القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

القراءة الرشيدة لقانون «الفتوى الشرعية» .. بقلم حمدى رزق

بقلم حمدى رزق

بالتوافق تم التوافق على قانون تنظيم الفتوى الشرعية، لم تستغرق الموافقة فى مجلس النواب قدر ساعة، وتم رفع القانون للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى لإصداره لاحقًا، وسط مباركات وتبريكات وتبويس اللحى..

القراءة الرشيدة لقانون «الفتوى الشرعية» .. بقلم حمدى رزق

الموافقة البرلمانية لا تمنع من قراءة نقدية للقانون من واقع معيش، قراءة حرة قبل إصدار القانون رئاسيًا الذى سيحكم المجال الدينى العام، بغية تنظيم الفتوى، وتنقيتها من الباطل والشاذ، والمهجور، والمطمور من الفتوى، وهذا من بين حيثيات صدور هذا القانون الذى سيحمل رقمًا لاحقًا.

الحاكم فى هذه القراءة الحرة، حكمة تقول أن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى أبدًا، وليعتبر سدنة القانون هذه القراءة من قبيل الخير المتأخر.

واحتراز وجوبى، لا تضمر شيئًا لأزهرنا الشريف (منارتنا العالمية) ولا لشيخنا الجليل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، ومحبتنا سبيلنا فى هذه القراءة التى ينطبق عليها المنطوق القرآنى من استطاع إليه سبيلًا، تنقيحًا وتجويدًا وجرحًا وتعديلًا، وهذا من العلوم الشرعية المعترف بها أزهريًا..

ينص الدستور فى مادته الأولى على أن جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شىء منها، نظامها جمهورى ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون، ويؤكد تلك السيادة فى مادته رقم (94) التى تنص على أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة.

وأعظم خصائص القانون البدهية، والتى هى علامة عدالته وإنصافه خضوعه للقواعد العامة المجرّدة

والقاعدة العامة تخاطب عموم الشعب فى أفراده أو فى فئاته الحياتية كالأطباء أو المهندسين أو الموظفين أو العمال، وليس فى فئاته الدينية ونحوها، كما ينص الدستور على: المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس... (مادة: 53).

والقاعدة المجرّدة تعالج الموضوعات ذات الشأن فى المعاملات، كالمسائل المالية والاجتماعية والسياسية، وليس فى المسائل العقدية الشخصانية.

وكما ينص الدستور على أن حرية الاعتقاد مطلقة (مادة: 64)، كما أن تجريد القاعدة القانونية يعنى معالجتها لفنيّة الموضوع وليس لشخصنته، كوضع قواعد ممارسة مهنة الطب أو الخطابة الدينية فنيًا، وليس بتسمية أشخاص أو لجان بعينها تقوم بهذا أو ذاك.

هذا ما يتعلمه طلاب كليات الحقوق، ويقوم على تدريسه أساتذة عظماء، ويعرفه كل المنشغلين بالشأن العام من عموم الشعب، أن القانون هو قواعد عامة مجرّدة؛ لضمان إقامة العدالة ومنع التمييز بين المتكافئين بغير معايير موضوعية.

والعجيب أن مشروع قانون تنظيم الفتوى الشرعية الذى عبر مجلس النواب إلى الرئاسة، قد ضرب الطبيعة القانونية فى مقتل، فضلًا عن انقلابه على العديد من مواد الدستور، ونصوص القرآن والسنة، ناهيك عن فتحه أبواب الفتن المجتمعية العديدة، وإشغاله القضاء بغير طائل، ونوضح ذلك تفصيلًا، ونرجو ألا نثقل على المعنيين بالفتوى الحادبين على تنقية المجال العام من الفتاوى الشاذة والباطلة وما فى حكمها.

أولًا: ما يخص الطبيعة القانونية للقانون الذى نحن بصدده، تقوم الطبيعة القانونية على القواعد العامة المجرّدة؛ لضمان نزاهة العدالة، ومشروع قانون الفتوى الشرعية قد انقلب على تلك الطبيعة فيما يأتى:

■ جعل تنظيم الفتوى الشرعية فى مادتيه الثالثة والرابعة أن تصدر من أعضاء معينين بأسمائهم فى هيئة معينة، ودار معينة، ولجنة أوقاف معينة، وهذه هى الشخصانية التى تتعارض مع طبيعة القانون المجردة، وكان

على القانون حتى ينأى بنفسه عن الشبهة أن يضع ضوابط الفتوى الشرعية فنيًا، كأن تستند إلى دليل شرعى، وأن تحقق مصلحة معتبرة، وألا تخالف الدستور أو القانون، وأن يكون صاحبها مؤهلًا بدراسات شرعية معينة.

