أكد الدكتور عبدالرحيم ريحان، خبير الآثار وعضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن دير سانت كاترين يحظى باهتمام الدولة منذ عودة مدينة سانت كاترين إلى السيادة المصرية في 25 نوفمبر 1979، وفقًا لاتفاقية كامب ديفيد، مشيرًا إلى أن الدير أصبح تحت إشراف هيئة الآثار المصرية، وتم تسجيله كأثر بيزنطي بقرار رقم 85 لسنة 1993.

تصريحات السيسي بشأن احترام التعدد
جاء ذلك بالتزامن مع تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، أعرب فيها عن استيائه من الشائعات التي تزعم وجود إجراءات سلبية تجاه الدير، مؤكدًا أن مصر تحترم التنوع الديني والإنساني وتتخذ خطوات عملية لترسيخ هذا التوجه.
تسجيل الدير ضمن التراث العالمي
وأوضح ريحان أن الدولة بدأت منذ أوائل الثمانينيات في إعداد الدراسات العلمية بالتعاون مع رهبان الدير، لاستيفاء متطلبات تسجيل مدينة سانت كاترين ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي لليونسكو، وهو ما تحقق بالفعل عام 2002. وكان دير سانت كاترين أحد المعايير الأساسية لاعتماد المدينة كتراث عالمي استثنائي، بفضل تاريخه وعمقه الديني والحضاري.
تاريخ بناء الدير وتحول اسمه
وأشار ريحان إلى أن الإمبراطور جستنيان أمر ببناء الدير في القرن السادس الميلادي تخليدًا لذكرى زوجته الإمبراطورة ثيودورا، كما فعل رمسيس الثاني مع معبد أبو سمبل الصغير لزوجته نفرتاري. وقد حمل الدير في البداية اسم
"دير طور سيناء"، ولا يزال ختم مطران الدير يحمل هذا الاسم، حتى تم تغييره إلى "دير سانت كاترين" بعد العثور على رفات القديسة كاترين فوق أحد جبال سيناء الذي سُمّي باسمها، وهو أعلى جبال المنطقة بارتفاع 2642 مترًا.
ترميمات ومقتنيات أثرية
وأكد الدكتور ريحان أن الدير ومواقعه الأثرية يشهدان نهضة أثرية كبرى منذ تسجيله رسميًا، حيث جرى توثيق أكثر من 1043 قطعة من مقتنياته، تشمل أواني كنسية وأيقونات ومخطوطات نادرة وكف القديسة كاترين. وقد ترأس ريحان لجنة تسجيل هذه المقتنيات لعدة سنوات.
كما خضع الدير لأعمال ترميم شاملة عام 1986 شملت الكنائس والمسجد الفاطمي، وتوالت بعدها أعمال ترميم أخرى، منها مشروع يوناني لترميم برج القديس جورج، ومشروع إيطالي لترميم فسيفساء التجلي، التي تعد من أقدم وأجمل الفسيفساء في العالم.
متحف الدير والمكتبة العالمية
وأوضح ريحان أن برج القديس جورج تم تحويله إلى قاعة عرض دائمة تُعرف بـمتحف الدير، تُعرض فيها المقتنيات الفريدة. كما نُظمت معارض خارجية لأيقونات الدير ومخطوطاته في دول مثل اليونان، وروسيا، والولايات المتحدة، وإيطاليا، وإسبانيا.
وأشار إلى أن مكتبة الدير تُعد ثاني أهم مكتبة في العالم بعد مكتبة الفاتيكان من حيث قيمة المخطوطات، وتم ترميم الجزء الشرقي منها، ويجري الآن العمل على ترميم الجزء الغربي ضمن مشروع التجلي الأعظم.
مشروع التجلي الأعظم
ولفت ريحان إلى أن المشروع يتضمن أيضًا ترميم كنيسة القديس إسطفانوس، وتأمين المخطوطات بأنظمة حماية حديثة تشمل أغلفة فولاذية، ونظام إنذار مبكر وإطفاء ذاتي، وكاميرات مراقبة، إلى جانب تطوير وادي الدير وإنشاء مسار نبي الله موسى من وادي الراحة إلى جبل موسى، حيث يقع جبل التجلي في مواجهته.
الموقف القانوني لأراضي الدير
وفيما يتعلق بالدعوى القضائية الخاصة بملكية بعض أراضي الدير، أكد ريحان أن القطع محل النزاع (أرقام 16، 18، 19، 21، 22، 24، 25، 28) تقع جميعها داخل حدود دير سانت كاترين وفقًا لقرار التسجيل المنشور في جريدة الوقائع المصرية بتاريخ 23 سبتمبر 1993، وتخضع للقرار الوزاري رقم 905 لسنة 1997.
كما أوضح أن بقية القطع (أرقام 2، 3، 5، 8، 12، 13، 29) تقع في نطاق منطقة آثار فيران وكاترين، وتخضع لحماية القانون رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته. أما القطعة رقم 27 والخاصة بمنطقة النبي هارون فتقع داخل حرم الدير وفقًا لقرار اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية، وكذلك القطعة رقم 28 الخاصة باستراحة الدير.
حماية قانونية ودولية
واختتم ريحان تصريحه لـفيتو بالتأكيد على أن هذه المواقع تخضع لحماية القانون المصري لحماية الآثار، إضافة إلى الحماية الدولية باعتبارها جزءًا من مدينة مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، ما ينفي تمامًا أي ولاية لمحافظة جنوب سيناء على أراضي الدير.