فلنحاول تعلم الكرم والإيثار، فنحن نولد أنانيين، يحتاج الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى مراجعة دبلوماسية على دروس الرئيس الروسى فلاديمير بوتين المجانية فى مناسبة يوم الاستقلال يوم روسيا. درس

بوتين الذى يتجاهله ترامب، فن التعامل مع ضيوفه من القادة (الملوك والرؤساء)، بوتين يحسن وفادَتَهم، ويكرمهم، وينزلهم منازلهم، ولا يقول لهم (أُفٍّ) ولا ينهرهم، كما يفعل ترامب مع ضيوفه فى البيت الأبيض.
الفيديوهات والصور التى تنقل من الكرملين فى مناسبة يوم روسيا مذهلة فى فخامتها، بقدر تواضع الرئيس بوتين، ولكل ضيف مكرمته الخاصة التى تؤشر على علاقة صداقة عميقة، بوتين يرسم نفسه وبلده الصديق الوفى للأصدقاء. راجع حفاوة الرئيس بوتين بالرئيس السيسى (وهذا ما يسعد قلوبنا) نموذج ومثال حى على التقدير والاحترام الذى يليق بقائد دولة صديق، لها مكانتها العالمية.
عكس هذا، وأضل، الصور المنقولة من المكتب البيضاوى، تؤشر على انتفاخ سياسى، يعبر عنه بغرور قبيح، وكبر مكروه، واستئساد مقيت، ودحر معنوى لا يطاق!! ترامب ما أن تسلط عليه العدسات يتحول إلى جلاد،
يجلد ضيوفه بسياط كلماته، يوبّخهم، ويعنفهم، ويعايرهم بالمساعدات والهبات، ويتبع طريقة سقيمة فى الابتزاز السياسى، طريقة مجربة وفشلت، احلبى لأكسر قرنك طريقة مستمدة من تراث الحظيرة السياسية
التى جبلت عليها السياسة الأمريكية. شتان بين رئيس كبير المقام يبدى تواضعًا دبلوماسيًا مهضومًا ومحببًا، بوتين يقود السيارة بنفسه للرؤساء الأعزاء فى صورة حضارية تجتذب العدسات، ورئيس مهووس
بنفسه، (ترامب) يدوس على بنزين سيارته دهسا لمن يقذف به حظه العاثر فى طريقه، سيارة ترامب بلا فرامل دبلوماسية ولا أحد يوقفه بل يشجعونه على المضى قدمًا فى طريق يسحق فيه الهامات ويرقص على الأشلاء.
لا يستويان من يمد يد العون والمساعدة للأصدقاء، معونات روسيا لإفريقيا، شحنات قمح مجانية تقول الكثير، وبين من يمن على العالم بوجوده، ويتخيل نفسه فى خيلاء مبعوث العناية الإلهية، ترامب يتعامل
بسياسة المن والأذى، حسنة وأنا سيدك، يؤذيهم بسلاطة لسانه، ويزعجهم بخيالاته، ويقض جنوبهم بأفكاره اللوذعية التى لا تسندها جغرافية سياسية ولا تاريخ، مفارقة للواقع على الأرض، ومطلوب منهم
التأمين على أضغاث أحلامه. خلفية بوتين الاستخباراتية، وتمرسه سياسيًا فى مدرسة الكرملين العريقة، تلون أدبياته الدبلوماسية، يصح فى دبلوماسيته قول فيلسوف الحزب الجمهورى الأمريكى فريد مالك:
السياسة هى علم الإضافة وليس علم الخصم، وبوتين يضيف لقائمة أصدقاء روسيا كل يوم بلد جديد، والقائد الناجح هو الذى يمزج بين الرضا والقوة، ليس غطرسة القوة التى لا تضيف أصدقاء بل تحشد الخصوم (الأعداء).
بوتين يكسب لروسيا أرضًا مفقودة، يستعيد لروسيا مجدها الغابر أيام الاتحاد السوفيتى، ترامب يستنفد رصيد الولايات المتحدة، وهذا ما تشير به بورصة السياسة العالمية، كل يوم من أيام ترامب فى المائة الأولى من حكمه خسرت واشنطن ما
كسبته من أصدقاء فى عقد أخير. بوتين يرسم ملامح روسيا الجديدة، ترامب يمسح بأستيكة ملامح الولايات المتحدة التى تشكلت عبر عقود طويلة من الممارسات السياسية الرشيدة، قدر ما خسرت واشنطن من أصدقاء، كسبت روسيا أضعافًا من الأصدقاء.