■ عجز القانون عن تفسير الفتوى الشرعية، فكيف يصدر قانون لأمر مجهول، حيث تنص مادته الثانية على أن الفتوى الشرعية: إبداء الحكم الشرعى فى فتوى شرعية عامة أو خاصة، فهنا كما يقال فى المثل

العربى: فسّر الماء بالماء، الفتوى الشرعية هى الحكم الشرعى، عجيب هذا التفسير، والحقيقة أنه بالرجوع إلى كتب علم أصول الفقه الذى يُدرّس بالأزهر على طلاب الفرقة الأولى بكليات الشريعة تبيّن

أن الحكم الشرعى يختلف عن الحكم الفقهى المسمى بالفتوى، فالحكم الشرعى هو: خطاب الله الثابت فى النصوص الشرعية المقدسة؛ بخلاف الحكم الفقهى أو الفتوى فإنها أثر خطاب الله فى عقل الفقيه وفهمه،

بمعنى أن ما يفهمه الفقيه من خطاب الله يكون حكمًا فقهيًا، وهذا الفهم متعدد بتعدد الفقهاء المختلفين فى طرق الاستنباط ومناهجه، مثل اختلاف أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد، كما أنه متغير

بتغيير الفقيه منهج استنباطه، كما غيّر الإمام الشافعى فتاواه العراقية بعد دخوله مصر سنة 199 هجرية، وإذا كان طلاب الأزهر يدرسون الفرق بين الحكم الشرعى والحكم الفقهى على مدار سنة دراسية، فكيف

يقع المشروع فى تلك الهوة العلمية، ويجعل الفتوى الفقهية التى تخطئ وتصيب بأحادية معناها ودلالتها هى الحكم الشرعى المقدس المعصوم بتعدد دلالاته ومعانيه.. هذه المؤاخذات ألا تتفق مع الطبيعة القانونية الأمينة.

■ عجز القانون عن تفسير الفتوى الشرعية العامة بما يلتبس الأمر عند القضاء، ولا يتفق مع الطبيعة القانونية الجامعة المانعة، فتنص مادته الثانية على أن الفتوى الشرعية العامة: إبداء الحكم الشرعى فى شأن عام

متعلق بـ(النوازل) التى تؤثر على المجتمع فى مختلف المجالات، فخص الشأن العام بالنوازل، وهى المستجدات، مع أن الشأن العام قد يكون فى غير النوازل، كفتوى اختيار ولى الأمر من الرجال دون النساء، ومن المسلمين دون

غيرهم، ومن آل البيت دون سائر المسلمين، وهكذا، فى الأمور الطبية كزراعة الأعضاء، والموت الدماغى، وغير ذلك، فهل سيحتكم المصريون فى مثل تلك الفتاوى العامة للدستور والقوانين، أم سيحتكمون لفتاوى اللجان الإفتائية؟

■ أدخل الأمور الشخصانية فى ساحات القضاء بالمخالفة للطبيعة القانونية التى تنأى بنفسها عن خصوصيات الأفراد، فتنص مادة المشروع الثانية على أن الفتوى الشرعية الخاصة: إبداء الحكم الشرعى فى شأن خاص متعلق بمسائل الأفراد، فماذا لو قال أحدهم يجوز لك أن تخرج زكاتك للخادمة عندك، فهل تكون هذه فتوى خاصة مجرّمة؟

■ أدخل الإرشاد الدينى- المسموح به لكل أحد- فى الفتوى- المحتكرة لأعضائها- بما يعجز القضاء عن الفصل بينهما، وهذا غير لائق بالطبيعة القانونية المحرّرة، فتنص مادته الثانية على أن الإرشاد الدينى: استخدام الأحكام

والقيم والمفاهيم الدينية والخلقية فى توجيه سلوك المجتمع والأفراد وتوعيتهم بها.... أليس توجيه سلوك المجتمع إلى شىء ما هو توجيه لفتوى؟ ماذا لو قال مرشد دينى: أيتها النساء عليكن بالحجاب والنقاب، وتحمّل ضرب

الأزواج، والطاعة لفراش الزوج وإن كنتنّ أمام التّنور أو فى حال إعياء، وإياكنّ والتّعطر أو وضع مكياج عند الخروج أو مصافحة الرجال، أو تشييع الجنازة، أو الذهاب إلى المقابر يوم العيد، أو الذهاب إلى البلاجات... إلخ،

تلك الإرشادات التى يراها تصب فى قيم المجتمع وتستند إلى ظاهر نصوص شرعية، فهل ذلك من الفتاوى أم من الإرشاد، وبماذا يحكم القاضى؟ هل سيسأل هيئة كبار العلماء فى كل ما يُعرض عليه؟ إنه إن فعل ذلك فقد فقد القانون طبيعته الاستقلالية.

