خلاصة مشروع القانون، رفع القيمة الإيجارية للوحدات السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم، بحيث لا تقل عن (1000 جنيه) فى المدن والأحياء، و(500 جنيه) فى القرى، مع زيادة سنوية منتظمة بنسبة (15%)، خلال فترة انتقالية مدتها (خمس سنوات)، بعدها تعود الوحدة المؤجرة إلى مالكها الأصلى، إلا إذا اتفق الطرفان على تمديد العقد بشروط جديدة.

ويحق للمالك اللجوء إلى (قاضى الأمور الوقتية) بالمحكمة للحصول على حكم بالإخلاء الفورى، ويتيح مشروع القانون الجديد فرصة للتفاوض بين الطرفين، وفتح الباب أمام توقيع عقود جديدة بشروط جديدة يتفق عليها الجانبان.
ما ينوب المخلص إلا تقطيع هدومه.. هذا حال حكومة الدكتور مصطفى مدبولى التى امتلكت شجاعة تمرير القانون إلى مجلس النواب، أخشى من تبعات تطبيقات مشروع القانون الجديد.. يلزم الحذر. مهمة مجلس النواب محفوفة بالقلق، الشروع فى إقرار مثل هذا القانون ليس نزهة خلوية، قانون شائك، يمس ملايين الآمنين فى بيوتهم، وسيخلف آثارًا مجتمعية تستوجب الحذر.
هناك تربص بالقانون، رفض صارخ من مجتمع المستأجرين للمساس بالإيجارات القديمة فى ظل أوضاع معيشية غاية الصعوبة. فضلا أوضاع الملاك ليست أحسن حالًا، يترجون الله فى حق النشوق، وهم بملكياتهم القديمة أثرياء على الورق، ولكنهم فقراء إلى الله، ويطالبون بالإنصاف.
من يتحمل فاتورة الإنصاف، هذه هى المشكلة، العقدة التى يستوجب البحث لها عن حلول واقعية.. ليست بفتحة الصدر!
يجب على مجلس النواب التروى وإقامة حوار عقلانى بين تكتلات المستأجرين والملاك، الاحتراب على أشده، وسبل الحوار متقطعة، أقرب لـ(فتنة مكتومة) ستنفجر فى وجوهنا. التحذير لا يدخل فى باب التخويف، ولكنه مدعاة للتفكر والتدبر والوقوف على حروف القانون، هذه قضية فيها نَظَرٌ.
مستوجب مجتمعيًا أن يقف الطرفان (الملاك والمستأجرون) كلاهما موقف الآخر قبل إعلان الرفض التام، يتحليان بالحكمة، وليعذر بعضهم بعضًا، وليضع كل منهما نفسه مكان الآخر ويرى هل هذا من العدل فى شىء أن يظل الحال على حاله دون تحريك عادل. هل يقبلها المستأجر على نفسه إذا كان مالكًا، هل يقبلها المالك على نفسه إذا كان مستأجرًا، هل يقبلها أحدهما على الآخر؟
وبهدوء، لو كنت مالكًا، هل تقبل على مستأجر أن يهجر مسكنه الذى مضى فيه جل عمره، وعاش بين جدرانه الأربعة، وفيه ذكرياته وأفراحه وأتراحه، وأيام عمره منقوشة على الجدران.
ولو كنت مستأجرًا قديمًا، هل تقبل على مالك أن يمتلك بيتا سعره بالملايين وأنت تدفع الملاليم، أن تقبل على نفسك يسرًا ومالك العقار يتسول ثمن الدواء والعلاج، وربما لا يجد مسكنًا لولده، وتكتفى بإلقاء جنيهات قليلة فى وجهه كل شهر أو تسكنها خزينة المحكمة.
ولو كنت مستأجرًا وتعانى شظف العيش، أليس هناك مالك يعانى نفس الظروف القاسية على الجميع، وإذا كنت لا تحتمل تحريكًا، كيف تحتمل عليه ثبات الإيجار فى ظل سعار الأسعار؟.
زمان، ناس طيبة سكنت بيوت ناس طيبة فى زمن طيب، والفصل بين الطيبين يحتاج حكماء (طيبين)، حتى لا تتمزق الهدوم (هدوم المخلص)، الفريقان حالتهما صعبة، ويحتاجان لمن ينتشلهما من لجة الموج الصاخب حول هذه القضية.