدة 13 يومًا داخل وحدة العناية المركزة، غائبة عن الوعي، لا تنطق، لا تتحرك، موصولة بأنابيب الحياة، قبل أن تفارقها نهائيًا. مساء اليوم الثلاثاء، أعلنت العائلة النبأ القاسي: نسألكم الدعاء أن يتقبلها الله من الشهداء، ليترفع عدد ضحايا انفجار خط غاز الواحات لـ8.
أمام وحدة الحروق في مستشفى أهل مصر بالتجمع الأول، جلس والدها، الدكتور عادل أمين، الطبيب الذي اعتاد مداوة الناس.. لا كلام يقال في حضرة الاحتراق.. ابنته فلذة كبدع، رفيقة عمره، ذهبت فجأة، لا بمرض ولا بسهو، بل تحت ركام من الإهمال، على حدّ وصفه.
من هي سما عادل التي توفيت في حادث خط الغاز بطريق الواحات؟
في تمام الـ 5 مساء الأربعاء الماضي 30 إبريل الماضي، كانت سما تعود من جامعتها ككل يوم، عبر طريق الواحات.. اتصلت بوالدها تطمئنه أنها اقتربت من المنزل، دقائق بعد المكالمة، دخل البيت صراخ الأم من غرفة مجاورة: سما بتولّع!.
لم يكن الصوت التالي على الهاتف صوت ابنته، بل صوت رجل غريب أبلغ العائلة بأن الفتاة أُصيبت في انفجار، وحالتها خطرة.. اندفع الأب إلى الموقع، ليجد سما تحاول النهوض رغم النيران التي التهمت أطرافها، كما وصف. شلتها على إيدي، كنت حاسس إن الجلد بيسيح، بس كنت عايز ألحقها.

نُقلت إلى مستشفى خاص، ثم إلى مركز متخصص في الحروق، خضعت لعمليات جراحية عدة، لكن الجسد النحيل لم يحتمل.
سما، بحسب والدها، كانت طفلة مقاتلة.. تعرضت قبل أعوام لإصابة في يدها نتيجة حادث سيارة، لكنها لم تغب عن امتحان واحد. كانت دايمًا تقولي: أنا مش هستسلم، ولازم أطلع من الجامعة دي وأنا الأولى. وكان مشروع تخرجها آخر معركة تخوضها... لكنها لم تنهها.
يحمّل الأب 3 جهات مسؤولية ما جرى: وزارة الإسكان (من خلال جهاز مدينة 6 أكتوبر)، وزارة البترول (عبر شركة ناتجاس)، وشركة المقاولات التي كانت تحفر في محيط الطريق. في روايته، فإن القصة ليست انفجارًا عشوائيًا، بل جريمة معلنة.
قبل الحادث بساعات، السكان شافوا شمّوا ريحة غاز وأبلغوا، محدّش تحرك، دا خط ضغط 7 بار! مش تسريب بسيط. يواصل بصوت مشبع بالغضب: بيان مجلس الوزراء قال إن المقاول حفر من غير ما ينسّق مع شركة الغاز.. طيب فين الإشراف؟ فين خريطة المرافق؟!.
يؤكد أن المسؤولية تضامنية بين كل الأطراف، ويتّهمهم بالإهمال الذي تسبب في كارثة. وتابع: أنا بختصمهم كلّهم.. شركة الغاز، الجهاز، والمقاول.. ورافض أي تفاوض، ولا فلوس الدنيا تعوّضني ضُفر بنتي.

موعد جنازة سما عادل طالبة طب الأسنان المتوفاة بسبب انفجار الواحات
وزارة البترول من جهتها أصدرت بيانًا رسميًا قالت فيه إن السبب هو حفر غير منسق من قبل مقاول. أكدت فيه أن فرق الطوارئ عزلت الشبكة فورًا، وسيطرت على الحريق، مع تعازيها لأسر الضحايا. بيان بدا في نظر عائلة سما وكأنه منشور بيروقراطي بارد.
غدًا تشييع جثمان سما من مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر بعد صلاة الظهر، بدلتها البيضاء التي كانت لليوم الجامعي، قد تُطوى في كفن.