■ إضاعة الحق فى معرفة الفتوى الشرعية الصحيحة بتعدد جهات الفتوى التى ستختلف بحكم استقلالية كل جهة دون رئاسة واحدة، وهذا مخالف للطبيعة القانونية الموحدة، فتنص المادتان الثالثة والرابعة من المشروع على أن

المختص بالفتوى الشرعية العامة: كل من هيئة كبار العلماء، دار الإفتاء المصرية، ويزيد عليهما فى الفتوى الشرعية الخاصة: داخل وزارة الأوقاف لجنة أو أكثر، وتنص مادته الخامسة على أنه فى حال تعارض الفتاوى الشرعية

يرجّح رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، فإذا كان ذلك كذلك فلماذا جعلنا الأمر فى يد القضاء بالقانون؟ أعضاء لجان الإفتاء عندما تختلف يحتكم لهيئة كبار العلماء؟ أمر لا يليق بالطبيعة القانونية والقضائية المستقلة.

المعروف بداهة أن الدستور حاكم على القوانين، فلا شرعية لقانون مخالف لصريح مادة دستورية، وقد وقع قانون تنظيم الفتوى فى مخالفات دستورية عديدة، منها:

■ التغوّل على المسيحيين، فتنص المادة الثانية من المشروع على أن الفتوى العامة: إبداء الحكم الشرعى فى شأن عام متعلق بالنوازل التى تؤثر على المجتمع فى مختلف المجالات، والمعروف أن المجتمع فيه مواطنون

مسيحيون محصّنون بالمادة الثالثة من الدستور التى تنص على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية، فهل

تسرى الفتوى الشرعية العامة على المجتمع المصرى كله، حتى المسيحيين الذين لم يتم استثناؤهم فى مشروع القانون؟ ولو تم ذلك فإن مشروع القانون سيكون طائفيًا غير دستورى، ويفتح الباب لكل طائفة أن تجعل لها قانونًا للفتوى.

■ التغول على سيادة القانون المدنى بسيادة الفتوى الشرعية، فمشروع القانون يجعل للفتوى الشرعية سيادة على الجميع؛ لأنها موصوفة بالشرعية، بخلاف القانون الموصوف بأنه وضعى أو مدنى؛ وذلك

بالمخالفة للدستور الذى ينص فى مادته الرابعة والتسعين على أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة، فالقانون المتيح للوصية للوارث يبطل بفتوى منع الوصية للوارث، والقانون الذى لا يعتد بالطلاق

الشفوى يبطل بفتوى وقوع الطلاق الشفوى، والدستور الذى يجعل حرية العقيدة مطلقة وحرية التعبير مكفولة يبطل بفتوى تجريم ذلك.. وهكذا تصير الفتوى الشرعية هى الحاكمة على الدستور وعلى القوانين المدنية.

■ اتخاذ العقوبات السالبة للحرية فى جرائم النشر، حيث تنص مادة المشروع الثامنة على أنه يعاقب كل من يخالف حكم المادتين (3) و(7) من هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه...، وذلك بالمخالفة للدستور الذى ينص فى مادته رقم (71) على أنه لا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية....

■ يمس القانون المتعلق بالفتوى الشرعية مبدأ تكافؤ الفرص الثابت بالدستور بين أصحاب الفضيلة الحاصلين على درجات علمية واحدة من جامعة الأزهر وما فى حكمها، وذلك باصطفاء مشروع القانون

أعضاء لجان معينة بأسمائهم ليكون لهم حق إصدار الفتوى على زملائهم وغيرهم فى مادتيه الثالثة والرابعة، وذلك بالمخالفة الصريحة لنصوص الدستور، حيث تنص مادته الرابعة على أن السيادة للشعب

وحده... ويصون وحدته الوطنية التى تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، كما تنص مادته التاسعة على أن تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز.

■ يمس مشروع القانون المتعلق بالفتوى الشرعية العامة والخاصة حقًا مكفولًا بالدستور فى الحريات، حيث ينص الدستور فى مادته رقم (64) على أن حرية العقيدة مطلقة، وينص فى مادته رقم (65) على أن حرية الفكر والرأى مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر.

■ التعارض مع القانون 118 لسنة 1976م بشأن نظام الطرق الصوفية لعدد 76 طريقة منصوصًا على أسمائها، حيث تنص مادته رقم (28) على أن يكون لكل طريقة من الطرق الصوفية شيخ، وشيخ الطريقة هو الرئيس الروحى والإدارى لها، فهل يستثنى

قانون تنظيم الفتوى من كان منتميًا لإحدى الطرق الصوفية ومشايخها، أم تسرى فتاوى اللجان العامة والخاصة على شيوخ الطرق الصوفية؟ ومن سيفصل فى هذا النزاع القانونى؟ (ملاحظة: القانون حظى بمباركة صوفية لافتة تحت قبة مجلس النواب).

