القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

شوارعها تُغسل بالماء والصابون.. لماذا كانت «القاهرة» أنظف مدينة في العالم قبل 100 سنة؟

«بدأت القاهرة تستعيد شكلها الذي جعلها تستحق لقب باريس الشرق قبل مئة عام، ونحن الآن نسعى لإعادة عصرها الذهبي من خلال مشروعات التطوير الكبرى، ونقل الوزارات والمصالح الحكومية إلى العاصمة الإدارية، بعد أن كانت معظم

شوارعها تُغسل بالماء والصابون.. لماذا كانت «القاهرة» أنظف مدينة في العالم قبل 100 سنة؟

أحياء القاهرة تعاني من الزحام والكثافة السكانية».. بهذه الكلمات، استدعى الدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، ما يجري اليوم من توسعة شوارع وبناء كباري ونقل مؤسسات، ضمن خطة متكاملة تهدف إلى عودة القاهرة إلى سابق

عهدها، مؤكدًا في حوار لـ«الأهرام» أن الجهود الحكومية الحالية تعيد للعاصمة المصرية ملامح كانت قد طُمست لعقود، بعد أن فقدت شيئًا فشيئًا رونقها القديم الذي جعلها تُلقب بـ«باريس الشرق» في بداية عشرينيات القرن الماضي.

كيف كانت القاهرة في بداية عشرينيات القرن الماضي، الفترة التي خصها محافظ القاهرة بالذكر؟ سؤال تبادر إلى الأذهان لتخيل الشكل المستقبلي للقاهرة التي حصلت حصلت على لقب «أجمل وأنظف مدينة» في حوض البحر المتوسط وأوروبا.

شوارع القاهرة تُغسل يوميًا بالماء والصابون

في عام 1925، حصلت القاهرة على وسام «أجمل وأنظف مدينة في البحر المتوسط»، متفوقة على عواصم تاريخية مثل لندن، وباريس، وبرلين، وفيينا. جاء ذلك وفق معايير صارمة اعتمدت على نظافة الشوارع، ومستوى

البنية التحتية، والتخطيط العمراني، والتناسق الجمالي في المباني والأحياء، إذ كانت شوارع القاهرة آنذاك تتمتع بمجموعة من المواصفات مثل أرصفة واسعة، وشبكات تصريف مياه منتظمة، بالإضافة إلى

أشجار مزروعة، وإنارة ليلية، في مشهد ينافس أشهر مدن أوروبا، ومن شدة نظافة الشوارع قيل أنها كانت تُغسل كل ليلة بالماء والصابون، وفقًا للكاتبة صفية مصطفى أمين في أحد مقالاتها بـ«المصري اليوم».

كانت القاهرة في ذلك الوقت نموذجًا نادرًا للتناسق الحضاري والثقافي، حيث التقت فيها الحداثة الأوروبية بسحر العمارة الإسلامية الشرقية، وقد وصفها أحد الرحالة الأوروبيين بأنها تجمع بين حداثة باريس، وسحر فيينا، وعراقة إسطنبول.

جوهرة الشرق.. والقاهرة مدينة الألف مئذنة

منذ نشأتها في العصر الفاطمي عام 969م، حملت القاهرة روحًا فريدة جمعت بين العراقة والتجديد، احتفظت بأبوابها التاريخية مثل باب زويلة، وباب النصر، وباب الفتوح، واحتضنت المآذن التي أعطتها لقب «مدينة الألف مئذنة»، كما كانت موطنًا للحرف والفنون الشعبية مثل العردحلجي، والمجبراتي، وبائع العسل المتجول، بالإضافة إلى فنون الشارع مثل الأراجوز والساحر وعازف البيانولا.

وقد توثق هذا الجمال في عشرات الصور النادرة، التي التقطها المصورون الأجانب بين عامي 1900 و1930، وظهرت فيها القاهرة كمدينة أوروبية المظهر، شرقية الروح. ومع دخول الترام إلى القاهرة عام 1892، تغيّر وجه المدينة، وأصبحت وسائل

التنقل أسرع وأكثر كفاءة، وازدادت الطبقات الاجتماعية الجديدة مع ازدهار التجارة، وبدأت الطبقة المتوسطة والعليا تتبنى أنماطًا جديدة في الملابس، حيث ارتدت السيدات الفساتين الأوروبية، والرجال الطرابيش والبدل الرسمية.

المحلات التجارية حملت أسماء أجنبية، والمقاهي انتشرت بنمط يشبه «البيسترو» الفرنسي، وظهرت في أحياء وسط البلد ميادين بتصميم هندسي أوروبي مثل ميدان الأوبرا وميدان العتبة.

الخديوي إسماعيل، كان له أثر كبير في تحويل القاهرة إلى مدينة تضاهي أوروبا، ففي فترة حكمه من 1863 إلى 1879، تبنى مشروعًا حضاريًا عملاقًا لتطوير القاهرة، واستعان بالمهندس الفرنسي هاوسمان، الذي صمم شوارع باريس، لتخطيط أحياء جديدة في العاصمة المصرية. وأنشأ إسماعيل قصورًا وحدائق وشوارع عريضة، وربط بين الأحياء عبر جسور وحدائق ومبانٍ فخمة، ما جعل القاهرة، كما أراد، «قطعة من أوروبا».

من المجد إلى التراجع.. ماذا حدث في القاهرة؟

رغم هذه الصورة الحضارية، فإن القاهرة تلقت ضربات موجعة عبر التاريخ؛ بداية من الطاعون الذي ضربها في القرن الرابع عشر، مرورًا بالاحتلال العثماني ثم البريطاني، وحتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الكثافة السكانية، وتغيرات ديموغرافية أثرت على معالم المدينة.

ومع حلول القرن العشرين، ورغم استمرار بعض مشروعات التنمية، بدأت القاهرة تفقد تدريجيًا ملامحها القديمة، وتآكلت شوارعها بفعل التكدس والزحف العشوائي، وتراجعت البنية التحتية أمام موجات

الزيادة السكانية، التي بلغت ذروتها في العقود الأخيرة. واليوم تسعي الدولة المصرية لوضع القاهرة على خارطة التطوير الحضاري من جديد، وتعكس تصريحات نائب محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر

حجم الطموح في استعادة أمجاد المدينة التاريخية، وذلك من خلال نقل الوزارات والمصالح الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة لتقليل الضغط، وتوسيع المحاور المرورية، وبناء الكباري والأنفاق،

وتحسين البنية التحتية، كما تشمل الخطط الحكومية الحفاظ على المناطق التراثية، مثل القاهرة الفاطمية، وإحياء الحرف القديمة عبر دعم المشروعات الصغيرة، إلى جانب التوسع في الحدائق والمناطق المفتوح

المصرى اليوم
01 مايو 2025 |