القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

«كنت بكلمه لسة من شوية».. ضحية حريق مطعم مصر الجديدة يُتوفَّى بعد مكالمة مع أخيه

صرّحت نيابة النزهة في القاهرة بدفن جثمان عامل لقي مصرعه في حريق اندلع داخل مطعم مأكولات شهير يقع في الطابق الأرضي لعقار سكني مكوّن من 5 طوابق بميدان تريومف في مصر الجديدة.

«كنت بكلمه لسة من شوية».. ضحية حريق مطعم مصر الجديدة يُتوفَّى بعد مكالمة مع أخيه

تفاصيل حريق مطعم النزهة بـ مصر الجديدة في القاهرة

النيابة أمرت بانتقال فريق من المعمل الجنائي لرفع آثار الحريق وتحديد أسبابه، وطلبت تحريات أجهزة الأمن، كما باشرت الاستماع إلى أقوال عدد من السكان والمصابين، وطلبت تفريغ كاميرات المراقبة إن وجدت.

ما حصل ليل الأحد لم يكن حادثًا عابرًا، بل كان مشهدًا مأساويًا في قلب حيّ سكني نابض بالحركة.. ألسنة اللهب اخترقت واجهة المبنى، والدخان غطّى ميدان تريومف كأنّ انفجارًا وقع، دقائق قليلة كانت كافية لتتحول واجهة العقار إلى كتلة سوداء، تنبعث منها رائحة الغاز المحترق، والزجاج المتهشم، والصراخ المذعور.

كان «أحمد» يجلس في منزله ينتظر مكالمة من شقيقه الأصغر «يوسف»، العامل في المطعم المحترق، إذ تأخر الاتصال.. الهاتف رنّ أخيرًا، لكن الصوت القادم من الطرف الآخر كان مفزعًا: «الحقني يا أحمد، في حريقة والمطعم بيولع!».

ركض «أحمد» إلى الشارع، يلهث، يصرخ باسم شقيقه: «يوسف! يا يوسف!».. حين وصل، كان رجال الإطفاء يطوّقون المكان، والسكان متجمهرين. قال أحدهم: «النار كانت طالعة من جوّة.. صعب حد يدخل، كأنها مسكِت في قلب المكان».

وعلى الرصيف المقابل، انهار «أحمد»، عاقدًا كفيه فوق رأسه، وقد تبدلت ملامحه إلى جدار من الذهول.

شهادات الجيران في حريق مطعم ميدان تريومف

الساعة كانت تقترب من الحادية عشرة ليلًا حين دوّى أول صوت: «في حريقة جوّة المطعم!»، بحسب رواية أحد السكان، الذي أضاف: «كنت بنام، لقيت خبط على الباب، وناس بتصرّخ، النار كانت طالعة من تحت، والسلم كله دخان».

المطعم الذي تعوّد أهل المنطقة وغيرهم أن يملأ رائحته المكان تحوّل إلى قبرٍ من نار.. النيران امتدت من المطبخ إلى الطوابق العلوية، وصولًا إلى الشقق السكنية، ما أجبر السكان على القفز من النوافذ أو الهروب حفاة في الشارع.

سيدة في السبعين من عمرها، خرجت من الطابق الثالث بمساعدة أحد الشبان، كانت تبكي وتقول: «العامل اللي جوّة ده كان دايمًا بيضحكلي.. كان قلبه طيب».

على باب المشرحة، جلس أحمد شقيق المتوفى، وقد أُطفئت نظراته، يتمتم بكلمات متقطعة: «كلّمته قبلها بساعتين، قالّي: وحشتني.. دي كانت آخر مرة أسمع فيها صوته».

التحقيقات في حريق مطعم بمنطقة مصر الجديدة

في اليوم التالي، تحوّل شارع عثمان بن عفّان إلى موقع تفتيش وتحقيق.. لجنة هندسية حضرت لمعاينة العقار، فيما طوّق الشريط الأحمر محيط المبنى، المحال المجاورة أغلقتها الشرطة، وبعضها غمرته المياه التي استُخدمت في الإطفاء.

رجل خمسيني وقف أمام محله المحترق، يقلب في البضاعة المتفحمة: «كنت لسه مِجدّد المحل من أسبوع.. راح كل تعبي في لحظة». أما جاره في الطابق الثاني فقال: «العمارة دي قديمة، والمطعم واخد أكتر من طاقته.. كنا بنشتكي من الكهربا كتير».

التحقيقات الأولية لم تحسم بعد السبب الدقيق للحريق، لكنّ مصادر في الحماية المدنية ترجّح أن يكون تسرب غاز داخل المطبخ، أو ماسا كهربائيا في التوصيلات.

رجال الإطفاء الذين شاركوا في إخماد الحريق بدوا منهكين، أحدهم جلس على السلالم، ينفض الرماد عن بدلته، وقال لزميله: «الولد اللي مات.. حاولنا نطلّعه، بس الحرارة كانت نار جهنم».

المصرى اليوم
12 مايو 2025 |