ثالثًا: مخالفة عموم أدلة الكتاب والسُّنة

يخالف قانون تنظيم الفتوى الشرعية النصوص العامة فى القرآن والسُّنة التى تجعل الدين اختيارًا، وفقهه حقًا للجميع، وتنهى عن الإكراه فى الدين وفقهه، ومن ذلك قوله تعالى: لا إكراه فى الدين (البقرة: 256)، وقوله تعالى: وقل الحق من

ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (الكهف: 29)، وقوله تعالى: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (التوبة: 122)، وقال تعالى: وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه (الإسراء: 13).

وقوله صلى الله عليه وسلم لوابصة بن معبد: البر ما اطمأنت إليه النفس، واستراح إليه القلب، والإثم ما حاك فى النفس وتردد فى الصدر، وكرهت أن يطلع عليه الناس، يا وابصة استفتِ

نفسك، استفت قلبك، وإن أفتاك الناس وأفتوك (أخرجه أحمد بإسناد حسن)، وقال صلى الله عليه وسلم لأبى ثعلبة الخشنى: البر ما سكنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن

إليه النفس، ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون (أخرجه أحمد بإسناد حسن)، وأخرج الشيخان من حديث معاوية أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: من يرد الله به خيرًا يفقهه فى الدين.

فكل تلك النصوص المقدسة- وغيرها كثير فى كتاب الله وسنّة رسوله، صلى الله عليه وسلم- تدعو إلى تفقيه الناس وتمكينهم من أن يستفتوا قلوبهم، كما قال تعالى: والذين يُمسّكون

بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين (الأعراف: 170)، حتى لا يكون أحد إمّعة لشيخ أو غيره، فلن يغنى أحد عن أحد من الله شيئًا، كما قال تعالى: يوم لا تملك نفس لنفس

شيئًا والأمر يومئذ لله (الانفطار: 19)، ولن ينفع أحد سوى قلبه السليم الذى يلقى الله عليه، كما قال تعالى: يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلّا من أتى الله بقلب سليم (الشعراء: 88- 89).

رابعًا: فتح أبواب الفتن المجتمعية

إن قانون تنظيم الفتوى الشرعية أخشى ذريعة لفتح أبواب الفتن المجتمعية التى لا قبل لنا بها، ومن ذلك:

■ دفع بعض أصحاب الفضيلة إلى طرق خلفية سعيًا إلى الانضمام إلى إحدى لجان الإفتاء الرسمية تفتح له باب رزق فى الإعلام، وأخشى نشر اليأس والإحباط عند عموم أساتذة الأزهر وأئمة المساجد أن تكون لهم فرصة للظهور الإعلامى.

■ التّربص والمكايدة بالإبلاغ عن المغضوب عليه إن تكلم فى فقه الدين بما عليه أئمة الفقهاء المعروفين، والرّدة إلى محاكم التفتيش فى العصور الوسطى، وما كان عليه المأمون فى فتنة خلق القرآن، وفتاوى الحاكم بأمر الله الفاطمى.

■ إماتة القلوب، وإنامة العقول بقانون ولاية الإفتاء الذى هو الوجه الثانى لولاية الفقيه الشيعية، والعودة لجاهلية مقولة: ارميها فى رقبة عالم واطلع سالم.

■ الحجر على الراشدين فى دينهم، فلم يعد لراشد ولو كان أستاذًا متخصصًا فى الأزهر أن يتكلم فى تخصصه الفقهى ما لم يحظ بعضوية اللجان الإفتائية.

■ سيفتح مشروع القانون أبواب السجن لكثير من شيوخنا الأجلاء باسم الفتوى بغير ترخيص، وسيكون مكانهم فى السجن مع القتلة وسارقى الأموال.

خامسًا: إشغال القضاء بغير طائل

عفوًا، نستميحكم عذرًا، سيفتح قانون تنظيم الفتوى أبواب التقاضى واسعًا بما يكون عبئًا ثقيلًا على كاهل القضاء، ونحن فى غنى عن ذلك، فقد عاشت مصر 1400 سنة بدون ولاية الإفتاء فى ظل التعددية السمحة وقبول الآخر،

فلماذا نضيّق واسعًا، باسم فوضى الفتاوى التى نجح الشعب فى التعامل معها، وإلزام صاحب الفتوى غير الحضارية بالصمت عنها. الشعب قادر على أن يتصالح مع نفسه، فلا تدخلوه فى خصومة مع نفسه أمام القضاء، ألا قد بلغت اللهم فاشهد.

حمدى رزق - المصرى اليوم
13 مايو 2025 |