القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

حِكمة رامي فهيم!! بقلم حمدي رزق

بقلم حمدي رزق

الشعلة التى بداخلك لن يخبو سناها، فستظل ترقص فى سعادة دون توقف..

حِكمة رامي فهيم!! بقلم حمدي رزق

أعلاه سطر من أرق رسالة تلقيتها من النبيلة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة (السابقة) منذ أن تعرفت إليها باكرًا يوم كانت سفيرة نابهة يُشار لها بالبنان.

رسالة الأمس، أو قصة الأمس، بتوقيع ابنها الشاب الجميل رامى فهيم، قصة تستحق أن تروى.

قصة شاب نابه يسقط إذ فجأة فى قاع بئر مظلمة، ويتحول من مشروع ناجح إلى سجين فى سجن أمريكى بعيد عن والدته المعذبة، فتقرر الاستقالة من الوزارة لإنقاذ ابنها.

شهور طويلة قضاها رامى فى غيابات الجب، وقلب والدته يحترق، كم تعذبت هذه السيدة العظيمة، ما يحسش بالنار إلا اللى كابشها.

رسالة النبيلة بالأمس سطورها مبللة بدموع الفرح، السطور ترقص فرحًا بين يديها، رسالة بعلم الوصول بتوقيع حبيب القلب رامى إلى قلب أمه المفطور، يبلسم جرحها النازف، ويرسم ابتسامة غابت عنها طويلًا، قلب الأم، قلب الأم كعود المسك كلّما احترق فاح شذاه.

رسالة رامى من سجنه، تحوى 99 سطرًا، كل سطر يترجم حكمة، وكل حكمة متبوعة بنصيحة لأقرانه حتى لا يسقطوا تباعًا فى البئر المظلمة. الشاب وراء القضبان حوَّل المحنة إلى منحة، صح القول ما من مِحنَة إلا وراءها مِنْحة، وقال ابن الجوزى: وإنما البلاء المحض ما يشغلك عنه، فأما ما يقيمك بين يديه ففيه جمالك..

ومن فوائد المحن أنها تجعل بين الإنسان والخطأ والزلل حاجزًا نفسيًا عميقًا، فلا يقع فيه مرة أخرى، ويتخذ بعده سبيلًا يرفعه ولا يخفضه، يعزه ولا يذله، وهذا ما حوته السطور، التى لا تتسع المساحة لنشرها..

المحنة تستنفر الطاقات الكامنة فتظهر قدرة الإنسان الحقيقية، فمن المحن تأتى المنح، ومحنة الشاب رامى فهيم قاسية، شاب متعلم مثقف فى مقتبل العمر، يسقط فى بئر عميقة، تحوطه الظلمة، لكنها أشعلت نوره الداخلى، وعلى ضوء روحه كتب سطوره، حروف من نور، علامات على طريق النور..

أوعز من سجنه لوالدته بتأسيس مؤسسة (فاهم) لتقديم الدعم النفسى لمن يسقطون على الطريق، يأخذ بيدهم، وبعدها اتجه إلى كتابة خطابات وأشعار ومقالات وأقوال تحفيزية وتأليف مقطوعات موسيقية، وتعلم اللغة العربية داخل السجن.

الطريف، رامى عادة يبلغ حراس السجن برقمه التسلسلى فى السجن (999) كل يوم، اقتبس من رقمه التسلسلى رقمًا ذا دلالة (99)، اتجه أنجز كتابة (99) قولًا تحفيزيًّا لمساعدة كل مَن يعانون من محنة أو اضطراب.

رامى حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة كاليفورنيا الجنوبية، ودرجة ماجستير من جامعة كولومبيا، وعمل خبيرًا للبيانات.. وكان ينتظره مستقبل واعد.. لم يفقد روحه عاد من بعيد ليكتب حكمًا ملؤها الثقة فى الله.

رسالة رامى لا تقل إنسانية عن رسالة هذه السيدة العظيمة التى ابتليت فصبرت، وحولت المحنة الشخصية إلى منحة ربانية، جسدتها فى برنامج دعم نفسى لإنقاذ آلاف النفوس المعذبة، والطبطبة على الأسر المتعبة من جراء الأمراض النفسية التى شاعت بين الناس، وقد تدفعهم إلى اليأس والانتحار.

هذه اليد الحانية، والنفس الراضية، تستحق دعمًا من الأحباب، وكتابات المحبين عن النبيلة تدفعها إلى المزيد من العطاء، رغم ألمها، ومحنتها، تخرج من شرنقة الحزن، كالفراشة ترفرف بأجنحتها الملونة، تنشر السعادة فى النفوس، النبيلة سعيدة برسالة رامى، السعادة قرار وأنت مسؤول عنه.

حمدي رزق - المصرى اليوم
07 مايو 2025 |